تأبين القائد الوطني اللواء محمود بكر حجازي في رام الله

تأبين القائد الوطني اللواء محمود بكر حجازي في رام الله
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

نظَّم نادي الأسير الفلسطيني، وحركة فتح، بمشاركة هيئة شؤون الأسرى، والهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى، حفل تأبين للقائد الوطني اللواء الراحل محمود بكر حجازي، أول أسير في الثورة الفلسطينية المعاصرة، والذي توفي في 22 آذار/ مارس الماضي.

جاء ذلك في قصر الثقافة بمدينة رام الله، برعاية الرئيس محمود عباس، وبحضور حشد كبير من الفعاليات الوطنية، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، وكادر كبير من الأسرى المحررين وأبناء الأجهزة الأمنية وعائلة الأسير محمود بكر حجازي.

وبدأ حفل التأبين والذي أداره وزير الأسرى السابق عيسى قراقع بقراءة آيات من الذكر الحكيم والسلام الوطني على أنغام فرقة الأمن الوطني والوقوف دقيقة صمت وحداد على أرواح الشهداء وقراءه الفاتحة على أرواحهم الطاهرة.

وقال قراقع خلال كلمته في حفل التأبين: "في الخليل اختبأ الأسير الأول محمود بكر حجازي تحت كروم العنب، نام طويلاً، حرك الفأس واستخرج البندقية من باطن الأرض، لبى نداء البلاغ الأول، كانت دوالي الخليل تشد أعوادها وأغصانها وأوراقها في الحقول، تبني لمحمود الخيمة والخندق، ومن هناك وفي يوم 8/1/1965 انطلق محمود مع مجموعة من الفدائيين في عملية عسكرية شمال غربي قرية بيت جبرين قضاء الخليل، كانت الدوالي تقاتل، والنجوم والكنعانيون الأوائل".

وأضاف: "وقع محمود حجازي أسيراً جريحاً بعد اشتباكات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، وكان خلال الاشتباك يعصر قطوف العنب، يعصرها ويعصرها بارودا أملأ صموداً حتى ذابت الخليل في دمه ونامت بين ذراعيه سيدة لصورتها وشامة فوق سواعدنا، تكتب في جروحنا سيرة الدوالي التي رسمت خريطة وجودنا".

وتابع: ""محمود حجازي وجد في بساتين الخليل وصخورها بيتاً وطعاماً ورصاصاً، رفض أنّ يرحل إلى الخيام المبعثرة خلف الحدود، رفض أن يلحق بعربات وكالة الغوث ويقف في صف طوابير التموين، يكفيه عنب الخليل، تكفيه الخبزة والعكوب والعليق والخروب والرمان والدمع الطاهر الذي يصب في عروق الجليل".

وفي كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نائب رئيس الحركة محمود العالول، إن الراحل حجازي كان من أوائل الذين انتموا لحركة فتح وللثورة الفلسطينية، وامتلك القدرة والجرأة، حيث نفذ العديد من العمليات العسكرية الجريئة، وهو ممن تحملوا مسؤولية إطلاق الرصاصة الأولى التي كان لها دوي كبير بدد ظلام تلك المرحلة، وأدخل الشعب والقضية الفلسطينية لمرحلة نضالية ملكت شعبنا هويته النضالية، وقادته باتجاه امتلاك الحرية والارادة لخوض النضال لإنهاء الاحتلال.

واستعرض العالول المسيرة النضالية الثورية للراحل، حيث كان أول أسير فلسطيني، حينما جرح في احدى العمليات ووقع اسيرا، وافتتاحه لتجربة الأسر، وحيث كان الأول في تجربة التبادل لعملية الأسر لينال حريته ويتابع مسيرته النضالية.

وأردف: التقيته في مخيم برج البراجنة بعد أن نال حريته، حيث كان يدير مشاريع لمصلحة أبناء الشهداء"، مُوضحاً أنّ الراحل حجازي لم يهدأ أبدًا، ولم يترك ميداناً يعتب عليه، وكان حريصاً في كل ذكرى انطلاقة يساهم في إضاءة شعلة الانتفاضة التي كان يصر أن يصنعها بيديه، ورحل الفدائي ونحن بحاجة الى روحه التي لم تفتقد إلى الإصرار والإرادة والإيمان بحتمية النصر.

واستدرك: "لقد عادت القدس والتي هي مسقط رأس حجازي والتي كانت تسكن قلبه، لتكون مركز الحدث وليتقاطع من أجلها كل الفلسطينيين معا، فخضنا معركة من أجل القدس، وتوحد شعبنا لصد انتهاكات الاحتلال"، مُشدّداً على أنّ المعركة لم تنته، فاليوم مسيرة الأعلام، ولا يزال المستوطنون يقومون بانتهاكاتهم في الأقصى، ولا يزال حي الشيخ جراح محاصراً، وغيرها من الانتهاكات، ولا بد من تكاتف الشعب الفلسطيني وأن تبقي البوصلة متجهة نحو القدس ونحو التناقض الأساسي وهو المحتل .

