سجلت معركة "جبل صبيح" جنوب مدينة نابلس، صورا مضيئة ومبدعة لحركة المواجهة الشعبية ضد العدو المحتل، وأداته الإرهابية المعروفة "حركة المستوطنين" في الضفة، ليس باستمرارها كـ "جزيرة كفاحية منعزلة" عما تعيشه مناطق أخرى بعيدا عن جوهر الصراع، بل بما أبدعت طرقا مضافة لأساليب المواجهة.
تطوير البعد الكفاحي، استفادة من المظهر الغزي على الخط الفاصل، تعبير وسلوك جديد دخل قاموس أدوات الفعل الوطني المسمى بـ "الإرباك الليلي"، ليصبح رمز المواجهة في منطقة جبل صبيح أهلا وبلدات، ضد المستوطنين الإرهابيين، ولعل بيتا وبلدات الجبل بالأخص بيتا، باتت عنوانا في مسار العملية النضالية، والتي لو تم تعميمها لأصبح الوجود الاحتلالي مكلفا جدا.
خلال الفعل الكفاحي، بحثت حكومة الكيان عن عقد صفقة حل مع المستوطنين، وتحت وقع المواجهة المبدعة، ليس لإعادة الأرض لأهلها الأصليين، بل جوهر الصفقة نقلها من البعد الاستيطاني الى البعد التهويدي التوراتي، يقوم المستوطنين بالخروج من المنطقة على وعد بناء مدرسة "دينية يهودية" بديلا للمستوطنة القائمة.
وبعد ثوان من إعلان خبر "الصفقة" بين حكومة الاحتلال والمستوطنين، سارعت فصائل بإصدار بيانات "الترحيب والتهليل"، بما جرى، وذهب البعض منهم الى اعتبار الصفقة "نصرا للمقاومة"، ولولا الخجل العام لنسبت الحدث الى "فعلها".
بداية، كل من أصدر بيانات "الترحيب" لم يكن عمليا جزء من حركة المواجهة الشعبية في جبل صبيح وبيتا، وثانيا، الصفقة لم تؤدي الى استرجاع الأرض لأهلها، بل نقلت السيطرة من المستوطنين الى جيش الاحتلال على وعد بناء مدرسة يهودية دينية، تأكيدا أن المنطقة ليست فلسطينية.
الفضيحة السياسية لتلك الفصائل، انها لم تتعب بقراءة مضمون الصفقة، والتي يمكن اعتبارها أكثر خطورة على مستقبل المنطقة، ما اثار غضب أطراف إسرائيلية جزء منها من التحالف الحاكم، حيث اعتبرت الصفقة خطر سياسي كبير.
فيما اعتبر أهل المنطقة وسكان بلدات الجبل المواجهين للعدو وأداته الإرهابية، ما حدث ليس سوى عملية تحايل وليس حلا، ولم تصاب بـ "نشوة السذاجة"، كتلك التي أصابت فصائل تبحث عن تسجيل نقاط دون تدقيق في الحقيقة.
ولأن أهل الأرض يدركون جيدا مخاطر الذي حدث بنقل صفتها من استيطان الى تهويد، لم يرفضوا فحسب، بل لم يتراجعوا خطوة واحدة عن المضي في كفاحهم عبر "الإرباك الليلي" اليومي والمواجهة النهارية، خاصة يوم الجمعة، الذي يمثل يوما للفعل الشعبي ضد قوات العدو في أكثر من منطقة بالضفة الغربية.
وبعيدا، عن فضيحة الترحيب الفصائلي المتسرع، فالأصل أن يتم بحث تطوير عملية المواجهة في جبل صبيح وبلدة بيتا تحديدا، بحيث تشارك فصائل "بيان الترحيب"، لترسيخ النداء الذي أطلقه لقاء رام الله / بيروت الافتراضي في سبتمبر 2020، حول خلق أداة مقاومة شعبية موحدة، والتي بدروها تعمل على توسيع المواجهة مع قوات الاحتلال ومستوطنيه.
نموذج جبل صبيح، يكشف أن محاولة تبرير بعض الفصائل التي تعمل ضمن "حسابات خاصة جدا"، ان التنسيق الأمني يمثل "عقبة" أمام انطلاقها للعمل، فالمواجهة الليلية والأسبوعية في المنطقة، تؤكد أن "ذرائعية التنسيق الأمني"، ليس سوى فعل هروبي من فعل المواجهة.
نماذج حي الشيخ جراح، سلوان وجبل صبيح، كان لها أن تطلق قاطرة المقاومة الشعبية لو حقا أن الفصائل تريد مواجهة العدو وليس غيره، فما يحدث في المناطق الثلاثة أصبح رمزا مضافا لرموز النضال الوطني الفلسطيني.
ولذا ستعمل دولة الاحتلال فتح كل الفتن السياسية – الأمنية الممكنة كي لا ينتقل "نموذج المناطق الثلاثة" ليصبح سلوكا وممارسة عامة في الضفة والقدس، خاصة وأن السلطة الرسمية تتبعثر من أزمة لأخرى، لم تجد سبيلا للخروج منها، ويبدو أنها لن تخرج بسهولة.
"نموذج المناطق الثلاثة" في الشيخ جراح وسلوان وجبل صبيح يكشف عورة فصائل النكبة الهاربة من المواجهة الحقيقية الى مسار مواجهة تدميرية...لا تخدم وطنا ولا قضية!
ملاحظة: أحد أعضاء مركزية فتح (م7) بيقلك أنه تم اتخاذ قرار "استراتيجي" بفك ارتباط فتح عن السلطة...اللطيف اللي بيحكي غارق كله في السلطة...السبهللة حلوة بس ما تصير كتير غبية!
تنويه خاص: تأكيد خالد مشعل على ارتباط حماس بالجماعة الإخوانية سقطة سياسية ليس أوانها...فلسطين مش ناقصة تصدير أزمات لجماعة بدأت مطاردتها حتى في تركيا يا خالد!