أكّد الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، اليوم الأربعاء، على أنّ اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993 لم تعد تقدم مسارًا عمليًا نحو تقرير المصير للفلسطينيين، وفشلت في تحقيق السلام والأمن في "إسرائيل" أو فلسطين.
وقال بان كي مون، في مقالة نشرتها صحيفة (فاينانشال تايمز) الأميركية: "إنّ الصراع بين الفلسطينيين و"إسرائيل" ليس متكافئا... لقد أظهر اندلاع العنف الأخير، ليس فقط في غزة والقدس ولكن أيضًا داخل المجتمعات العربية واليهودية في "إسرائيل"، الحاجة إلى تفكير جديد".
وأضاف: "لقد حان الوقت للاعتراف بأنّ النهج طويل الأمد الذي اتخذه المجتمع الدولي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد فشل ولابد من اتباع نهج جديد".
وتابع: "بدلًا من ذلك، اتبعت "إسرائيل" سياسة الضم التدريجي بحكم الأمر الواقع للأراضي التي احتلتها منذ عام 1967، لدرجة أن احتمالات حل الدولتين قد تلاشت تقريبًا".
وأوضج أنّه "يجب أن تكون نقطة البداية لأي نهج جديد هي التعرف على عدم التناسق الأساسي بين الأطراف، فهذا ليس صراعًا بين أنداد يمكن حله من خلال المفاوضات الثنائية أو تدابير بناء الثقة أو التسلسل المتبادل للخطوات والأدوات التقليدية لحل النزاع”.
وبيّن أنّ "الواقع مختلف تمامًا: دولة قوية تسيطر على شعب آخر من خلال احتلال مفتوح، وتوطين شعبها على الأرض في انتهاك للقانون الدولي وتفرض نظامًا قانونيًا للتمييز المؤسسي. إن الدعوات إلى العودة إلى المحادثات الثنائية غير المشروطة في كل مرة يحدث فيها اندلاع جديد للقتال لن تؤدي إلا إلى إدامة الوضع الراهن إذا لم تتم معالجة هذه الأسباب الجذرية”.
وأشار إلى أنّ "ما أصبح واضحًا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، هو نية "إسرائيل" في الحفاظ على هيمنتها الهيكلية وقمع الشعب الفلسطيني من خلال الاحتلال غير المحدود، وهذا يعطي الأنظمة القانونية المزدوجة التي تفرضها "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية- جنبًا إلى جنب مع الأعمال اللاانسانية والتعسفية التي تُرتكب ضد الفلسطينيين- أهمية جديدة، مما أدّى إلى وضع يمكن القول إنه يشكل فصلًا عنصريًا، ولقد حان الوقت الآن لكي يدرك المجتمع الدولي ويواجه عواقب سياسات إسرائيل وأفعالها في هذا الصدد”.
ونوّه بان كي مون، إلى أنّ "عدم وجود أي مساءلة قانونية دولية لـ"إسرائيل"، مكّنها من تجاهل قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في كانون الأول 2016، والذي ينص على أن بناء المستوطنات ينتهك القانون الدولي، وهذا هو السبب في أن أحكام محكمة الجنايات الدولية- لها سلطة قضائية على الأراضي الفلسطينية وخططها للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها جميع الأطراف- مهمة للغاية وتعطي أرضية لأمل متواضع”.
وأكّد على أنّ "الغطاء السياسي الذي قدمته الحكومات الأميركية المتعاقبة لإسرائيل، هو المسؤول جزئيًا عن هذا النقص في المساءلة، لكن ما هو مشجع، بروز تحالفات جديدة مختلفة في الولايات المتحدة، ويجب على إدارة الرئيس جو بايدن اغتنام هذه اللحظة والعمل مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وآخرين على نهج جديد يتوافق مع التزاماتهم العامة بدعم حقوق الإنسان في سياساتهم الخارجية”، فـ”البيانات المؤيدة للمساواة في الحقوق والأمن والازدهار لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين تبدو جوفاء في مواجهة السياسات والإجراءات التي تقوض هذه المبادئ بشكلٍ فعال”.
ولفت إلى أنّ “التغييرات في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي والفلسطيني، تشير أيضًا إلى أن الوضع الراهن في السنوات الأخيرة يتعرض لتحدي من اتجاهات مختلفة.
وحذر الكاتب من “أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تستند على ائتلاف واسع بشكل غير عادي،… يقودها حاليًا رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي يرفض علنًا الحقوق الفلسطينية ويطالب منذ فترة طويلة بضم 60 في المائة من الضفة الغربية المصنفة بموجب اتفاقيات أوسلو على أنها المنطقة “ج”، وفي الوقت ذاته، تعتقد الشخصيات التقدمية داخل الحكومة الائتلافية والمجتمع المدني الإسرائيلي أن المزاج العام يتغير”.
وفيما يخصّ الجانب الفلسطيني، ذكر الأمين العام السابق للأمم المتحدة، أنّه قد تهب رياح جديدة على السياسة الفلسطينية، حيث أدّى قرار الرئيس محمود عباس إلغاء الانتخابات المخطط لها، بعد 15 عامًا من ذهاب شعبه إلى صناديق الاقتراع، إلى إعادة إحياء مطالب الفلسطينيين بحقوقهم الديمقراطية التي تستحق أن يحترمها قادتهم.