كتب د ناصر اسماعيل اليافاوي
لاحظنا وفي ظل تنامي الانتفاضة الفلسطينية ، ان العديد من القوى الاقليمية والدولية تداعت عليها ، كل يحاول اجهاضها تحقيقا لأجندته الخاصة ، وربما ممكن اعتبار ا التدخل الأمريكي هو الاخطر من نوعه ، وفي هذا التوقيت بالذات ، كون انها على اعتاب انتخابات حزبية مصيرية خاصة للحزب الديموقراطي ..
في ابعد وقت قصير من لقاء وزير الخارجية الامريكي كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تواترت التقديرات والتحليلات والتوقعات حول مصير عملية التسوية على مسارها الفلسطيني ـ الاسرائيلي بعد استمرار الانتفاضة بدون توقف ، وعودة الرئيس عباس من نيويورك وما تبعها من زيارات قمه عربية وغيرها بدون اي نتائج ، او حصيلة ملموسة لاجتماعه مع الرؤساء والملوك .
الساحة الفلسطينية و البيت الابيض وتقدير الحسابات :
الرئيس الامريكي وعلى ضوء الحالة الحرجة لمصير الانتخابات الامريكية لن يترك البيت الابيض دون استثمار طاقته حتى اللحظة الاخيرة لتهدئة الاوضاع على المسار التفاوضي الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وربما لإعطاء صورته مسحة ايجابية لدى الرأي العام الامريكي باعتباره بقي الى ابعد ما يمكن يحاول الامساك بخيوط تسوية يبدو بأنها افلتت من حبال الربط الامريكية.
ويمكن القول ان سيد البيت الابيض قد قدر حساباته ، بشكل قد يتوافق مع حصاد نتائج الانتخابات الامريكية المقبلة ، حيث ان المؤشرات والاستطلاعات تبشر بنجاح وفوز المرشح الديمقراطي ربما هيلاري كلنتون ، وفي سياق آخر ربما قد تكون الامور حرجة بين اصوات قليلة هي الفارق بين فوز المرشح الجمهوري، او المرشح الديمقراطي . وبالتالي فإن مردود ارسال كيري للمنطقة ولقاء ابومازن وحليف امريكا نتنياهو هو محاولة استثمار تهدئة الوضع المتفجر على المسار الفلسطيني ـ الصهيوني أمسى بلا جدوى تذكر، اللهم إلا اذا كان اوباما ما زال مصرا على خروج ابيض ناصع من رئاسته...
وبكل الحالات، لا ينفي ولا يتعارض تحليلنا وتقديرنا ان الرأي السائد لدى اوساط فلسطينية واسعة من السلطة وباقي الفصائل الفلسطينية ، مع الاتجاه القائل ان الادارة الامريكية وطواقم الخارجية ستعمل بأقصى ما لديها لممارسة اشكال فاعلة من الضغط على الفلسطينيين والرئيس عباس خلال الفترة القليلة القادمة لدفعه نحو:
1 ـ اصدار اوامر مباشرة لقيادات حركة فتح وقواعدها في الضفة والقدس والقطاع لوقف اعمال الانتفاضة ، باعتبار ان خطاب عباس في الامم المتحدة كان بمثابة اعطاء الضوء الاخضر للانتفاضة.
2 ـ محاولة التأثير و الضغط على قوى وفصائل المعارضة لدفعها نحو التجاوب مع رغبة واشنطن بوقف الانتفاضة ، عبر تقديم رزم من التعهدات ..
3 ـ العودة الى طاولة المفاوضات مجددا وتركيز الافكار بالنسبة لقضايا مفاوضات الحل الدائم على اساس ورقة الحل الامريكية والمبادرة العربية
4 ـ عودة التنسيق الأمني الفلسطيني ـ الاسرائيلي تحت الاشراف الامريكي. لتحقيق الهدوء السبي على الاقل ليقنع الحزب الديموقراطي ناخبيه انه قدم شيء ملموس للوبي الصهيوني اليهودي في امريكيا ..
وفي حالة قبول الرئيس محمود عباس بالعناوين المشار إليها، فإن واشنطن ستدفع نتنياهو نحو سحب قواته من مداخل المدن والرفع الكامل لعمليات الاغلاق للبلدات ورفع الحواجز الطيارة والثابتة بشكل متدحرج . مع صفقة مالية امريكية سخية تقدم للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بحيث تفوز تل ابيب بنصيبها الاكبر.
الرئيس عباس وحسابات الشارع الفلسطيني :
من هنا نرى الرئيس عباس سيبقى في وضع حرج، فتحمله للضغوط لن يكون متاحا الى ابعد الحدود او حتى الى الحدود التي تراها واشنطن. فعباس قد يؤثر في حركة الشارع الفلسطيني وفي قواعد حركة فتح ، لكنه لن يكون حاسما وضابطا للوضع الفلسطيني بشموليته كما تريد واشنطن الى النهاية،
خاصة مع سياسة القمع والارهاب من المؤسسة الصهيونية وقطعان المستوطنين واعتداءاتهم المتكررة ، عدا عن حالة الاحتقان التي يعيشها الشعب الفلسطيني وتردي الحياة المعيشية بكافة جوانبها
الانتفاضة وافشال مساعي كيري :
. وبناء على المعطيات على الارض الفلسطينية ، وازدواجية المعايير الامريكية التي تنحاز الى الجلاد وهذا ما كان واضحا من ادانة كيري لعمليات المقاومة الفلسطينية ، عليه فإننا نعتبر إن لقاء كيري لم يكن مقدرا له ان يأتي بالجديد النوعي لجهة اخذ وقائع ما حصل بعين الاعتبار وبالتالي فإن «الفشل غير المعلن» سيكون الحصيلة الواقعية لزيارته للمنطقة.