“سيف القدس” ونزار بنات ما بعدهما ليس كما قبلهما

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

الرهان على طي صفحة سفح دم نزار بنات ، رهان خاسر ، ينطوي على استقراءات خاطئة واحيانا ساذجة، لاسباب عديدة أبرزها ان الشهيد وكأن دمه قد اصبح في ذمة كل الشعب في كل اماكن تواجده، كإنسان طليعي واسع الاطلاع، مقدام يحتذى، ومعارض مؤثر يحسب له الحساب اكثر من فصائل خنعت بالجملة والمفرّق، ولذلك نال منه القتلة، ناهيك عن طريقة القتل البدائية المستجدة “العتلة” التي لم يوازها في عصرنا التكنولوجي الحديث الا “منشار” الخاشقجي.
من الاسباب ايضا ، ردة فعل السلطة العصبي المتخبطة على أكثر من صعيد ، والتي تركزت في قمع المظاهرات وسحل الناس واعتقال قامات ومعارضين ومناضلين وسيدات ومصادرة هواتف الصحفيات وافتراءات لا تصمد من على شاكلة ما قاله الناطق الامني ان المندسين بين المتظاهرين ليسوا من ملاك الامن، فلماذا لم تقم الشرطة المتواجدة بزيها الرسمي باعتقالهم او على الاقل بمنع اعتداءاتهم الوحشية على الناس.
من بين التخبطات ايضا منع المفاصل المختلفة المحسوبة على السلطة استنكار الجريمة، والتعامل معها على انها لم تقع، وذكرت الاخبار عن حالتين استنكرتا الجريمة تم وقف اصحابهما عن العمل، ما دفع الآخرين الامتناع عن الاستنكار او حتى تقديم واجب العزاء للعائلة المفجوعة، بل لقد ذهب البعض الى ما هو ابعد من ذلك بكثير، مسؤول كبير ووزير وامين عام فصيل ان يقول “شارع بشارع” ومسؤول آخر ان يفتي بترحيل كل من يعارض الرئيس، وفي مرة سابقة بضروة قتله، انهما لا يدركان ربما انهما بتصريحات من هذا القبيل يؤكدان تورط السلطة في القتل مع سبق الاصرار والترصد، ولو كان لدينا سلطة قضائية مستقلة لتم اعتقالهما ومساءلتهما قانونيا بتهمة التحريض على القتل والاحتراب الاهلي. في حين انها لم تعتقل حتى الان من أطلق الرصاص على منزل الشهيد قبيل قتله، في حين تم اعتقال معارض لانه خطب صلاة الجمعة قبيل التشييع ، كيف يتم تحويل الصلاة من عبادة الله الى عبادة الاشخاص. المظاهرات المضادة ، وكأننا امام موقفين ، الاول ضد القتل والثاني معه، والحقيقة ليست هكذا ابدا، لأن الشعب الفلسطيني الذي امتهن النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي على مدار قرن كامل من الزمان، واحتضن العديد من ثورات التحرر العالمية في معسكراته التدريبية ، لا يمكن ولا بأية حال ان يحتضن القتل والجريمة ، الشعب التواق للحرية والذي يدفع القتل والقمع والبطش عن نفسه لا يمكن ان يكون شعبا دمويا يحتضن القتلة حتى لو كانوا من لدنه وابنائه .
لقد ناطحت السلطة خلال الاسبوعين الاخيرين بقرون من طين وسدّت آذانها بالعجين، في حين كان يجب ان تسمع كل ما يقال، بل كل ما قيل عنها بما في ذلك نزار نفسه، خاصة موضوع الفساد الممتدة قوافله من الاسمنت المصري مرورا بالبنزين المغشوش وانتهاء باللقاحات منتهية الصلاحية – البنزين المغشوش طرحها ابو مازن نفسه سببا لتقديم استقالته امام التشريعي عندما قدم استقالته كرئيس للوزراء – .
خلال الاسبوعين الماضيين من مقتلة نزار ، بدت معظم سلوكيات السلطة واعلامها الرسمي تعكس مأثورنا الشعبي “يكاد المريب يقول خذوني” .