نحن نعيش في هذه المرحلة في مأزق سياسي صعب للغاية، كما هو معروف، فالأبواب السياسية تبدو مغلقة تماما أمامنا والتطبيع العربي يتسع ونحن لم نعد الأهمية الأولى لدى حلفائنا واصدقائنا وابناء عروبتنا، ونحن باعتقادي فقدنا الكثير من احترام الاخرين سياسيا، بسبب هذا الانقسام المستمر والمتزايد وما يملأه من مهاترات وتبادل للاتهامات والتجريح، ولا أحد يستطيع أن يستوعب كيف تواصل القيادات هذا التعنت والتمسك بالكراسي ولا تستطيع ايجاد نقاط اتفاق لاستعادة الوحدة بينما غول الاحتلال والاستيطان والتهويد يلاحقنا ويداهمنا وينهش ارضنا ومستقبلنا يوميا ومن بيدهم الأمر لا يملكون سوى بيانات الادانة والاستنكار.
لقد كنا على أبواب انتخابات رئاسية وتشريعية لاختيار قيادات جديدة لعلها تكون أقدر على مواجهة التحديات ويكون الشعب اكثر ثقة فيها لأنه هو الذي اختارها، ولكن كل شيء قد تأجل ولم يعد حتى هناك موعد آخر في الأفق القريب، وظلت القيادات كما هي وظل وجع الناس كما هو وظل الاحتلال يتغطرس ويستبد.
لقد قال أكثر من مراقب ومتابع لتفاصيل ما يجري وخلفياته في الساحة السياسية الفلسطينية ان فتح واجهت انقسامات داخلية تمثلت في ناصر القدوة ومروان البرغوثي اللذين تحالفا معا، كما كان هناك محمد دحلان الذي هو الآخر يشكل تجزئة لحركة فتح..
واذا كانت هذه الحال فما هو الحل؟ وهل استمرار الوضع بكل علاّته وسيئاته هو المخرج؟ والجواب بالتأكيد، لا. ومما زاد الأمور سوءا وتعقيدا استشهاد الناشط السياسي نزار بنات وهو بأيدي قوات الأمن الفلسطينية مما جعل الناس يرجحون أن يكون قد اغتيل اثناء اعتقاله بأيدي قوات الأمن هذه، وقد هاج الشعب وتألم كثيرا ، وزادت الأمور سوءا واتسعت الفجوة بين القيادة والناس رغم لجنة التحقيق التي قدمت تقريرها، لأن الناس يشكون في النتائج ولا يتوقعون موقفا صادقا وعقليا جادا للمتهمين.
وخرجت تظاهرات كبيرة ضد السلطة في أكثر من مدينة وكان الرد ان فتح هي الاخرى حشدت أتباعا لها وخرجت في تظاهرات مضادة لذلك، وتأييدا للرئيس والقيادة، وازداد الناس ألما وضياعا واحباطا بين مؤيد ومعارض بعيدا عن الحقيقة والقضية الوطنية، وكأن الأشخاص صاروا هم القضية.
والسؤال الكبير كيف يكون الخروج من هذه الدوامة، والجواب يبدو بسيطا وواضحا وهو بالانتخابات، لقد جرت آخر انتخابات قبل نحو 15 عاما، والرئيس ابو مازن تسلم السلطة منذ كانون ثاني 2005، وانتهت ولايته دستوريا في كانون ثاني 2009، وقد جرى تمديدها بالطرق القانونية، ولكن ذلك انتهى أىضا.
لقد كنا على أبواب انتخابات في أيار الماضي، ولكن الرئيس قرر تأجيل تلك الانتخابات على افتراض اعلان موعد جديد لها .. وما نزال بالانتظار ولا نعرف الى متى سيطول هذا الانتظار، وكانت القدس والانتخابات فيها هي الذريعة للتأجيل مما يعني اننا لن نرى انتخابات في أي وقت لاحق.
لقد تظاهرنا منذ عشرات السنين، وما نزال، ورغم أهمية ذلك للتعبير عن الغضب والرفض والمطالب والحقوق، فان التظاهرات المستمرة لم تعد الوسيلة الأنجح ولا الأفضل لتحقيق المطالب، لأننا نرى القمع لها من جهة والتظاهرات المضادة من جهة أخرى.
الحل يكون بالانتخابات فقط، واذا تمسك الحكام كما هو متوقع، بالكراسي ورفضوا الانتخابات فإن العصيان المدني الشامل، ومقاطعة هؤلاء الحكام يكون هو الرد.