المنظمة… لا صالون ولا تحرير

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

آخر ضربة حقيقية وجهتها منظمة التحرير الفلسطينية لنفسها كانت في توقيعها اتفاقية اوسلو التي اعطت اسرائيل كل ما تريد مقابل بعض الفتات، اتبعتها بإلغاء نحو عشرين بندا من الميثاق الوطني الفلسطيني التي تتعلق بالنضال الوطني والقومي والأممي وبتحديد زوايا النظر الى الكيان وطرائق التعامل معه، حتى انها أسهمت في شطب قرار للأمم المتحدة عن عنصرية الصهيونية. أتبعتها بشجب اي عمل عسكري حتى لو لم يكن من فصائلها المنضوية تحت سقفها، لكنها فقدت الكثير من شعبيتها عندما اصبحت تتنطح وتتصدى للمقاومين باعتقالهم والتحقيق معهم واصدار الاحكام ضدهم وهم خيرة ابنائها.
وفي سياق التنابز السياسي من انها تحولت الى “صالون سياسي”، مهم التذكير انها بتشكلها وتأسسها عام 1964 في القد، كانت اهدافها غير ما هي عليه لاحقا، لأن اسرائيل لم تكن قد احتلت بقية فلسطين، لكن هذه المنظمة سرعان ما بدأت بحرف بوصلتها، عندما اعلنت انها على استعداد لاقامة “الدولة المستقلة”، ومن أجل ذلك فتحت حوارات سرية مع اسرائيل بلغت عام 1986 خمس قنوات: محمود عباس مع شلوميت الوني واوري افنيري، وليد الخالدي مع ابا ايبان، سعيد كمال مع زوار القاهرة، بسام ابو شريف مع ابراهام تامير، رجال اعمال فلسطينيون في اوروبا مع بن اليعازر وافرايم سنيه . وبالتأكيد ، لم تكن “عودة اللاجئين” هي موضوع النقاشات في هذه القنوات، وخلال سنوات اوسلو، خبت قضية اللاجئين في رؤوس المفاوضين، حتى ان رئيس المنظمة قال انه ليس مجنونا لكي يغرق اسرائيل بستة ملايين لاجيء. خبت ايضا قضية مليوني فلسطيني في الداخل، الذين هبوا مؤخرا بعد سبعة عقود من محاولات تهويدهم وتجنيدهم وترويضهم وتدجينهم وتهميشهم و يكشف القيادي في القيادة العامة انور رجا ، انه في اجتماع الفصائل الاخير في القاهرة آذار الماضي ، رفضت قيادة المنظمة تضمين توجيه التحية لهذه الجماهير في البيان الختامي.

 

فكم يتبقى من الشعب الذي تمثله المنظمة فعليا اذا استثنينا حماس والجهاد وتعليق الشعبية والديمقراطية حضورهما. منظمة لم تعد تستمع في أروقتها الا لنفسها، تقدميتها مرهونة بأمريكا وصداها الرجعي في الاقليم والعالم ، حتى في ظل ادارة ترامب لم توقف تعاملها الامني مع السي أي أيه، و المرأة الوحيدة في تنفيذيتها قدمت استقالتها.


المعنى الحقيقي العميق في تمثيل جسم سياسي كمنظمة التحرير لجماهير الشعب ، تمثيل تطلعات الناس في الحرية والاستقلال والنماء والمساواة، واذا كانوا لاجئين، بالتأكيد عودتهم المشروعة . فأين كل ذلك من منظمة التحرير ؟ وماهي الوسائل والمقومات التي تمتلكها لتحقيق ذلك . ومن مفارقات المضحك المبكي، ان الذي رد على السنوار من انها– المنظمة– صالون سياسي، وهو امين عام فصيل “أصلي” في المنظمة، عكف على تمثيلها في مؤتمر الصهيونية الاستراتيجي الذي يعقد سنويا في هيرتسيليا.


يقول فيلسوف معاصر: لا شيء أسوأ من مسن وضع أحلامه على عاتقِ ابنه، فأستيقظ في ملجأ عجزة.