«أنت إرهابي. يجب أن تكون في كنيست سورية»، هكذا انتقد عضو الكنيست، ايتمار غبير، نائب رئيس الكنيست، أحمد الطيبي. اهتزت الأرض، وحتى السماء نزل منها الماء مدة أربع دقائق ونصف. اثنان من المسؤولين عن النظام استخدموا العضلات لفصل بن غبير عن منصة الخطابات، لكنهما لم يتمكنا من ذلك.
هذا البلطجي المثير للشغب والمجرم المدان والذي يتمتع بالتجربة في المواجهات المباشرة مع قوات الأمن لم يردعه رجال نظام يرتدون الزي الرسمي. ومثلما في المعارك المباشرة، التي كانت له على التلال القفراء في الضفة الغربية، تصدى بسهولة لرجال النظام، واستمر في إهانة عضو الكنيست احمد الطيبي: «أنت لن تغلق فمي، يا إرهابي»، صرخ. يبدو أنه لو كانت هناك حجارة في القاعة لكان بن غبير ألقى بالفعل حجرا كبيرا على الطيبي، كي يعرف من الذي يقف أمامه وأين يقف، في الكنيست الإسرائيلي.
إن وصف شخص بأنه «إرهابي» هو ذريعة لتقديم دعوى تشهير، هذا ما نعرفه من بن غبير نفسه. في نيسان قدم دعوى تشهير ضد عضو الكنيست، يائير غولان، من «ميرتس». لأنه وصفه بـ «ارهابي» في تغريدة له في تويتر. طلب بن غبير رفع الحصانة عن غولان من اجل تقديمه للمحاكمة. ذريعة الدعوى في حينه كانت تغريدة عضو الكنيست غولان التي كتب فيها «ايتمار بن غبير، من حزب الزواج الدموي، يعترف أنه يريد مساعدة ارهابيي التلال مثل الذين قاموا باحراق المدرسة ثنائية اللغة. يجب أن ترفع الحصانة عنه وأن يتم نقله للتحقيق معه في الشاباك».
هذه كانت تغريدة ردّاً على تغريدة بن غبير بعد ادانته بسبب «فتى التلال» المتهم باحراق كنيسة «الخبز والسمك». «هناك أمر واحد جعلني أوقف كل شيء والقول بأنني أريد سياسة. كان هذا أحد ملفات احراق كنيسة الخبز والسمك. يجب اصلاح جهاز القضاء، ووقف المطاردة لكل هؤلاء الشباب الجميلين»، كتب هاوي الحلويات. من المشكوك فيه أن يشغل احمد الطيبي نفسه في تقديم طلب مشابه ضد بن غبير؛ لأن هذه الدعاوى كان يمكن تقديمها بالعشرات ضد اعضاء كنيست كثيرين، من بينهم رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، ممن اتهموا اعضاء كنيست وقادة عربا آخرين بدعم «الارهابيين» أو مساعدتهم. بشكل عام، أين هو التشهير؟ عربي – «ارهابي»، هذا تعبير دارج، مقبول وطبيعي في الدولة اليهودية، الى درجة أنه يمكن التنازل عن ازدواجية الكلمات. اذا كنت عربيا فأنت «ارهابي». واذا كنت «ارهابيا» فمن الواضح أنك عربي.
في آذار 2020، في ذروة أزمة «كورونا»، وعندما تحدثوا عن تشكيل حكومة طوارئ، أوضح نتنياهو بأن «من يؤيدون الارهاب لا يمكنهم أن يكونوا جزءا من الحكومة – ليس في الوضع العادي وليس في حالة الطوارئ». ومن غير الواضح اذا قصد في حينه «ارهابيي راعم»، الذين كانوا على اتصال معه لتشكيل تحالف سياسي. ولم يتم تقديم أي دعوى تشهير في حينه. الواضح هو أن من يؤيدون الارهاب اليهودي حصلوا منه على مكانة غير مسبوقة.
صحيح أن نتنياهو أعلن بأن بن غبير لن يكون وزيراً في حكومته، لكن جميع منتخبي الكتلة، الذين وجدوا صعوبة في أن يضعوا في صندوق الاقتراع بطاقة «الليكود»، حصلوا منه على التشجيع من اجل التصويت لحزب الصهيونية الدينية. الآن بن غبير، الذي أفشل تشكيل حكومة نتنياهو، لم يعد عضو كنيست هامشيا، بل هو وجه المعارضة.
لاعبون فوضويون من اليمين، ممن وبخوا وأهانوا من ليسوا مثلهم، ما زالوا يتجولون في الملعب، لكنهم يشاهدون بألم كبير كيف تحول كاميرات التلفاز العدسات عنهم وتلاحق «الحكومة المخادعة». فجأة تصريحات نفتالي بينيت ويائير لبيد وحتى بن غانتس هي التي تصنع العناوين، في حين أنه يوجد لنتنياهو تويتر فقط، والذي أصبح مملاً.
ها هو قائد جديد يولد. بن غبير، الذي يحدد من أجلهم من هو اليمين الحقيقي وكيف يجب عليهم العمل من اجل الانتصار، وبالاساس كيف يعيدون الكاميرات الى البؤرة الصحيحة، الى الدراما الحقيقية. اذا كان نتنياهو قد أعطى شهادة شرعنة للشراكة مع العرب فان بن غبير سيهتم بإلغائها. ومن لا يتصرف مثله فهو خائن، يكره إسرائيل ويؤيد «الارهابيين».
عن «هآرتس»