اتفاق "أفيتار": الحكومة الإسرائيلية تخضع لإرادة المستوطنين

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 



لا يعكس الاتفاق الآخذ في التبلور بين الحكومة والمستوطنين في بؤرة أفيتار الاستيطانية غير القانونية حلّاً وسطاً، بل يبشر بانتصار كبير للمستوطنين. تثبت الأيام الأولى لحكومة بينيت – لبيد، مرة أخرى، ما كان معروفاً منذ فترة طويلة: رؤساء المستوطنين هم مجموعة الضغط الأقوى في الدولة. تبديل الحكومة وانتهاء ولاية بنيامين نتنياهو لا يقلل من هذه الحقيقة، ربما العكس: ممثلاهم، يوسي دغان ودانييلا فايس، يعرفان بالضبط على أي زر يكبسان من أجل تشغيل نفتالي بينيت واييلت شكيد.
حسب التفاهمات التي تلوح في الأفق بين الطرفين، سيخلي المستوطنون الأرض التي صعدوا إليها دون إذن قبل نحو شهر ونصف. ولكن البيوت التي بنيت بسرعة وفي الليل، تقريباً 40 مبنى ثابتاً، ستبقى على حالها. وإلى أن يتم استيضاح المكانة القانونية للأرض سيتم إنشاء موقع عسكري في المكان، ويعطى وعد بأن تبنى هناك مدرسة دينية. قال بينيت بعد ظهر يوم الاثنين في جلسة قائمة "يمينا" إن الاتفاق لم يتم انهاؤه بعد، ووصفه كـ "موضوع حساس". تنفيذ الاتفاق يتعلق ايضا كما يبدو برأي المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت.
إن ما تم الاتفاق عليه، حسب المستوطنين، بعيد جداً عما قالته الدولة قبل بضعة ايام. وزير الدفاع، بني غانتس، المسؤول المباشر عن الجيش، قال لرؤسائهم فقط قبل بضعة ايام بأنه لن يكون هناك حل وسط وإن البؤرة سيتم اخلاؤها. ولكنه اكتشف بسرعة بتجربته الخاصة أن هذه الحكومة لا يتوقع منها المزيد من الاستمتاع مقارنة بالشراكة القسرية السابقة مع بنيامين نتنياهو. فقط في الاسبوع الماضي منع الشركاء في الحكومة محاولته تشكيل لجنة تحقيق بسرعة في قضية الغواصات. الآن هم يفرضون على غانتس خنوعاً في قضية البؤرة الاستيطانية. وزير الدفاع يمكنه فقط أن يتذمر بصمت، مع ذلك هو يعتبر الجناح الساخط في الائتلاف الجديد، الشخص الذي لم يتصالح بعد مع التنازل القسري عن منصب رئيس الوزراء المناوب.
في الحالتين، الادعاء الذي يسمعه غانتس من نظرائه متشابه، التوازن الداخلي في الحكومة الجديدة دقيق جدا، ويمنع أن يعرض للخطر استمرار ولايتها بخطوات استثنائية، لا تكون مقبولة على جميع اجزائها. عملياً، القرارات تتخذ لصالح مصلحة بينيت، حيث توجد في الخلفية دفيئته الايديولوجية وهي حركة الاستيطان. هذه كان يمكن أن تكون حكومة تغيير، لكن هذا الوعد يتم تجسيده في هذه الاثناء من جانبين، غير مهمين بحد ذاتهما. نتنياهو تم إخراجه من الصورة، ولم يعد عمل الحكومة اليومي يتميز بالسم الذي نشره هو ومساعدوه بشكل دائم في سنواته الاخيرة في هذا المنصب.
في المسائل المهمة، الآن، اليسار هو الذي ينحني امام اليمين. صوت ممثلي الجناح اليساري في الحكومة، "العمل" و"ميرتس"، ولنفترض "يوجد مستقبل"، لا يسمع. فقط عضو الكنيست موسي راز (ميرتس) نشر حتى الآن بيان ادانة للاتفاق مع المستوطنين.
ومثلما في تسويات كثيرة في "المناطق"، من ايام الون موريه في السبعينيات فصاعدا، فان الحلول المؤقتة ستتحول في نهاية المطاف الى حقائق ثابتة على الأرض. اقامة موقع عسكري على الارض التي غزاها المستوطنون أو وعد بفحص مكانتها دون تحديد زمن ثابت، لا تسرع عودة الوضع الى ما كان عليه.
ستمر سنوات كثيرة حتى يتمكن سكان القرى الفلسطينية قرب مفترق زعترة من العودة الى اراضيهم التي اقيمت عليها البؤرة الاستيطانية. من هذه الناحية فان الخطوة المتسرعة التي قام بها المستوطنون حققت غايتها. المجلس الاقليمي شومرون وعد بسيطرة اسرائيل على النقطة التي تعتبر نقطة استراتيجية لأن التواجد فيها يكسر التواصل الجغرافي الفلسطيني (مقاربة مشابهة تقرر مكان عدد كبير من المستوطنات والبؤر الاستيطانية). الجيش الاسرائيلي، الذي حتى بهذه الصورة يحتفظ بقوات اضافية بشكل ثابت في منطقة افيتار في الاسابيع الاخيرة ازاء المواجهات العنيفة مع الجيران الفلسطينيين، سيعلق حاليا مع الحاجة الى وضع قوات في موقع لا يوجد له في الحقيقة أي ضرورة عسكرية.
لقد أحسنت دانييلا فايس كالعادة تلخيص الامر. فقد كانت هناك على التلال منذ ايام "غوش ايمونيم" قبل خمسة عقود. في مؤتمر صحافي، أمس، قالت فايس ببساطة: "في غوش ايمونيم تعلمنا أن دورنا ليس أن نثني ظهر الحكومة، بل أن نرفعه. الإنجاز هو أننا نتقدم ونوصل الحكومة الى وضع هي تريده. من كان يتوقع أن هذه الحكومة ستجد طريقة للتحدث بدون لي الذراع، بل من خلال تقدير من يبنون البلاد؟ هذا انجاز مهم جدا. هذا الامر تعلمته من الحاخام لفنغر". سيشرح بينيت، الآن، بالتأكيد أن الحل الوسط الذي يمكن أن يضمن الإخلاء الطوعي للسكان، منع سفك الدماء وحرباً اهلية. ولكن اذا لم تحدث ازمة في اللحظة الأخيرة حول تطبيق التفاهمات فان الرسالة للقادة والجنود في الضفة الغربية بقيت واضحة: التسلسل الهرمي للسلطة على الارض بقي على حاله، في النهاية ستفعل السلطات ما يريده المستوطنون.

عن "هآرتس"