كوخافي في واشنطن: أسئلة بلا إجابات

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان

 

 


في قاعة المحاضرات في فندق فيلرد في واشنطن ساد صمت وحالة من الاهتمام. وقف رئيس هيئة الاركان، الفريق افيف كوخافي، على المنصة بينما كان يقف أمامه حول الطاولة حوالي عشرين من الأدمغة الرفيعة في الولايات المتحدة في مجال الأمن القومي. كان هناك وزراء دفاع سابقون، ورؤساء هيئات أركان مدمجة، ورؤساء مراكز ابحاث ريادية. مصدر دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن، شارك في اللقاء، انتبه للتفاصيل في خطاب رئيس هيئة الاركان. أكد كوخافي امام سامعيه بأن قرار إسرائيل احباط المشروع النووي العسكري الإيراني اتخذ قبل الانتخابات الأميركية بعام تقريبا. وقبل أن يبدأ الحديث حول العودة للاتفاق النووي. وأوضح رئيس هيئة الأركان أن الجيش أعد على الاقل ثلاث خطط عملياتية لتحقيق هذا الغرض. أتاحت حكومة نتنياهو الميزانية للمشروع وتعهدت حكومة بينيت بإضافة مبالغ غير قليلة لاستكمال الفجوات في الجاهزية باسرع وقت ممكن.
كل واحدة من هذه الخطط قائمة بذاتها، وتعكس مستويات مختلفة من إلحاق الضرر بالقدرات العسكرية النووية الإيرانية. التحديات التي واجهت المستوى العسكري في خضم ذلك تختلف كثيرا عما كان قد واجهه الجيش واعده قبل عقد من الزمان في عهد باراك – اشكنازي. على سبيل المثال المنظومة الجوية الإيرانية، اليوم، اكبر بستة اضعاف عما كانت عليه قبل عقد من الزمان. هذا ناهيك عن الصواريخ المتقدمة «S-400» بنسختها الإيرانية. كما أن عدد المواقع النووية الموجودة في باطن الأرض ازداد.
هذه الرسائل، حملها كوخافي في كل جلسة من جلسات العمل التي عقدها في واشنطن، الأسبوع الماضي: مع وزير الدفاع لويد اوستن، ومع رئيس الهيئات المشتركة، الجنرال مارك ميلي، ومستشار الامن القومي، جيك سليفان، ورئيس الـ»سي.اي.ايه»، وليم بيرنز، ونائبة رئيس وكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع، سوزان فايت. المشاركون في دائرة رئيس هيئة الأركان قالوا ضاحكين: ليس واضحا ما هو الأصعب لرئيس هيئة الأركان أن يقوم باعداد رباطة عنقه في الصباح أم من الأصعب عليه أن يقنع الزملاء الذين يرى بعضهم لأول مرة بأن من المحظور العودة لأخطاء الاتفاق النووي الأول.
خلال هذه اللقاءات طرح رئيس هيئة الاركان أمام الأميركيين معضلات إسرائيلية. على سبيل المثال كان من المفترض حسب الاتفاق النووي الأول، الذي ألغاه ترامب، أن تحصل إيران في الأول من كانون الثاني 2026 على اذن بتطوير وانشاء أجهزة طرد مركزي متطورة قادرة على تخصيب اليورانيوم بوتيرة خمسة اضعاف مقارنة بالسرعة الحالية. وفي 2031 سيكون بمقدور إيران ان تفعل ما تشاء في المجال النووي. من المنظور الاستراتيجي الإقليمي يمكن القول، ان هذه التواريخ تبدو وكأنها يوم غد.
حسب وجهة نظر رئيس هيئة الأركان لا يتوجب تحديد موعد بالتقويم السنوي. ان اعتمدتم 2035 كغاية لإنهاء الاتفاق فما الذي سيغيره ذلك؟ سأل رئيس هيئة الأركان. هو يعتقد ان على الأميركيين ان يحددوا موعد انتهاء وفقا للتطورات السياسية. مثل استبدال الحكم في طهران او على الأقل حدوث تغيير جوهري في نظرته للحكم.
