عضو المجلس الوطني الفلسطيني
بداية لا بد من التأكيد أن واقعنا الفلسطيني تلقى مؤخرا ضربات متلاحقة منذ ضربة تأجيل الانتخابات تلاها فشل الحوار وتأجيله في القاهرة ثم فضيحة اللقاحات والآن مأساة قيام قوة امنية فلسطينية بقتل الناشط المعارض نزار بنات الذي أصدر النائب العام أمرا باعتقاله، مع كل ما تلا هذه الجريمة من تداعيات محلية ودولية وسط واقع فلسطيني منهك أساسا بفعل ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
ومع كل الأسف لما وصل اليه حالنا هذا مع استمرار الانقسام المأساوي فإن ذلك يطرح أمامنا الكثير من الأسئلة وفي مقدمتها ما العمل الآن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وهل كان لهذه الضربات المتلاحقة ان تقع لو اننا استعدنا الوحدة الوطنية ولو كان لدينا مجلس تشريعي قادر على المساءلة والمحاسبة؟ ولو كان لدينا منظمة تحرير ومجلس وطني تمثيلي يضم كافة القوى بعد إصلاح المنظمة؟ وكيف يمكن للسلطة والفصائل كافة استعادة مصداقيتها أمام شعبنا الذي لم يتوقع يوما ان تصل به الحال إلى هذا الدرك من الانتهاكات وتجاهل إرادته وتعطيل نظامه السياسي بل تشويهه أمام العالم أجمع.
لقد سئم شعبنا الفلسطيني من هذا الانفصال المعيب الذي يبدو كأن لا نهاية له.
واليوم وبعد مجابهة العدو بالسلاح المناسب في المعركة الأخيرة اتضح للسلطة ولحماس ان الشعب الفلسطيني عندما يقوم الجد لمقارعة الاحتلال فهو شعب واحد من الناقورة الى رفح و من النهر الى البحر، و من ام الرشاش الى اسدود، ولم يكترث هذا الشعب ابدا بتقصير فصائله التي حان الوقت كي تصلح كل اوجه الخلل في صفوفها، اي ان هذا الشعب البطل قدم ويقدم التضحيات الجسام وما المعركة الأخيرة التي خاضها سوى نموذج جعل العالم اجمع يلتفت إلينا وخصوصا العدو الامريكي ويرى الظلم الذي مارسته و مازالت تمارسه إسرائيل مدعومة بقوى الغرب بحق شعب صبر ٧٤ عاما أمام القتل والاعتقال اليومي والتطهير العرقي وبناء المستعمرات المسلحة وسرقة الاراضي وتدمير المنازل والمزارع لبناء مزيد من المستعمرات على الاراضي المحتلة.
وها هو وزير الخارجية الأميركي الجديد انتوني بلنكن ، الداعم للصهيونية يقول بان اسرائيل لها الحق بالرد على ما اسماه الاعتداءات الفلسطينية ، وينسى بان الاحتلال الصهيوني هو المعتدي بكل ممارساته وان اميركا نفسها تقف إلى جانب هذا العدوان وتمد الاحتلال بالمال والسلاح والحماية الدولية فيما لا تحرك اوروبا او روسيا ساكنا لوقف هذا العدوان الإسرائيلي الشامل ليس فقط على الشعب الفلسطيني بل على الشرعية الدولية والقانون الدولي واعلانات حقوق الإنسان العالمية.
وسط هذه التحديات الجسام وهذا الاحباط الذي يعيشه شعبنا وما وصلته الساحة حان الوقت لإنهاء الانقسام فورا وإجراء انتخابات فلسطينية عامة وتشكيل وزارة جديدة من جميع الفصائل التي لها وزنها، وأخص بالذات فتح وحماس والجبهة الشعبية، والجهاد وتفعيل منظمة التحرير لتأخذ دورها الحقيقي.
