حتى لا يذهب الجميع إلى حوض النعنع

حجم الخط

بقلم د. ناصر اللحام

 

 

 لي أصدقاء وأقرباء شاركوا في التظاهرة ضد السلطة وهتفوا لإسقاط النظام ولرحيل الرئيس. ولي أصدقاء وأقرباء في السلطة دافعوا ويدافعون عن السلطة بكل قوة .

الذين هتفوا ضد السلطة طالبوني بحسم موقف واضح ومعلن ضد الرئيس وضد السلطة ، والذين يدافعون عن أجهزة الامن وعن الرئيس طالبوني بحسم موقفي المعلن ضد المتظاهرين وأن للطرف الاّخر أجندات خارجية تدميرية .

وأنا أرى الأمور أوسع من هذين الاحتمالين بكثير . ورؤيتي ليست شخصية ولا من اجل مصالح خاصة. فانا لست موظفا في السلطة ولا أسعى لاسترضائها أبدا، وانا لا اهاجم المعارضة لأنني أعرفهم معرفة شخصية وتربيت معهم وعشت نصف حياتي بينهم واعرف حبهم الكبير للوطن ورغبتهم في التغيير من اجل المصلحة العامة .

السيناريوهات المتوقعة محدودة وواضحة :

سيناريو سقوط النظام والسلطة، وهو سيناريو مستبعد حاليا لان السلطة ليست شاننا فلسطينيا داخليا وانما نشأت بقرار دولي – أمريكي – إسرائيلي – عربي – أوروبي – إقليمي .

- سيناريو قمع التظاهرات واستخدام نظام الطوارئ وأن تحتمي السلطة بحركة فتح وتخرج تظاهرات فتحاوية مضادة .

والسناريو الثالث الذي اؤيده انا وهو ان تتدخل حركة فتح لحماية المجتمع المدني وتبدأ اتصالاتها بالتنظيمات والقوى ومؤسسات المجتمع المدني للتوصل الى حل والى تقاضي شعبي تنظيمي في قضية المرحوم نزار بنات .

وقد خطر ببالي يوم أمس وانا اتابع التظاهرتين في رام الله عدة نقاط:

فتح تستطيع ان تعيش من دون الحكومة ولكن الحكومة لن تستطيع ان تعيش من دون فتح

حكومة حماس في غزة تستطيع ان تعيش من دون منظمة التحرير ولكنها لن تستطيع أن تعيش من دون السلطة

حماس في الضفة الغربية تستطيع ان تعيش من دون السلطة ومن دون منظمة التحرير

السلطة لا تستطيع أن تعيش من دون منظمة التحرير ومنظمة التحرير لم تعد تستطيع ان تعيش من دون السلطة

وان كل ما حدث وكل ما سيحدث سببه ضعف القضاء الفلسطيني ، وغياب مفهوم التقاضي في المحاكم وغياب الثقة في قدرة القضاء على إنفاذ القانون وترسيخ العدالة كمفهوم فردي وكمفهوم مجتمعي. ولو كان هناك ثقة بالقضاء لما وصلت قضية نزار بنات الى هذا المشهد الكارثي .

الأمور لم تعد تحمل المزيد من الصمت الرسمي للحكومة , وعلى التنظيمات أن تجترح الحلول التوافقية وأن تلزم الحكومة ، وان تلزم السلطة بها قبل فوات الأوان .

اتابع ما يحدث في العالم العربي ولا أخشى سوى النموذج اللبناني . فكل المؤشرات تقود الى أننا ذاهبون الى ذلك النموذج حيث يتشبث كل فريق بقيادته ، وتضعف الإرادة الجماعية وتنهار المؤسسات .