روسيا تلمّح لإسرائيل بوقف الهجمات على شمال سورية

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 



الادعاءات الروسية بشأن إحباط منظومة الدفاع الجوي الروسية في سورية هجوماً إسرائيلياً، والانتقادات الموجهة إلى سلوك إسرائيل في المنطقة، واللتين بُحثتا بين موسكو وواشنطن، فاجأتا المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. يبدو أن جزءاً من التقارير في روسيا ليس دقيقاً، لكن مجرد قول هذا الكلام يكشف عدم رضا موسكو بعد فترة طويلة من الهدوء المصطنع بين الطرفين.
في الأسبوع الماضي، تحدثت تقارير عن 3 هجمات إسرائيلية في أجواء سورية في وسط الدولة وجنوبها، استهدفت مناطق قريبة نسبياً من مواقع عسكرية روسية. وتحدثت وسائل إعلام عربية عن مقتل عنصر من الحرس الثوري الإيراني ومن «حزب الله» في الهجمات. وادّعى جنرال روسي في نهاية الأسبوع أن قواته تساعد السوريين على إحباط هجمات إسرائيلية. وأضاف، إن منظومة الدفاع الجوي الروسية نجحت في اعتراض صواريخ أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية، ليل الخميس/ الجمعة، على هدف في منطقة حمص. وذكرت صحيفة «الشرق الأوسط» أن روسيا أعربت عن قلقها أمام الولايات المتحدة بشأن ازدياد حجم الهجمات الإسرائيلية، وأن الأميركيين قلقون أيضاً.
من الصعب توضيح الوقائع الحقيقية هذه المرة. فانسجاماً مع سياسة الغموض التي تتمسك بها إسرائيل فيما يتعلق بأغلبية الهجمات في سورية، لا تتطرق المؤسسة الأمنية مباشرة إلى صدقية الادعاءات الروسية الجديدة. مع ذلك، إسرائيل لا علم لها بوجود حوار روسي – أميركي في هذا الشأن، وأيضاً لا يظهر استياء واشنطن حيال الهجمات الأخيرة. يبدو أن التصريح الروسي الرسمي يهدف إلى كشف أمرين: قلق روسيا من اقتراب الهجمات من مناطق اهتمامها في سورية؛ والتشديد على التزامها مساعدة النظام في دمشق في جهوده الدفاعية.
وقعت أزمة حادة بين إسرائيل وروسيا في أيلول 2018 عندما أسقطت الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ طائرة «إليوشن» تحمل على متنها 15 عسكرياً روسياً في أثناء هجوم إسرائيلي على منطقة اللاذقية شمال غربي سورية. يومها حمّلت موسكو القدس المسؤولية عن الحادث وانتقدت لوقت طويل سلوك إسرائيل في سورية. جرت تهدئة الأمور بجهد كبير. التصريحات الروسية الأخيرة تدل على حساسية جديدة للروس في سورية.
الذي سارع إلى استغلال المناسبة هو رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو. إذ جاء في بيان أصدرته كتلة «الليكود» أن حكومة بينت - لابيد «حطمت قمة جديدة. وبحسب تقارير إعلامية، روسيا تعمل على تقييد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الأجواء السورية. لقد حافظنا على حرية العمل في سورية بفضل العلاقات الوثيقة بين نتنياهو وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. إذا كانت التقارير صحيحة فإن الحكومة خسرت رصيداً استراتيجياً حيوياً بالنسبة إلى إسرائيل استفادت منه خلال حكومة نتنياهو».
ليس متوقعاً من نتنياهو إظهار مسؤولية أو قدر قليل من التضامن مع خلفه في مسائل أمنية حساسة. وكان من المتوقع أن يقفز على المناسبة لإحراج مَن جاء بعده. يبدو أنه سيمر وقت قبل أن يتضح إلى أي حد سيقيد عدم الارتياح الروسي عمليات إسرائيل على الأرض في سورية. فإذا توقفت هذه الهجمات من المحتمل أن يكون لذلك علاقة.

«حزب الله» ليس في الصورة
حتى، الآن، لا يعرفون في إسرائيل بدقة مَن يقف وراء إطلاق صاروخي كاتيوشا من لبنان على الجليل الغربي، الأسبوع الماضي. أحد الصاروخين اعترضته منظومة «القبة الحديدية» والآخر سقط في البحر. المتهمة المباشرة هي التنظيمات الفلسطينية العاملة في الجنوب اللبناني، لكن المتغير المهم هذه المرة هو عدم وضوح ما إذا كان «حزب الله» في الصورة. في الماضي، درجت إسرائيل على الادعاء أن أي شيء يجري في الجنوب اللبناني موجّه ضد إسرائيل يكون مرتبطاً بموافقة مسبقة من «حزب الله».
لكن إطلاق الصواريخ هذه المرة، وهو الرابع منذ أيار - حين أُطلقت الصواريخ على إسرائيل ثلاث مرات خلال عملية «حارس الأسوار» في قطاع غزة - لم يحصل على مثل هذه الموافقة من طرف التنظيم الشيعي. من المحتمل أن هذه الحادثة تكشف عن ضخامة الفوضى في لبنان، حيث لم يعد النظام قادراً على الحكم على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تزداد تفاقماً.
في المدى القصير، لا يرى الجيش الإسرائيلي أي مؤشرات واضحة تدل على تصعيد محتمل مع إسرائيل. أيضاً لدى «حزب الله» حالياً سلّم أولويات آخر، وهو يركز على المحافظة على مصالحه والسعي لتأمين الحاجات الأساسية لأنصاره. لكن التخوف من عدم الاستقرار يؤدي أيضاً إلى خطوات غير متوقعة يمكنها أن تلقي الضوء على ما يحدث على الحدود.
علاوة على ذلك، الاضطرابات الداخلية في لبنان يمكن أن تخدم «حزب الله» الذي سيحصل على شحنات غذاء ونفط من إيران من أجل السكان الشيعة في لبنان، وسيستغل الفوضى لمواصلة الدفع قدماً بتطوير وسائل القتال لديه دون التعرض لأي رقابة وكبح. حالياً تعتبر إسرائيل الوضع الداخلي في لبنان مصدراً محتملاً لأزمات في المستقبل، لكن ليس بالضرورة كعامل مباشر لتصعيد أمني.

عن «هآرتس»