الطلائع الجدد للمشروع الاستيطاني: أفيتار نموذجاً

حجم الخط

بقلم: اللواء احتياط غرشون هكوهن



أقيمت بؤرة افيتار في ذروة الحرب الأخيرة على غزة. موقعها على تلة مشرفة شمال المحور 5 – عابر "السامرة" – يمنح الموقع حيويته الأمنية. في الماضي كانت على التلة قاعدة عسكرية خدمت حملات القبض على الأسلحة وعلى نشطاء "الارهاب" في المنطقة.
يشكل المحور الرواق الأساس، الذي يربط غوش دان بغور الاردن. في مسيرة أوسلو، في ترسيم مناطق ج، شخّص رئيس الوزراء رابين الأروقة التي تجتاز "يهودا" و"السامرة" من الغرب الى الشرق كمجالات حيوية لإسرائيل. وحفظ رواق محور 5 ضمن السيطرة الإسرائيلية كان في نظره شرطا ضروريا للتمسك بغور الاردن. مع نشر خطة ترامب تصاعد الصراع على السيطرة في المحور، والذي في اطاره وقعت السيطرة الفلسطينية على تل أروما الحشمونائي.
ان فهم التوقيت لاقامة افيتار يحتاج الى نظرة نحو السياق الواسع الذي حدثت داخله اضطرابات العرب في مدن إسرائيل اثناء حرب غزة. في اضطرابات 1936 – 1939 تبلور في قيادة الحاضرة اليهودية الفهم بأنه بالتوازي مع جهود الدفاع والحراسة، من الضروري ان تتحقق ايضا مبادرة نشطة. في التوتر الذي نشأ بين الأخذ بشكل الكفاح النشط وبين الاضطرار الاخلاقي للامتناع عن اعمال ثأر ضد العرب يختار دافيد بن غوريون توسيع مشروع الاستيطان كتعبير صهيوني نشط. والاستيطان في افيتار يرتبط في هذا الجانب بنمط العمل الطليعي الذي لم ينقض منطقه منذئذ.
في ضوء المبادرة الطليعية، تعود وتشدد سلطات الدولة، بقيادة جهاز الامن، على خرق القانون الذي ينطوي عليه بناء البلدة بلا إذن. من الواضح أن الظروف، التي يسمح فيها للإنسان بأن يأخذ القانون في يده، اذا كانت توجد مثل هذه الظروف، تستدعي بحثا فلسفيا - قيميا يتجاوز البحث القانوني الصرف. وبالذات دولة مثل بريطانيا، التي لها تراث ثابت من سلطة القانون، تمكنت من الاعتراف بالظروف الخاصة التي يمكن فيها لاخذ القانون باليد ان يكون مبررا ومجديا كاضطرار ظرفي.
في هذا التوتر يوجد لاكثر من مئة سنة منطق السلوك الذي يقود المشروع الصهيوني. يكمن أساس المشكلة في الصراع الدائم الجاري في "بلاد إسرائيل" على امتلاك الارض. منية شوحط في رسالتها لهاينريتا سوليت في اذار 2009 اجادت الوصف: "رويت لكِ من قبل انه في فلسطين محظور بقاء الارض غير مفلوحة. عندما يرى عربي أن الارض لا تفلح فانه يقيم عليها، وفي اللحظة التي يكون فيها أكل خبزا من هذا الارض لن يتركها. وبالتالي فثمة حاجة ليطرد بالقوة، تبدأ محاكمات... نتيجة لذلك تنشأ كراهية بين العرب واليهود. ولما كانت لا توجد امكانية لترك الارض غير مفلوحة فمن الضروري تأجيرها للعربي وعندها تتكرر القصة التي وصفتها سابقا... العرب لا يتركون الارض التي هجرت والنتيجة لها اضطرابات زراعية، قانونية، وسجن".
لأكثر من مئة سنة بعد ذلك، يخيل أن امرا لم يتغير. ما تغير سلبا هو مدى معرفة وتعاطف  زعماء الامة وقضاتها بمصاعب الكفاح الطليعي في المجالات الجبهوية. فالدينامية المعقدة للصراع على الارض في "بلاد إسرائيل" تواصل الالزام بانماط منطق وعي الطوارئ. في ظروف الطوارئ التي يواصل فيها هذا الصراح وجوده يكمن المفتاح لمحاكمة الافعال التي تعتبر في عيون قانونية رسمية كـ "اخذ القانون في اليد". في الاجيال السابقة كان لزعماء الاحزاب العمالية فهم للعلاقة المتبادلة بين القيادة المؤسساتية والمجموعات الطليعية المخلصة لرسالتها في الاستيطان.
هكذا مثلا زار الوزير إسرائيل غليلي في صيف 1967 في كيبوتس مروم غولان واجاب السكان الذين ارادوا وعدا بأنه من ناحية الحكومة هم هناك كي يبقوا: "عِدونا انتم بأن تكافحوا ضد كل حكومة في إسرائيل تسعى لاقتلاعكم. هنا يكمن اساس كبير في ادارة التوتر الايجابي بين الدولة وبين طلائعها والذي يخيل انه ضاع في الساحة السياسية في إسرائيل.

عن نشرة "نظرة من معهد بيغن - السادات"