اغتبطت أوساط جهاز الامن الإسرائيلي جدا لسماعها بايدن يتعهد علانية، هذا الأسبوع، امام روبي ريفلين بأنه لن تكون للإيرانيين قدرات نووية عسكرية في عهده. ولكن في الغرف المغلقة يتساءلون هناك: ماذا سيحدث بعد حكم بايدن؟ رئيس هيئة الاركان أيضا تساءل امام نظرائه الأميركيين: عندما تتحدثون عن اتفاق أطول واقوى فما الذي تقصدونه؟ ما هو الأقوى وما هو الأطول؟ ذلك أنكم في السابق اقترحتم علينا الرقابة على نتناز. وبعد فترة محددة عرضتم علينا المنشآت التي اخفاها الإيرانيون في بوردو. هل تستطيعون التعهد بعدم وجود منشآت مخفية لا تعرفون بأمرها، اليوم، أيضا؟ هذه الأسئلة بقيت معلقة في الهواء. ذلك لأن الأميركيين يتخبطون أيضا في موضوع الرقابة على المشروع النووي الإيراني، وليست لديهم إجابات جيدة كافية.
واصل رئيس هيئة الأركان طرح اسئلته الصعبة: ما الذي سيدفع الإيرانيين للموافقة على احداث تغيير في الاتفاق؟ من وجهة نظرهم انتم الذين خرقتم الاتفاق، وهم لن يكونوا مستعدين لتقديم تغييرات جوهرية إن لم تظهروا الجدية. بكلمات أخرى: ان لم يطرح على الإيرانيين خيار عسكري حقيقي الى جانب استمرار العقوبات الاقتصادية الصعبة فليس لديهم سبب لابداء المرونة. ليس من الممكن خداع الإيرانيين وتوجيه تهديدات بلا رصيد لهم، قال كوخافي للأميركيين. لدى الإيرانيين منظومة استخبارات جيدة وهم يعرفون متى يكون التهديد جديا ومتى لا يكون.
بالمناسبة، إسرائيل وأميركا لم يتحدثوا في أي مرحلة من الاتصالات بينهما حول الخط الأحمر الذي سيدفعهما لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران ان تجاوزته. كما أنه لم يجرِ الحديث عن الزام بخط محدد لرد الفعل. تميل إسرائيل لعدم مطالبة الأميركيين بتعويض اذا تم توقيع اتفاق جديد مع إيران؛ لأن ذلك يعني موافقة إسرائيلية ضمنية على اتفاق لا تقبله أصلا.
مصادر أمنية رفيعة المستوى تتولى الاتصالات الجارية مع واشنطن في القضايا الإقليمية، من بينها وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، تفيد بأن هناك اعتقادا أن إدارة بايدن نفسها ليست ناضجة تماما لتوقيع اتفاق مع إيران. المفاوضات في فيينا ما زالت عالقة. والأميركيين ينتظرون توجهات رئيسي بعد دخوله المنصب الجديد. كما ان وكالة الطاقة النووية لم تحصل بعد على رد من إيران على الرسالة التي وجهتها لها بصدد مواصلة عمل المفتشين الذين أوقف قبل اكثر من أسبوع.
كل شيء مشروع، الآن: بإمكان الأميركيين مواصلة التشاور مع إسرائيل وإعلامها بما يحدث من تقدم في المفاوضات مع إيران وبإمكانها ان لا تفعل إن ارادت. من الممكن أن تطول المفاوضات شهوراً وربما في مرحلة مبكرة اكثر. لن تتفاجأ إسرائيل من اعلان الإدارة الأميركية خلال أسابيع عن التوقيع على الاتفاق. في المقابل، تبدي إسرائيل موقفا شفافا وواضحا تماما. هي لا تخفي تحضيراتها العسكرية عن الأميركيين.

عن «يديعوت»