وها هي القوى الفلسطينية كافة رأت المستعمرين بحماية شرطة العدو يرفعون الإعلام الصهيونية في باب العامود والبلدة القديمة وهم يرقصون، وبالصوت العالي يقولون “الموت للعرب” ويسيئون للرسول الكريم ، ويعتدون مع قواتهم على المدنيين الفلسطينيين دون ان تحرك هذه المناظر والممارسات المؤلمة هذه القوى الفلسطينية او العالمين العربي والإسلامي… فأين نحن مما يجري ؟ وأين نحن من استمرار بناء المستعمرات وهدم المنازل الفلسطينية ومصادرة المزيد من الاراضي وقتل الفتية والاطفال الفلسطينيين لا لذنب ارتكبوه سوى انهم فلسطينيون ؟!
ويجب ان لا تنسى حماس او الجهاد ان منظمة التحرير التي جمعت كافة الفصائل والقوى الوطنية التي بدأت بمقارعة الاحتلال واولها فتح بقيادة زعيم الشعب الفلسطيني القائد الرمز الشهيد الراحل ابو عمار رحمه الله الذي اطلق الرصاصة الاولى ضد المحتل، قبل وجود حماس والجهاد، ويجب ان لا تنسى حماس والجهاد بان الفضل الاكبر هو للمنظمة وفصائلها ولشعبنا بنضاله وصموده في ترسيخ قضيتنا الفلسطينية في العالم اجمع بحيث اصبحت فلسطين عضوا مراقبا في الامم المتحدة .
صحيح القول ان حركتي حماس والجهاد اسهمتا مؤخرا إلى جانب صمود شعبنا ونضاله في إعادة القضية الفلسطينية الى واجهة العالم اثر معركة القدس الأخيرة، واصبح العالم وخصوصا امريكا يغير من مواقفه الظالمة بعد رؤية استشهاد عشرات الأطفال والنساء الفلسطينيين بنيران الاحتلال وتدمير البيوت على رؤوس اصحابها مما جعل ضمير العالم يستيقظ من سباته. هذا مع العلم بأن شباب فتح وباقي الفصائل في الضفة والقدس أسهموا في هذا الانجاز بما قدموه من تضحيات للحفاظ على مقدساتنا الاسلامية والمسيحية، خصوصًا المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة ومنع اخلاء المقدسيين من بيوتهم.
ان آخر خطاب للسنوار كان منصفا و مشجعا عندما قال نحن نقبل بجميع القرارات الدولية، و ما وافقت عليه المنظمة والسلطة الفلسطينية والمجلس الوطني بان الحل هو القبول بقرارات مجلس الأمن والامم المتحدة ، وهي فلسطين على حدو العام ١٩٦٧ وقرارات الشرعية الدولية والقمم العربية خاصة قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وانسحاب المحتل من جميع الاراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية وعودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم لان هذا لا يسقط بالتقادم اعتمادًا على القرار الاممي رقم ١٩٤ للعام ١٩٤٩.
يجب التفكير جيدا بهذه الحالة التي نعيشها و خصوصا ان الوزارة الاسرائيلية الجديدة لا تختلف سياستها عن سياسة حكومة نتنياهو، لذلك علينا الاهتمام جديا بانهاء الانقسام خصوصا ان العالم أجمع الآن متعاطف مع قضيتنا، والعدو يراهن على استمرار الانفصال ، واستمرار دب الخلافات في ساحتنا الداخلية..
لذلك يطالب شعبنا الفلسطيني كافة الفصائل خاصة فتح وحماس بإنهاء هذا الانفصال المعيب، واجراء الانتخابات وتقوية منظمة التحرير كي نحافظ على كلمة موحدة مثلما يريد الشعب الفلسطيني، والعمل على سيادة القانون واحترام حقوق المواطن خاصة حقه في حرية التعبير ووقف كافة الانتهاكات، والعمل معا على أساس القرارات الدولية وفي مقدمتها حقنا في إنهاء الاحتلال واقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة على ترابنا الوطني المحتل منذ حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس … والله المستعان