الذعر الهستيري الذي أصاب "الليكود"، صرخات الاستغاثة، الشتائم، التحريض غير المحدود، وفقدان السيطرة الكامل للزعيم، كل تلك دلائل واضحة أكثر من أي شيء آخر على الحاجة الملحة لطرد عصابة المشاغبين هذه من السلطة. اذا كانوا هم الاشخاص الذين يحددون ما هو اليمين؛ واذا كانت تتعلق بهم كرامة الشرقيين، مثلما قال افيشاي بن حاييم؛ واذا كانت القيم الوطنية اليوم هي الوحل الذي يمرغون به "الخونة" الذين تجرؤوا على محاولة تشكيل حكومة بديلة، فيجب عليهم الابتعاد، جميعهم وليس فقط بنيامين نتنياهو.
إن ثوران هذا البركان فقط سيزداد في الايام القريبة الى حين أداء الحكومة اليمين، اذا صمدت الاتفاقات حتى ذلك الحين، واذا لم يهرب أي منشق واذا لم يرجع أي واحد منهم الى الكفر. الحقيقة هي أنه يحتاج الى درجة كبيرة من الشجاعة الشخصية من اجل الوقوف امام تهديدات رجال عصابات، في الوقت الذي يحتاج فيه رجال الحراسة كل يوم الى فحص سيارات اعضاء الكنيست ومرافقتهم هم وأولادهم وابعادهم عن التجمعات خوفا من أن يستل شخص ما مسدسا أو أن يلقي قنبلة عليهم.
الحكومة التي سيتم تشكيلها، والتي نأمل بأن تجتاز بسلام، ماديا وسياسيا، العقبة الاخيرة، ليست حكومة الاحلام لأي ناخب. لو أن حكومة كهذه تم وضعها كرزمة واحدة كي يقوم الجمهور بانتخابها، ولم تكن نتيجة ولادة خارج الرحم ومكونة من قطع غيار غير متناسبة، فمن المشكوك فيه أن تحصل على عدد المقاعد الذي ستستند اليه. وقد نجحت في فعل الامر غير المحتمل فقط بسبب القاسم المشترك الوحيد بين مكوناتها وهو ازاحة نتنياهو. ائتلاف لكثيرين ضد شخص واحد، يشكل جوهر الفساد والانانية والكذب والخداع.
في البداية يبدو أن الهدف غير مقنع. ولكن للاسف هو غير مهم بما فيه الكفاية، وينقصه عمود فقري فكري، بقيادة يسار هستيري جمع في الطريق عددا ممن لديهم شهوة للسلطة لم تتحقق، من اوساط اليمين. شعار "فقط ليس بيبي" اعتبر شعارا لا توجد فيه أي ايديولوجيا، وشعارا فارغا يمثل صراعا شخصيا، وشعارا عاريا من أي غطاء قيمي ومن أي رؤية مهما كانت، سواء من اليمين أو من اليسار. صحيح، قال الساخرون، أن نتنياهو متهم بمخالفات جنائية، وأنه شخص يحب الملذات ويستغل ويخادع، وأنه لا يجب تصديق أي كلمة يقولها، لكنه يعتبر أقل الشرور. ربما يجب عليه الذهاب، اعتذروا، لكن يجب على "الليكود" مواصلة الإمساك بعجلة القيادة؛ لأن حكمه هو الذي أحدث التعديل التاريخي. ولكن بدون نتنياهو لا يوجد أي جدوى من "الليكود". بصورة ماكرة تم اقتراح أن يتولى شخص ما من الحزب منصب رئاسة الحكومة بدلا منه، وايضا التناوب الذي وضع على الطاولة كان هدفه مشابها. لأن الهدف هو ابقاء "الليكود" في الحكم وإبقاء نتنياهو في بلفور.
بعد ذلك تم الإثبات بأن إزاحة نتنياهو ليست موضوعا شخصيا فقط. بل هذه ضرورة وطنية، ايديولوجية، ديمقراطية وثقافية. خلق نتنياهو ثقافة سياسية تقدس الزعيم الأعلى. وقد قام بإملاء قواعد الديمقراطية والاستخفاف بجهاز القضاء. وقام بسجن نصف السكان في غيتو الخونة، وأنشأ ثلاثة شعوب يهودية في دولة واحدة وهي شعب في "المناطق" وشعبان داخل الخط الأخضر: خونة ويمينيون. قام نتنياهو بسحق الأقليات وخطط لضم "المناطق" وإدخال إسرائيل في مسار تصادم مع أميركا وسيطر على أجزاء كبيرة من وسائل الإعلام ونجح في اقناع الجمهور بأنه لا بديل عنه. ولم نتحدث بعد عن محاكمته.
خلق نتنياهو دولة لا تناسب مواطنيها – دولة بقيادة مليشيا سياسية عديمة الكوابح، لم تحسب أي حساب لأحد، واعتقدت بأنها خالدة، الى أن تعفنت جذورها. ورغم أن حكومة برئاسة نفتالي بينيت سيتم تشكيلها من أشخاص ايديولوجيين، كل واحد حسب قيمه، إلا أنها لن تكون حكومة ايديولوجية. يجب أن لا تكون هكذا إذا أرادت البقاء. هي ستكون حكومة جاءت للإبادة والتطهير من اجل أن نستطيع التنفس هنا. هذه هي القيمة العليا، الحق في الحياة.
عن "هآرتس"