اتركوا الاصوليون بحالهم وحاربوا المستوطنين

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

الحكم الاول لوزير المالية الجديد، افيغدور ليبرمان، معبود الليبراليين وبطل اليسار، أنزله على السكان اليهود الاكثر فقرا في اسرائيل. بالاجمال، هذا منطقي، أن تأخذ من الفقراء قبل أي قطاع آخر. بالاجمال هذا منطقي، أن ليبرمان شرعي، وحتى مقدر في معسكر المقاتلين بدون خوف ضد الفساد. الـ 400 مليون شيكل التي سيتم توفيرها نتيجة وقف الدعم لمراكز الرعاية في النهار للاصوليين، لم يكن بالامكان أخذها من أي قطاع آخر. ببساطة، لا يوجد من أين، فقط يمكن أخذها من الفقراء. ولكن الحقيقة هي أنه خلف هذا القرار تختفي فقط الكراهية والثأر والشعبوية. هذا القرار لا توجد له أي علاقة بالتشجيع على الخروج الى العمل أو المساواة في تحمل العبء أو الوضع الاقتصادي.

لا يوجد ما هو أسهل من الانقضاض على الاصوليين، لا سيما بعد الكورونا. ولا يوجد ما هو أسهل من الانتقام من نشطائهم السياسيين بسبب اخلاصهم لبنيامين نتنياهو. ليبرمان الذي لم يساهم حتى الآن بأي شيء لدولة اسرائيل في جميع مناصبه الكثيرة، باستثناء فظاظته وعنصريته الصارخة والمحيط المتعفن الذي عمل فيه والذي تنبعث منه الرائحة الكريهة، يعرف ذلك جيدا: قم بضرب الاصوليين وستحصل على التعاطف والعفو عن كل شيء. “يجب عليك ارسالهم الى المزبلة”، هذا الشعار هو موضة في جهات واسعة في اسرائيل. لو أن ليبرمان تحدث بهذا الشكل عن المثليين والشرقيين أو حتى عن العرب لكان سيدفع ثمن ذلك مثلما يستحق. ولو أن زعيم غربي اوروبي تجرأ على التحدث بهذا الشكل عن اليهود لكان سيتم تقديمه للمحاكمة. ولكن على الاصوليين مسموح الانقضاض. في الحقيقة هذا فرض علماني. ومن اجل محاربتهم أنت لا تحتاج الى أي شجاعة سياسية: النضال ضدهم هو نضال جبناء، الذين لا يتجرأون على النضال من اجل مواضيع تحتاج الى الشجاعة. هذا النضال يجعلك تكسب نقاط كثيرة في اوساط الكثير ممن يحتقرونهم، ولا يوجد هناك ما تخسره. 

ليس لأنهم لا يستحقون الانتقاد الشديد، وليس لأنه لا توجد عدالة في دعم أحد القطاعات على حساب قطاع آخر، لكن اذا سبق ودخلنا الى الممر الاشكالي لفحص أهمية  القطاعات للمجتمع فان الثمن الذي تستثمره الدولة فيها والمقابل الذي تحصل عليه، اضافة الى مسألة المساواة في الحقوق والواجبات، عندها الاصوليون لن يكونوا بحاجة الى أن يكونوا الهدف الاول للاصلاح. قبلهم، بفجوة كبيرة حسب كل المعايير، يوجد القطاع الاقوى والاغنى منهم، الذي يتسبب بضرر اكبر للدولة ويرضع كمية اكبر من ثديها. هذا اذا استخدمنا التعابير الموجهة لدينا فقط نحو الاصوليين؛ القطاع الذي قوته السياسية اكبر بكثير والذي لا يتجرأ أي أحد على الوقوف ضده، وبالتأكيد ليس مثلما ينتقدون الاصوليين.

خذوا المستوطنين. لو أننا شاهدنا من يهاجمون الاصوليين باسم المساواة في تحمل العبء والميزانيات يصرحون هكذا ضد المستوطنين. صحيح أن عدد منهم يخدمون في الجيش وحتى في الوحدات المختارة، اذا كان هذا مقياس مهم جدا لأي أحد، لكن نصف الجيش ايضا ينشغل بحمايتهم، على اراضيهم المسروقة وبيوتهم غير القانونية. نفس هذا النصف من الجيش الاسرائيلي ينشغل ايضا بنشاطات غير قليلة من الانتقام، الذي تم تخصيصه فقط لارضائهم وارضاء شهوة انتقامهم التي لا تشبع. لو أن هؤلاء لم يخدموا في الجيش مثل الاصوليين، وايضا لم يشغلوا الجيش بأخطائهم، لكانت الدولة قد خرجت رابحة، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.

ايضا موضوع خروجهم الى العمل هو موضوع مضلل. صحيح أن المستوطنين يعملون اكثر من الاصوليين، لكن في أي اعمال بالضبط يعملون؟ هذا هو القطاع الذي فيه النسبة الاعلى من العاملين في القطاع الحكومي والعام. كتاب الاحصاء السنوي للعام 2019 يدل على أنه في كل الفروع الانتاجية يقف المستوطنون أقل بكثير تحت المتوسط القطري. في المقابل، في الفروع التي تعتمد على خزينة الدولة مثل الامن والتعليم والصحة والرفاه، فان وجودهم تقريبا ضعف المتوسط. هناك عدد غير قليل من الوظائف، الحقيقية أو المفبركة، الحيوية أو الزائدة، حيث تنبعث الرائحة الكريهة لمشروع الاستيطان وطرق عمله تسود على كل شيء. ولكن ضد هذا لا أحد يناضل وعن هذا يجب علينا أن ندفع الثمن. 

لذلك، يجب عليكم الصعود الى المتاريس مع تشي ليبرمان من اجل محاربة الاصوليين، ومن اجل العدل والمساواة في اسرائيل.