مدي قانونية توزيع اراضي الحكومة على الموظفين

شبير1
حجم الخط

بقلم د.عبدالكريم شبير 
رئيس التجمع الفلسطيني المستقل
والخبير في القانون الدولي  

     إن توزيع اراضي الحكومة على موظفين الحكومة السابقة في غزة يعتبر باطل ولا يستند لأي أساس قانوني، وأن ما بني على باطل يعتبر باطل، وأن هذا التصرف غير جائز، لأنه لم يصدر عن جهة ذات اختصاص، ولان فاقد الشي لا يعطيه، والجهة الوحيدة المخولة بإصدار قرارات التخصيص في الأراضي الحكومية وللمصلحة العامة هو رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وأن الاراضي الحكومية لا يجوز لأي فصيل أو حركة أو شخص أي كان أن يقوم بتوزيعها، وأن هذه الأراضي تعتبر من المال العام وهذا القول سبق وأن تم مناقشته في المجلس التشريعي في غزة بشهر 4/2015 وتم رفضه، وبعد أن تم التوصل لقرار بعدم قانونيته، وعدم شرعيته، تم التراجع عن ذلك، وأستغرب اليوم كيف يكون شخص مسؤول في حركة حماس مثل الدكتور زياد الظاظا يصرح بأنه سيتم توزيع اراضي حكومية على الموظفين حتى يسدد رواتبهم ومستحقاتهم المترتبة في ذمة الحكومة السابقة، ويمكن القول له ولغيره ممن يفكر بالتصرف بنفس الاسلوب، أن الأموال العامة لا يمكن التصرف بها بهذه الطريقة، وإن التصرف في المال العام بهذه الصورة يشكل خرقا للقانون، وهو يعتبر جريمة فساد لا تسقط بالتقادم، وأن من يمنح أو يمنح له أي قطعة ارض يعرض نفسه للمسؤولية القانونية سواء اليوم أوغدا، وهذا يعتبر مخالف للقانون الخاص بالأراضي الحكومية، وقد سبق أن حذرنا وقولنا انه لا يجوز على الاطلاق التصرف في أموال وممتلكات ابناء شعبنا الفلسطيني إلا عبر القانون، ولا يجوز لأي أحد أن يقوم من تلقاء نفسه أو أن يعتبرها  طرحا لحل أي مشكلة سواء للموظفين أو غيرهم ، رغم ان الموظفين هم شريحة من ابناء الشعب الفلسطيني لهم الحق في استلام مستحقاتهم، ولكن عبر الطروق القانونية ومن خلال ميزانية الدولة، واليوم يوجد مشاكل أكبر من هذه المشكلة، والجميع يعرفها، ولا يجوز بأي حال من الاحوال حل هذه القضية على حساب حقوق وممتلكات أبناء الشعب الفلسطيني، وأي حكومة تأتي  في قطاع غزة أو في فلسطين يكون عليها واجب وطني ومهني بأن تقوم بتأمين الرواتب ومستحقات الموظفين من خلال ميزانية الدولة وليست من خلال ممتلكات الدولة التي هي من حق أبناء الشعب الفلسطيني. 

       أن الاصرار على هذا القرار الغير قانوني، وغير شرعي يعمق من الانقسام وسينسف القانون الأساسي، وكل القوانين الخاصة بالأراضي، وبالتالي لا حاجة للقانون وللمحاكم وللقضاء و لا حاجة للمحامين، وأن انتهاك القانون بهذا الشكل يكون قد اقترف بحقه جريمة فساد قانوني وفساد إداري وفساد مالي، والقانون المعمول به في فلسطين ينص على عدم تقادم مثل هذه الجرائم، وأن جريمة الفساد تعتبر جناية في القانون الفلسطيني وعقوبتها لا تقل عن سبعة سنوات، يعاقب عليها كل من يمنح أو يمنح له قطعة أرض حكومية، وأنا أحذر الجميع من أن يقدم على مثل هذه الخطوة، وعلينا أن نحترم سيادة القانون وأن نطبق القانون بالشكل السليم وأن لا ننتهك القانون، أما اذا كان هناك أزمة مالية بالنسبة للرواتب ومستحقات الموظفين، فبالإمكان حل هذه الأزمة على أن يصبر الجميع على حلها وأن يتيحوا فرصة إلى اللجنة القانونية الإدارية العليا، والتي تم التوافق عليها على أن تعمل حسب قانون الخدمة المدنية وقانون قوى الأمن الفلسطيني، وتفعيل وتطبيق نصوص القانونين على الحالات الموجودة، من يصلح يكون ومن لا يصلح لا يكون، أو يبحث له عن مكان مناسب، وهناك أيضا الوثيقة السويسرية وما يدور حولها من مقترحات وحلول رائعة قد طرحت لحل هذه القضية، ولكن للأسف الشديد البعض يستعجل الأمور ومن يستعجل الشيء قبل أو أنه يعاقب بحرمانه، فعلى الجميع أن يصبر وأن يتعامل من خلال القانون، وأن يكون القانون وسيلة لحل المشاكل لا أن نفسده بمخالفته ، وأن الملك العام يتعلق بالنظام العام، والقواعد الآمرة التي لا يجوز لأحد أن يخالفها أو يعبث بها أو أن يتلاعب بها.

