مقالي اليوم هو رسالة واضحة لإصلاح العمل الدبلوماسي الفلسطيني. قد نتفق ان حلول بعض الامور السياسية والمتعلقة بالاحتلال بالتحديد ليست بأيدينا، ولكن اصلاح الدبلوماسية الفلسطينية هو ملف فلسطيني بحت ويمكن اصلاحه خلال ايام وببساطة اذا تم احترام وتنفيذ القانون الفلسطيني، اصلاح التمثيل الدبلوماسي لا يتطلب دراسات ولا عبقرية ولكنه يحتاج بالدرجة الاولى لاحترام القانون والعمل على تنفيذه.
اليوم أود التطرق الى مجموعة نقاط بسيطة ومباشرة من شأنها مساعدة صانع القرار للانطلاق بالاتجاه الصحيح؛ أولاً من المهم التنبه إلى حقيقة أنه في فلسطين يوجد قانون للسلك الدبلوماسي رقم (13) لعام 2005. بالرغم من ضرورة مراجعة القانون، اذ أن هذا القانون قدم كل تفاصيل ما يتعلق بمهام وهيكلية وزارة الخارجية والعاملين بالسلك الدبلوماسي، واستناداً لهذا القانون، سأتناول اليوم بعض المواد التي لا بد من احترامها والبدء بتطبيقها فوراً اذا ما قررنا اصلاح الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية:
١- المادة (17) نصت على مدة العمل الدبلوماسي في الخارج وجاء فيها أنه يكون الحد الأقصى للعمل الدبلوماسي في دولة واحدة 4 سنوات ويجوز بقرار من وزير الخارجية تمديد مدة عمل موظف السلك لسنة واحدة فقط في الدولة ذاتها. اي القانون يسمح بالقاء في دولة واحدة وخدمة مدة 5 سنوات بعد الاستثناء!
٢- المادة (18) حددت المدة القصوى للعمل المتواصل في الخارج لموظف السلك الدبلوماسي أن لا تتجاوز الـ 10 سنوات. اي بعبارة اخرى، بعد الاستثناءات في دولة واحدة لا تتجاوز 5 وفي دولتين متتاليتين بحيث لا تتجاوز 10 سنوات.
بالاشارة للمادتين 17 و18، وجب التنويه ان هناك مخالفات صريحة ومُبالغ بها في العديد من الدول ومنها على سبيل المثال لا الحصر تمثيلنا في ايران، السعودية، مصر، العراق، اليابان، سويسرا، نيويورك (الامم المتحدة)، اسبانيا، الدنمارك، فنلندا، اليونان، فرنسا، المانيا، بلجيكا، الاتحاد الاوروبي وغيرها. على صانع القرار الفلسطيني البدء فوراً بمراجعة اسماء الدبلوماسيين المخالفين لهذه المواد وأخذ القرارات المناسبة بحقهم وتعيين سفراء جُدد في هذه الدول.
٣- المادة (22) نصت على سن التقاعد وأوضحت انه يجب احالة موظف السلك للتقاعد عند بلوغه سن الستين 60. ويجوز حسب القانون الفلسطيني تمديد خدمة السفراء استثنائياً سنة واحدة قابلة للتجديد بموافقة الرئيس بتنسيب من وزير الخارجية بحد أقصى 5 سنوات.
وجب التنويه ان هناك مخالفات عديدة لهذه المادة ومنها على سبيل المثال تمثيل فلسطين في البحرين وفرنسا وايران والسعودية والجزائر وغيرها، يتوجب على صانع القرار وفوراً تطبيق القانون وعدم السماح بهذه المخالفات الصريحة في كثير من دول العالم.
لن نتطرق لمسألة تضارب المصالح والعلاقات والانتماءات ولن نتطرق لكفاءات هؤلاء الممثلين الرسميين لفلسطين، ولن نتطرق لمخالفات قانونية أخرى تتعلق بالتعيينات والنزاهة وغيرها. سنكتفي اليوم بالمواد المذكورة أعلاه راجين من صانع القرار ان يتولى هذا الملف الحساس فوراً.
من الجدير بالذكر أن فلسطين ومنظمة التحرير تتمتع بمكاتب تمثيلية دبلوماسية رسمية في اكثر من 114 بعثة بشكل مقيم واكثر من 60 ممثلا غير مُقيم.
نعلم جيدا أن الدبلوماسية عملية تحتاج وقتا وصبرا وتخطيطا، ولكن من واجب المؤسسة الدبلوماسية الفلسطينية التي نعول عليها كثيرا في هذه الأيام أن تحترم عقول المواطنين وتتبنى عملية إصلاح كاملة تليق بهذا الشعب الصامد وما لديه من إمكانيات.
نحن بحاجة الى احترام وتفعيل فوري للقانون وبحاجة لتوحيد الجسم المسؤول عن التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني الخارجي وبحاجة لتفعيل ما نص عليه القانون من معهد دبلوماسي وطني للارتقاء بمستوى الأداء الفردي ولتنظيم ومراجعة التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني الذي نتبناه كأداة أساسية في تحقيق تطلعاتنا الوطنية، لا بد من التنويه هنا لبعض الممثلين المميزين المعروفين ولكنهم قِلة.
اذا كانت الدبلوماسية هي أداة رئيسية لتحقيق مصالح الدول ومخاطبة الرأي العام في الدول الأخرى مُنذ معاهدة ويستفاليا 1648 التي تعد اول اتفاقية دبلوماسية في العصور الحديثة، وصولا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 واتفاقية العلاقات القنصلية 1963، التي تعد بمثابة إنجيل الدبلوماسية الحديثة فيما يتعلق بالتعيينات والامتيازات وغيرها، أطالب هنا ومن حرصي وإيماني بالإستراتيجية الدبلوماسيّة ان يقوم الرئيس بإصلاح فوري وتعديلات تطال وزارة الخارجية والعمل الدبلوماسي.