من جانبه، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر: "إنّه مرًَ 40 يوماً على رحيل الأسير الأول للثورة الفلسطينية المتربع في قلوبنا بنضالاته وتضحياته والحاضر بيننا بقصص بطولاته ضد الاحتلال الذي نسعى للخلاص منه".

وأضاف: "نحن في حضرة الفدائيين الأوائل وحجازي كان من ضمن هؤلاء الأوائل، فإن سيرته ومسيرته التي امتدت طوال 85 عاماً تعج بالنضالات، وكانت مجالسه مليئة بالعنفوان والحرص على إعادة الهمم من جديد، والأجمل من ذلك سرده للمطاردة والإبعاد والاعتقال التي روفقت بالابتسامة".

وتابع أبو بكر: "ثمانية عقود ونصف عاشها حجازي، منها 15 لأجل أن ينمو ويترعرع جسده، أما العقود السبعة عاشها من أجل الوطن، لا يردعه السجن ولا الحكم بالإعدام وآمن بشمس الحرية التي ستشرق ذات يوم".

من ناحيته، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن اللواء الراحل محمود بكر حجازي، مناضل حقيقي ولد وترعرع في أزقة القدس القديمة، حيث كانت الثورة والتمرد تسكن في داخله فجسّدها عملا في فترته الأولى.

وأضاف "أراد الاحتلال أن يكون حجازي عبرة لشعبنا وأن من يتجرأ على الاحتلال يكسر، لكن حجازي تمكن أن يكون نموذجا ليس كما أراد الاحتلال الذي أراد ان يكسر روحه، فقد خاض حجازي الامتحان بكل كبرياء وشموخ وطني ورسم الخطوط العريضة لتجربة الحركة الوطنية الأسيرة.

وشبّه فارس، ثورة حجازي بالأمس بما يجري اليوم في القدس، عندما كان شعبنا الفلسطيني يناضل من أجل القدس، وما زال مستمرا في مواجهة الطغيان من أجلها، ما يؤكد أن روحه لا تنكسر، وسيواصل مسيرته نحو الحرية والاستقلال.

كما أشاد بدور حجازي كأب ومعلم تصرف كمدرسة متنقلة في مراحله العمرية كمناضل ملهم للأجيال في مواقف عديدة.

بدوره، قال عمار حجازي، نجل الراحل: "إنّ من أصعب الأشياء التي يمكن أن تحصل للإنسان هو أن يفقد من يحب"، مُشيراً إلى عشق والده للوطن الذي تفوق على كل شيء في حياته، وكان حتى الرمق الأخير وفيا لقضيته.

وألقت الشاعرة الفلسطينية قمر عبد الرحمن قصيدة تحدثت فيها عن مأثر الأسرى الأبطال وتضحياتهم من أجل فلسطين.

وفي ختام حفل التأبين تحدثت المناضلة عروب حجازي زوجة المرحوم اللواء محمود بكر حجازي مقدمة الشكر العظيم لكل من أشرف على حفل التأبين،

وقدمت درعا تقديرياً للجزائر شعباً وقيادة، ولممثل سفارة فلسطين لدى الجزائر خالد عز الدين، ومسؤول ملف الأسرى في الإعلام الجزائري، ولهيئة التحرير في صحيفة المواطن الجزائرية الذين كان لهم السبق في احتضان زوجها بعد الإفراج عنه عقب رفض استقباله وأولاده آنذاك، لافتةً إلى أنّ ما قامت به الجزائر من احتضان واستقبال لهم بعد الإفراج عن زوجها المناضل ابو بكر حجازي سيبقى دينا في رقاب العائلة.

كما تخلل حفل التأبين فقرة فنية وطنية قدمتها فرقة الأمن الوطني بوصله فنية وطنية عبروا فيها عن حب فلسطين والدفاع عن الأقصى وتضحيات الشعب العظيم.

وقدم نادي الأسير الفلسطيني باسم كل مؤسسات الأسرى درع التكريم لعائلة الأسير محمود بكر حجازي في لفتة وفاء لهذا المناضل الكبير وخط عليه بضع كلمات أن العظماء لا يموتون بل يخلدهم التاريخ.

وكان الرئيس محمود عباس، قد منح اللواء متقاعد محمود بكر حجازي أول أسرى الثورة الفلسطينية المعاصرة، وسام نجمة الشرف العسكري.

يُشار إلى أنّ أبو بكر حجازي يعتبر أول أسير فلسطيني في الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت في الأول من كانون الثاني/ يناير عام 1965، وقد اعتقل بتاريخ 18/1/1965 وكان أول من وجهت إليه تهمة الانتماء لحركة "فتح"، كما حكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ، ليفرج عنه في عملية التبادل التي جرت بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة "فتح" في 28/1/1971 في رأس الناقورة برعاية الصليب الأحمر، وتوجه حجازي بعدها إلى لبنان وعاد إلى غزة بعد اتفاق "أوسلو" عام 1994.