     أن من يقدم على توزيع الاراضي الحكومية والمال العام خارج الاجراءات التي رسمها القانون وخارج الصلاحيات الممنوحة لرئيس السلطة الوطنية ، ويتجاوز كل القوانين الخاصة بالأراضي الحكومية والقانون الاساسي  يكون عمق الانقسام بل سيجعل من الانقسام انفصال، وانه سوف يكرس مشروع الانفصال الذي يسعى له من يخططون ويمكرون بالشعب الفلسطيني وبقضيته وعلى رأسهم قادة الاحتلال الصهيوني، وعلينا أن لا ننجر اليوم بجهل وعدم علم ومعرفة إلى هذا المربع الخطير وأن يتم تجاوز القانون وكل الخبراء القانونين و كل من له علاقة بالقانون، ومن يتخذ قرارات ارتجالية أو ردات فعل دون الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص سيوقع نفسه في دائرة الخطر وأن الدكتور زياد الظاظا  ليس له أي موقع رسمي في الحكومة ولا يمثل أي جهة رسمية في السلطة أو بالحكومة، وليس له أي صفة دستورية، أو تشريعية، او تنفيذية فلا يجوز له أن يتصرف بمثل هذه التصرفات على الاطلاق، ولا يجوز لأي فصيل أن يتصرف خارج القانون.

    إن أي تصرف بتوزيع أراضي حكومية فهذا غير جائز لأن هناك قانون، وهناك سلطة مختصة لذلك، وهناك رئيس سلطة صاحب الشأن في ذلك، وهم من يختصون في هذا الموضوع، والقانون أعطي الصلاحيات للسيد الرئيس أبو مازن إذا كان هناك مصلحة تتعلق بالمنفعة العامة، ولا بد أن تكون عبر القانون ومن خلال إجراءات قانونية نص عليها القانون، وحتى لا يتعمق الفساد لا بد أن يتم تسليم كل مؤسسات إلي السطلة الوطنية وإلى حكومة الوفاق الوطني علي أن تتحمل المسؤولية الوطنية الكاملة في إدارة شؤون الشعب الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة، وتتحمل مسؤولية الأراضي الفلسطينية ومقاومة مشاريع التهويد والاستيطان، وتكون مسؤولة عن إدارة معبر رفح بعد استلامة، وأن حكومة الوفاق الوطني جاءت لكي تستلم مؤسسات السلطة الوطنية، وحتى الآن حكومة الوفاق لم تستلم حقيقة المؤسسات ومعبر رفح، وأنها لم تتمكن من القيام بواجباتها الوطنية التي أسندت لها، بالإضافة إلى باقي الملفات التي كلفت بها حتى هذه اللحظة. 

    وعليه فإننا نطالب الجميع اليوم أمام الهَبة الجماهيرية، أو أمام انتفاضة القدس، أو أمام ثورة السكاكين، سموها ما شئتم، ولكن علينا أن نحترم دماء الشهداء وكرامة النساء المناضلات كلهم جميعا اليوم هبوا لنجدة الشعب الفلسطيني ومقدساته وتوحيده ، وعلى قادة الحركات والفصائل وخاصة حركتي فتح وحماس أن لا يعمقوا الانقسام في هذا الوضع بالذات وأن لا يخرجوا بمشاريع لتوزيع الأراضي الحكومية لتسديد المستحقات والرواتب، وان مثل هذا التصرف يعمق الانقسام، ويحرف البوصلة عن قضايانا الرئيسية والمصيرية،

 سواء المقدسات أو المشروع الوطني الفلسطيني، لذلك أطالب الجميع أن يتأنى وأن يفكر قبل أن يقدم على أي مشروع من هذا القبيل، حتى يكون هناك أجندة وطنية واحدة ومشروع وطني واحد للكل الفلسطيني، ولا يتحمل فصيل مسؤولية إدارة أية منطقة جغرافية في الوطن حسب ما يراه هو، ويحقق مصالحه ومصالح أبناء حزبه.

في النهاية أتمنى على الجميع احترام القانون واحترام إرادة وحقوق الشعب.