بدأت مصر تحركات على المستوى الحكومي لتحديد الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة ومشروعات إعادة الإعمار في العراق، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتنفيذا لمخرجات الزيارة التاريخية التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلي بغداد قبل أيام.
وفي أول تحرك حكومي مصري عقب زيارة السيسي تبدأ الأحد، وزيرة التجارة والصناعة المصرية نيفين جامع زيارة تضم وفدا من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال إلى العاصمة العراقية.
وتعول حكومتي البلدين على التنسيق المشترك والتعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، لاسيما مع التقدير الذى تحظى به التجربة المصرية في التنمية والعمران، وتلبية احتياجات العراق من الخبرة والعمالة والشركات المصرية في العديد من المجالات، خاصة القطاعين التجاري والزراعي، وحل العديد من الأزمات التي يمر بها حاليا.
أجندة المباحثات
وقالت مصادر حكومية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الزيارة تبحث إطار التعاون الاقتصادي، وسبل الاستفادة من الزخم السياسي للقمة الثلاثية التي عقدها الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وأوضحت المصادر أن من أبرز الملفات التي سيتم مناقشتها خلال الزيارة، المشاركة المصرية في مشروعات إعادة إعمار العراق، وتحديد معيار واضح لطرق سداد مستحقات شركات المقاولات والتشييد التي ستنفذ تلك المشروعات وآليات حماية معداتها وعمالها، وطرق تحفيزها على المشاركة.
وبحسب المصادر فإن الوفد الحكومي المصري يضم رئيس هيئة التنمية الصناعية اللواء محمد الزلاط، ورئيس مركز تحديث الصناعة المصري محمد عبد الكريم، وأشارت المصادر إلى أن الزيارة تمثل "جولة استكشافية" لبحث الملفات الاقتصادية التي يمكن لمصر الاستفادة منها بالعراق خلال الفترة المقبلة.
وتعقد وزيرة التجارة والصناعة المصرية سلسلة لقاءات مع كبار المسئولين في الحكومة العراقية، تشمل منهل عزيز الخباز وزير الصناعة والمعادن، وعلاء الجبوري وزير التجارة، وخالد بتال النجم وزير التخطيط، بجانب لقاءات أخرى بمقر اتحاد الصناعات العراقي تضم ممثلي القطاع الخاص بالبلدين لبحث الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر والعراق.
وقالت وزارة التجارة في مصر إن الزيارة تستهدف بحث الملفات الاقتصادية على المستويين الثنائي والإقليمي واستعراض فرص تعزيز التعاون المشترك في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار والنقل اللوجيستي والتعدين، كما ستبحث نقل الخبرة المصرية في إنشاء المجمعات والمدن الصناعية المتخصصة للجانب العراقي، إضافة إلى بحث تفعيل العمل المشترك بين مصر والعراق والأردن لتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات التنموية المتفق عليها بين القيادة السياسية بالدول الثلاث.
وحسب هيئة الاستعلامات المصرية فإن حجم التجارة بين مصر والعراق حوالي 486 مليون دولار، منها 479 مليون دولار صادرات مصرية، وتقول البيانات إن حجم التبادل التجاري وصل عام 2018 لمستويات قياسية بعدما تجاوز مليار دولار.
إعادة الإعمار
وقال سمير نعمان وكيل المجلس التصديري لمواد البناء في مصر في حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية" إن العراق تعد واحدة من أهم الأسواق للمصدرين المصريين، حيث تمثل مع ليبيا وسوريا والسودان فرصا هائلة بإمكانها إحداث تغييرات جذرية للاقتصاد المصري.
وتابع نعمان قائلا إن زيارة وزيرة التجارة والصناعة للعراق مهمة على المستوى الحكومي، لاسيما أنها تأتي تفعيلا لمخرجات زيارة الرئيس السيسي، لكن يبقى الأمر مرتبطا بمدى الاستقرار الأمني والسياسي في العراق، ودور القطاع الخاص المصري في الملف.
وأضاف المسئول المصري أن الحديث عن مشاركة الشركات المصرية في عمليات إعادة الإعمار بالعراق، أو الانفتاح الاقتصادي بشكل كلي أمر سابق لأوانه في الفترة الحالية.
ولفت نعمان إلى أن الصورة مازالت غير واضحة حتى الآن فيما يتعلق بمشروعات الإعمار، عكس ما يحدث في ليبيا، حيث أصبحت الصورة أكثر وضوحا وهناك خريطة مشروعات كاملة وجهة حكومية واحدة يتم التعامل معها.
وبحسب وكيل المجلس التصديري فإن وجود ضمانة حكومية، وجهة حكومية واحدة يتم التعامل والاتفاق معها بشأن المشروعات المطلوب تنفيذها سيسهم في تحفيز الشركات المصرية للذهاب إلى العراق، فضلا عن توضيح آليات السداد الخاصة بالأعمال بين البلدين.
فرصة للمصدرين المصريين
وقال هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية في مصر إن السوق العراقية من الممكن أن تصبح فرصة جيدة جداً للمصدرين المصريين، بعد التحركات الحكومية من الجانبين، وأكد أن مصدري قطاع الغذاء لديهم طاقات إنتاجية هائلة قادرة على تلبية أي طلبات حال وجود انفتاح اقتصادي بين البلدين.
ويرى "برزي"أن السوق العراقية، تمثل 40 مليون مستهلك، وهذا رقم كبير يشجع المصدرين على تعزيز التحركات تجاه السوق، مشيرا إلي أن الاستقرار الأمني يعد أحد أهم العناصر التي من شأنها تعزيز التحركات الحكومية من مصر في الوقت الحالي تجاه العراق.
تقارب رسمي
ويعزز التقارب الرسمي بين حكومتين البلدين من فرص التكامل الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري في الفترة المقبلة.
وفي 27 يونيو الماضي بدأ الرئيس المصري زيارة إلي بغداد للمشاركة في فعاليات القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، في إطار الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس مصري إلى العراق منذ 30 عاما.
وفي أكتوبر الماضي قام رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي بزيارة إلي العراق، وقع خلالها مع نظيره العراقي مصطفى الكاظمي، 15 اتفاقية شراكة، تنوعت ما بين مجالات مثل النفط، والموارد المائية، والإسكان والتشييد، والنقل، وحماية البيئة.
المصدر : سكاي نيوز عربية