نـتـنـيـاهـو .. وجـه «مـحـروق» انـتـخـابـيـاً

83355024782940746
حجم الخط

دولة اسرائيل مريضة، وهي تحتاج الى طبيب، ولكن يا للمصيبة يعالجها مهرج طبي. وبين هاتين المهنتين، يوجد، رغم المجال المشترك، فارق ما. فعندما يجري المهرج عملية جراحية فإن ما يبدأ بالضحك ينتهي بالبكاء.
بنيامين نتنياهو، نعم/لا، صفر/واحد، هو الموضوع الحصري هذه المرة في الانتخابات. من يريد أن يعيده ويعيد عقيلته لاربع سنوات اخرى في الحكم (او اقل، هذا منوط بفرص استئناف التشريع ضد "اسرائيل اليوم"، والذي سيكون بالتأكيد بندا مركزيا في المساومة مع نتنياهو على تشكيل الحكومة) فليصوت له. أما كل من مل هذه المسرحية الفاترة لنتنياهو فليصوت ضده.
نتنياهو يفهم هشاشته بهذه المقاييس. ولهذا فقد بحث عن خصم، لعله في مواجهته ينجح في جمع أغلبية: باراك اوباما، علي خامينئي، تسيبي ليفني، ميني نفتالي، ولكن الجهد فشل. اسحق هرتسوغ تمكن من تقليص تواجده الى حجوم من يرى ولا يُرى، وهكذا احبط تحول المعركة العامة الى نزال ثنائي. وبقيت المواجهة بالتالي، بيبي ضد نتنياهو، غراوتشو ماركس ضد الصورة التي تظهر له في المرآة، فيما تلوح خسارة المتنافسين.
على المستوى العقلي، فإن وقوف قادة "الموساد" و"الشاباك" السابقين ضده مهم، ليس لأن مائير داغان ويوفال ديسكن يتميزان ظاهرا بخصال عليا؛ فقبل نتنياهو خدما باخلاص ودون أن يرف لهما جفن، كمتعاونين، رئيسي وزراء فاسدين، ارئيل شارون وايهود اولمرت. مساهمتهما مختلفة. فالمواطن الذي يثور على الواقع المرير الذي يظهر امام ناظريه قد يتساءل فيما اذا هناك كون لا تعرف اسراره سوى قلة فقط، وانه لو سمح له بأن يدخل معهما الى قدس الاقداس، لكان تماثل بالضرورة مع قرارات الزعيم. وها هو، لا سر ولا قدسية. ما يعرفه "الموساد" و"الشاباك" و"أمان" بل وربما بقوة اكبر، هو بالضبط ما يراه الجميع، وليس هناك ما يدعو الى منح الثقة لنتنياهو خشية أن يكون الوضع في الظلام اقرب الى رأيه واكثر تبريرا لادائه.
على المستوى العاطفي، المسألة في الانتخابات هي الخجل أم الفخر. فالاسرائيليون، بمن فيهم الكثيرون من الموالين لـ"الليكود"، يخجلون من نتنياهو وقصوراته، ويميلون لنفضه عنهم. أما الاحساس السائد في المحيط فهو أنه هذه المرة من العار تأييده، وهذا ما قام نتنياهو بتقويضه في رحلته الى واشنطن. فليست ايران هي التي سعى إليها في الكونغرس بل سعى الى استعادة الفخر به – مندوب اسرائيلي طليق اللسان ومحوط بالشرف – والتصفيق للولد مصفف الشعر والمحبوب في الروضة. ولكن الهدف لم يتحقق.
نتنياهو هو ايضا وجه متآكل في فترة الميزة فيها للوجوه الجديدة. من القوائم لم يتبقَ سوى رؤسائها – فالمسافرون يفحصون القطارات ويتجاهلون المقطورات. والرؤساء الجدد مفضلون على القادة المكررين بينما في الوسط من لم يعودوا يحتفلون بالجدة ولكنهم لم يبلوا بعد بمن فيهم العبقري العظيم يائير لابيد والمؤيد المفاجئ للمعلم. لابيد واحد من الثلاثة في المئة في هوامش عباءة عوفاديا يوسف. الى جانب ايلي يشاي (الذي عنده المعلم معناه "جهاز تسجيل متحرك") وآريه درعي. وزير تعليمه، شاي بيرون، في رد على التماس الى محكمة العدل العليا تقدم به المحامي عيران ليف وحركة "اسرائيل حرة" ضد الفصل بين الأولاد والبنات في المدارس الدينية، استند في ايار 2004 الى فتوى للحاخام عوفاديا يوسف: "كل من يتبع تعليما مختلطا في المدارس وفي حركات الشبيبة سيتحمل الخطيئة". واعتمد بيرون على فتوى الحاخام التي تذكر مسيح بن يوسيف وحرب يأجوج ومأجوج. وهو المخلوق الشرير الذي لا يتحكم بعلاقات الرجال بالنساء، وبتوصية الرمبام "الا يتجمع الرجال والنساء معا للاكل والشراب حتى لا تقع الخطيئة". 
مستقبل لابيد، مع ماضي عوفاديا، معزز بصنم آخر لبيرون، البابا سالي. لو انهم فقط على الاقل تجندوا لطرد الشيطان: اخرج يا بيبوك اخرج.

عن "هآرتس"