بعد وقف النار بساعات، سارعت القوى السياسية في قطاع غزة الى الخروج بمسيرات استعراض عسكرية، كل باسم جناحه الخاص، لم يكن بينها جامع موحد لما جسدته "المعركة المشرقة"، لتكشف أن الثقافة "الحزبوية" مكون جيني يحتاج الى ثورة تعديل كيماوي وليس لغوي لتصويبه.
وأخيرا، انتهت الحركة المهرجانية "الاستعراضية"، التي لم يكن لها من حيث المبدأ ضرورة وطنية، سوى تعزيز "الذات" في سياق سباق بين فصيل وآخر، او رسائل "موجهة" الى طرف فلسطيني لم يكن جزءا من المعركة العسكرية، محملة بعناصر أن ما كان قبل 10 مايو ليس هو ولن يكون ما بعده، دون تدقيق فعلي بجوهر تلك المسألة، رغم ما بها من صواب نسبي، لكنها محكومة جدا بنطاق جغرافي محصور في قطاع غزة.
من حق أطراف معركة "الحدث العسكري" قطف بعض من "ثماره"، وتلك بديهية لو استقامت الى نهايتها الصائبة، ولكن ما حدث من سلوك مواقف لا يشير الى أن الأمر تصويبا لمسار يجب تصويبه، بل الى عقلية استبدالية، وكأن المشهد الفلسطيني بات محشورا في 365 كم مربع، وليس فلسطين وطنا وشتاتا، وأن الفرحة الشعبية بصاروخ غزة لا يعني بالضرورة صاروخ سياسي في بنك هذا الفصيل أو ذاك، فتلك "معادلة" أكثر تعقيدا بكثير من الترجمة الساذجة التي يعتقدها البعض.
والى حين قراءة أخرى حول "الإعمارين" المطلوبين للفلسطيني، (الإعمار الأكبر والإعمار الأصغر)، يجب أن نقف برهة من الزمن أمام "ضحايا الحرب" في قطاع غزة، وأن يكون لهم الحق في التعبير عما اصابهم من كارثة إنسانية، وثمن يجب ألا يبقى جزءا من "تاريخ" بعد أن أصاب عشرات آلاف من أسر قطاع غزة.
الحديث عن "ضحايا الحرب" هو جزء تكميلي لها، ليعرف العالم أن المأساة الفلسطينية لم تنته عند حدود قصف مدن وبلدات إسرائيلية كرد على جريمة سياسية، وأن الضحية لا زال هو أهل البلد الأصليين سكانا وقضية، وأن جرائم الحرب هي جزء تكويني من نظام الحكم القائم في دولة الكيان.
مهرجان "ضحايا الحرب" هو تحرك لا بد منه ردا على محاولة دولة الكيان وإعلامها ومن يناصرها، حول استخدام البنى السكنية، ومدارس ومؤسسات لعمل عسكري ما، مهرجان يكشف أن الدمار الأخير الذي طال أهل قطاع غزة ليس حدثا ثانويا، بل هو الحدث الذي يبقى أثرا لجرائم الحرب.
مهرجان "ضحايا الحرب" في قطاع غزة يمثل سلاحا سياسيا وإنسانيا يفوق كثيرا بقيمته وتأثيره مهرجانات الفصائل المسلحة، لأنه يظهر الوجه الآخر للحرب العدوانية، ولا يجب الاعتقاد ان العالم قد رأى ما حدث، فالحدث ينتهي عند نهاية أخرى.
لا نقيصة سياسية أبدا في تبيان كم ما أصاب الإنسان الفلسطيني، المواطن من ثمن في عدوان لم يكن يحارب بل يمارس الجريمة حيثما أمكنه ذلك، وفي قطاع غزة بدل الشاهد عشرات.
مهرجان "ضحايا الحرب" في قطاع غزة يجب أن يبدأ بعمل تكريمي عام للأسر الفلسطينية التي غادرت السجل المدني ودخلت سجل الخالدين، وأن يمنح أسم كل أسرة منها وساما وطنيا، وقرار بإقامة نصب تذكاري خاص لها، لتصبح عنوانا لشكل جديد من أشكال جرائم الحرب...
مهرجان" ضحايا الحرب" في قطاع غزة، ه البعد الإنساني لمعركة الـ 11 يوما التي تكمل لوحتها الخاصة، وتمنحها شكلا مختلفا كي تعيش في الذاكرة الخاصة لشعب فلسطين...
مهرجان "ضحايا الحرب" أكثر قيمة وطنية من استعراضات عسكرية لا قيمة لها وطنيا!
ملاحظة: تعامل البعض مع صفعة الرئيس الفرنسي ماكرون بخفة غريبة..ولم يروا فيها عمق النظام "غير الفاشي" ثقافيا وإنسانيا... تخيلوا لو حدث ذلك مع مسؤول عسكري في قطاع غزة أو مسؤول سياسي في الضفة..بلاش نروح لغيرهم..النتيجة عندكم!
تنويه خاص: بينيت الإرهابي النموذجي للصهيونية أصبح بين ليلة وضحها "شرير"..فقط لأنه قرف من استمرار الفاسد الأكبر...هيك أحزاب وأطراف ممكن تكون شريكة مع غير أرهابيين زيهم...رسالة للبعض العربي قبل الفلسطيني