عنصرية إسرائيل قاطرة حملة "كراهية اليهود" عالميا!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 في نوفمبر 1975 اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3379، "أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيدلوجية الصهيونية كونها تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين.

ورغم ان أمريكا تمكنت من فرض إلغاء القرار ديسمبر 1991، شرطا لعقد مؤتمر مدريد، لكن جوهر القرار نصا وممارسة زاد بمختلف مظاهره، في فلسطين التاريخية، رغم توقيع اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) عام 1993، لكن دولة الكيان ذهبت لقتله مبكرا فاغتالت موقعي الاتفاق، رئيس وزرائها و"بطلها القومي" اسحق رابين تأكيدا لرفض كل فرص بناء سلام بلا كراهية وعنصرية، ثم جاء اغتيال الشريك الفلسطيني المؤسس ياسر عرفات، استكمالا للمظهر العنصري برفض الفلسطيني شريكا.

ودون أي تأثير لإلغاء القرار من الجمعية، فقد أصدرت مؤسسات الأمم المتحدة قرارات تعيد الاعتبار للربط بين الممارسة الصهيونية والعنصرية، وأضيف لها تعبير جرائم الحرب التي أصبحت سمة للكيان الإسرائيلي، ومنها الاستيطان وعمليات "الإبادة الفلسطينية" في السنوات الأخيرة، وابرزها تقرير غولدستون الذي فضح أبعادا جديدة للمنظومة العالمية عن دولة الكيان، ثم  قانون "القومية" الذي يحيل 22% من سكان فلسطين الأصليين الى سكان بلا حقوق سوى ما تقرره الحكومة الصهيونية، فلم يعد بالإمكان تغطية السمة التي ارتبطت بالكيان فكرا وممارسة.

ما قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وأحداث الشيخ جراح، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية فبراير 2021 قرارها حول ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية، ما فتح الباب لملاحقة قادة إسرائيل المتهمين بجرائم حرب.

في أبريل 2021 اعتبرت المنظمة الأمريكية (شبه رسمية) هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته، إن "السلطات الإسرائيلية ترتكب الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد. تستند هذه النتائج إلى سياسة الحكومة الإسرائيلية الشاملة للإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".

وخلال أيام الحرب على قطاع غزة ومواصلة العمل على تهجير عائلات الشيخ جراح، والتفاعلات التي حدث داخل المدن المشتركة في إسرائيل، بدأت حركة إعلامية – سياسية غير مسبوقة تطارد البعد العنصري في السياسة – الممارسة الإسرائيلية، ولعل الظاهرة الأبرز كانت في الإعلام الأمريكي، خاصة المعروف تاريخيا بانحياز أعمى لغير الحقيقة والدفاع عن عنصرية إسرائيل وجرائم حربها، فكان تغييرا مفاجئا، أخذ في القاء الضوء على الجوانب الظلامية للكيان العنصري، ترافق مع بروز نقاشات وحراك داخل الكونغرس وعلى هوامشه، وفي مختلف المدن الأمريكية.

وجاء تصريح وزير خارجية فرنسا لودريان في مايو 2021 حول البعد العنصري في السياسة الإسرائيلية، بعد وقف الحرب على قطاع غزة، وما كشفته من جرائم حرب، كقنبلة فاق صداها حدود المكان في باريس، خاصة وهو أول وزير خارجية دولة أوربية كبرى يتحدث عن عنصرية إسرائيل منذ عام 1948، وسيفتح الباب واسعا في وقت لاحقا أمام دول أوربية أخرى، ولذا كان رد فعل الطغمة الفاشية الحاكمة في تل ابيب "هستيريا"، كونها تدرك أكثر بكثير من "الرسمية الفلسطينية والمكونات الحزبية" قيمة ذلك التصريح.

كشف عنصرية دولة الكيان ومطاردتها تتزايد بشكل متسارع، وقد يكون ما يفوق المتوقع وفي مختلف المجالات، وجاء قرار مجلس حقوق الإنسان حول تشكيل لجنة دائمة للتحقيق في جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني مايو 2021، كـ "قاطرة قانونية – سياسية" لمطاردة الكيان، ولم تعد أمريكا بكل جبروتها قادرة على طمس الجوانب الإجرامية – العنصرية، بعد أن كسر إعلامها ذلك الجدار الأصم.

العنصرية وجرائم الحرب التي تمارسها إسرائيل أصبحت محركا رئيسيا لنشر الكراهية والعداء لليهود، دون تمييز، رغم ان بعضهم يقفون في صفوف مواجهة ذلك الخطر الداهم، ومع تواصل تلك السياسة ستتسع حركة العداء والكراهية، وتعيد الطريق لاعتبار "اليهودي" منبوذا وجب تجنبه ومحاربته، كما كان يوما، ما لم يتم حصار ملامح دوافع تلك الكراهية المتنامية، ولن تنفع معها اكذوبة العداء للسامية التي تطلقها الطغمة العنصرية ...

العداء لليهود الوجه الآخر للعنصرية الصهيونية وممارسة الكيان وسلوكه ضد الفلسطيني بصفته وهويته وأرضه...وإسرائيل الدولة هي قاطرة ذلك العداء لا غيرها!

ملاحظة: سلوك حماس الاستعراضي في قطاع غزة بعد وقف الحرب، مثل عزف منفرد شاذ عن السلوك الوحدوي الفلسطيني خلال العدوان وصده...حماس وغيرها قادت المعركة لكن الناس من دفع ثمنها...فلا تنسوا ذلك يا سادة!

تنويه خاص: سريعا يجب تشكيل "ائتلاف قانوني – سياسي" فلسطيني من خارج الرسمية، للمساعدة في تنفيذ القرار التاريخي لمجلس حقوق الإنسان بتشكيل "لجنة دائمة" لملاحقة جرائم الحرب الإسرائيلية...