الكورونا أنهكت العالم وقتلت من الناس الملايين ويعاني منها ملايين أكثر، وقد أصبحت القضية الاولى التي تحظى باهتمام العلماء والمراكز الطبية والعلمية، ونحن بالتأكيد جزء من العالم ومن الذين يحاولون تجنب هذه الكارثة، وهذا واجب ومسؤولية. مما يثير الانتباه في هذا الموضوع بالنسبة لنا، هو ان الحكومة أعلنت الغاء اتفاق تبادل لقاحات الكورونا مع الجانب الاسرائيلي، والسبب كان واضحاً وخطيراً للغاية، فاللقاح لم يكن ضمن المواصفات الطبية المعروفة كما ان مدة انتهاء صلاحيته كانت قصيرة، أي ان تقديمه للمواطنين يعرض حياتهم للموت بدل تجنب الداء اللعين. وهنا تثور عدة تساؤلات : أليست هذه جريمة يحاسب عليها القانون ويعرض الجهات الاسرائيلية التي قدمت الدواء المزور، الى المساءلة والمحاسبة بتهمة محاولة قتل جماعية ؟! والتساؤل الأكبر هو لماذا لجأت السلطة الى استيراد الدواء من خلال اسرائيل، ولم تعمل، كما فعلت لاحقاً، الى استيراده مباشرة من الشركة المنتجة؟! لقد تم اكتشاف عدم مطابقة الدواء للمواصفات الصحية، وتم اكتشاف حقارة الجانب الاسرائيلي الذي اعطى هذا الدواء المزيف، ولكن ما لم يتم اكتشافه بعد، لماذا نظل نربط انفسنا بالاحتلال في كثير من النواحي التي يمكن ان نتجنبها، وآخرها قضية هذا الدواء التي تثير الاهتمام الكبير لدى الناس.
ان مجرد وقف استيراد اللقاح من اسرائيل ليس كافياً، ولا بد من اعادة تقييم ما قامت به بعض الجهات المسؤولة من تعامل مع الاحتلال في هذه القضية وليس التعامل مع الشركة المنتجة منذ البداية، والقضية ليست بسيطة والحل لا يكون بوقف استيراد هذا اللقاح فقط، ولكن محاسبة المتورطين بها ودوافعهم لاستيراد الدواء من دولة الاحتلال مع ان استيراده من الشركة مباشرة أمر ممكن، كما حدث لاحقاً لان الكورونا السياسية اخطر من الكورونا الداء …!
مواقف اميركية متناقضة
مواقف الولايات المتحدة تجاه اسرائيل معروفة منذ البداية، وهي متأثرة للغاية بقوى الضغط من اللوبي الصهيوني وآخر هذه المواقف تمويل «القبة الحديدية» لاسرائيل بمليار شيكل، كما ان الجمهوريين الاميركيين يرفضون الافراج عن المساعدات الاميركية للفلسطينيين. في المقابل فإن ١٥ نقابة وجمعية اميركية تصف اسرائيل بدولة فصل عنصري، كما ان عدداً من الاميركيين حاولوا منع تفريغ سفينة اسرائيلية في الميناء، بسبب تضامنهم مع شعبنا، ولعل الاكثر اهمية ومغزى هو دعوة نحو ٢٥٠ صحفياً اميركياً في رسالة مفتوحة للرأي العام الى ضرورة وقف التعتيم الذي يمارسه الاحتلال في قمع الفلسطينيين، وقالوا «لقد خذلنا جمهورنا برواية تخفي اهم جوانب القصة وهي الاحتلال ونظام الفصل العنصري الاسرائيلي».
وهذا التحرك الاميركي الايجابي ولو كان محدوداً، هو جزء من تغير لدى الرأي العام العالمي سواء في اميركا أو اوروبا ودول اخرى .. ويمكننا ان نعمل على الاستفادة من هذا التحرك ودعمه وتقديم ما يلزم لكي تتضح الصورة بشكل افضل.
انقسامنا وانقسامهم
الفلسطينيون في حدود ١٩٦٧ منقسمون تماماً كما هم اليهود، والخلافات السياسية والحزبية كبيرة وتتسع لدى الجانبين، ولكن أحداً لا يمكن ان ينكر أو يتجاهل وجود ديمقراطية وحريات سياسية كبيرة، ولهذا نرى ان من يفوز بالانتخابات يفوز وقد يستلم السلطة، ومن يخسر يخسر وينزوي أو يكون بالمعارضة.
وقد كنا نأمل من الفلسطينيين ان يزيدوا من وحدتهم وتضامنهم للحفاظ على حقوقهم وأرضهم ومستقبلهم، ولكنهم، وكما هي عادتنا، انقسموا واختلفوا سياسياً، ونحن لسنا أفضل حالاً، فالانقسام بين غزة والضفة يتسع ويتعمق وتستمر المناكفات السياسية ولا يبدو في الافق أي انفراج للاسف الشديد.
واليهود ايضاً ينقسمون ويختلفون ويتبادلون الاتهامات، ومن آخر المظاهر ما قيل ان نتانياهو يرفض تسليم مقاليد رئاسة الوزراء الى بينيت كما يرفض تسليمه مقر اقامته.
ان الخلافات ليست المشكلة وانما هي أمر طبيعي ولكن المشكلة في تمسك كل طرف بمقاليد السلطة متى استلمها، كما يحدث في بلادنا، وبهذا يكون انقسامنا شيئاً مختلفاً عن انقسامهم.