خراب «البيت الثالث»: عن التهديد الداخلي لدولة إسرائيل

حجم الخط

بقلم: غرشون هكوهن

 



صوم التاسع من آب، الذي يبدأ في منتهى السبت، لا يتعلق حقاً بجدول الأعمال الإسرائيلي، ولكنّ همّ خراب البيت الثالث أصبح هذه الايام مشتركاً للكثيرين.
حذّر بعض المفكرين من خطر العقد الثامن. كانت مملكة داود وشلومو وصلت نهايتها كمملكة موحدة في العقد الثامن، وهكذا حصل ايضا مع مملكة الحشمونائيين. آريه شافيت، في كتابه الجديد "البيت الثالث" يحلّل كيف أصبح الإسرائيليون العدو الاكبر لأنفسهم: "التحديات الأمنية يمكن التصدي لها... ولكن لا يمكن التغلب على تفكك الهوية"، (صفحة 192). رسالة مشابهة نقلها في ايار السينمائي جيدي دار في البث الاول لفيلمه المميز "أسطورة الخراب" حين قال في مقابلة ("في السابعة"، 8/7) انه يخشى من خراب قد يقع. ليس كل مواطني إسرائيل يحملون معهم همّ الخراب. فمثل هذه الشحنة تثقل اساسا على اليهود. في دولة إسرائيل الكثير من المواطنين ليسوا يهودا، وهم بالطبع يستحقون المساواة المدنية الكاملة، ولكن همّ مستقبل الدولة هو أولاً وقبل كلّ شيء يهودي. ليس بوسعنا أن نتصور المصير الرهيب المتوقع ليهود إسرائيليين في سيناريو رعب وجودي كهذا. صحيح أن سكان أم الفحم أو الطيبة سيفقدون هم ايضا في مثل هذا الوضع الغلاف الداعم لدولة إسرائيل، ولكن استمرار وجودهم في اماكن سكنهم، في حضن العشيرة الموسعة، ليس خاضعا اغلب الظن للتهديد.
فضلا عن كل ما تنطوي عليه شروط الوجود المادية، ينبغي ان نضع كامل المعنى الروحي لخراب البيت الثالث للشعب اليهودي. فالحديث يدور عن مصيبة شاملة من المشكوك فيه أن يكون بوسع الشعب اليهودي ان ينتعش منها. في هذا الجانب، فإن همّ خراب الدولة هو يهودي خاص ذو معنى كوني بكل أبعاده. هذا الهمّ ينطوي على عنصر اساس في جذور هوية وغاية دولة إسرائيل كدولة يهودية. بهذه الروح عاد بن غوريون وشدد على ان دولة إسرائيل ليست هدفا بحد ذاتها، وهي مطالبة بأكثر بكثير من إدارة ناجعة للجنة عمارة مشتركة. هي وسيلة للغاية الخالدة: "خلاص إسرائيل، جمع المنافي، وانبعاث قومي".
في عيد الفصح في اجتماع تل يوسف تحدث بن غوريون عن عمق المعنى العملي لجمع المنافي: "لا الأمن ولا تنمية البلاد هي اساس الدولة. هذه ليست سوى شروط حيوية لازمة للأمر الأساس. إذ ليس ككل الدول هي دولة إسرائيل. فلا يوجد مثال في التاريخ على انبعاث دولة إسرائيل: خصوصية انبعاثها هي ثمرة خصوصية غايتها... الشعب كله حمل مدى الخلاص في قلبه، والدولة ليست سوى بداية مقدمة المدى. وجمع المنافي هو هدف وغاية ورسالة دولة إسرائيل. بدون هذه الغاية تفرغ من محتواها التاريخي، وتتنكر للشعب اليهودي في عصرنا، في الاجيال التي سبقتنا وفي الاجيال التي ستأتي.
إن وعي هذه الغاية كان مشتركا في تلك الأيام مع الغالبية الساحقة ليهود البلاد. بيد فنان يصف آري شافيت في كتابه ميول التغيير، التي احدثها منذ عهد بن غوريون مجتمع إسرائيلي آخر تماما. التغييرات التي وقعت تتأثر أيضا بميول عالمية. فليس فقط في إسرائيل تضعضع الاستقرار الداخلي للدولة. في الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الاوروبي ايضا تعاظمت حجوم التهديد الداخلي.
ومع ذلك، فإن للتهديد الداخلي في دولة إسرائيل توجد خصوصية. فهو مشحون بكل حجومه، في ظل ما يتعلق بعرب إسرائيل ايضا – بالقصة الخصوصية لانبعاث الدولة. هذا ما يجعل خطر خراب البيت الثالث همّاً خاصاً، يتركز منذ بدايته في مسألة هوية وغاية الدولة كيهودية. ليست رحلة الجذور الى الماضي اليهودي مطلوبة هنا، بل جهد ثقافي – ديني لاقامة قصة يهودية إسرائيلية جديدة تتناسب وتحديات المستقبل. شعب إسرائيل بحاجة في هذه المسائل الى زعامة سياسية تتجاوز كفاءات الادارة، وملتزمة بقامة روحية عليا.

عن "إسرائيل اليوم"