محاربة الفساد...سلاح الرئيس سعيد لمحاصرة "النهضة"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 ربما سيكون يوم 25 يوليو 2021، يوم "الاستقلال الثاني" في تاريخ تونس الحديث، وسيكون اسم الرئيس قيس سعيد مجاورا لاسم الحبيب بورقية في تحديد المسار الوطني الاستقلالي، وبما يفوق ما حدث بعد ثورة الياسمين 2011، والتي سجلت غضبا لم يكتمل لما هدفت له، لأسباب لم تعد مجهولة أبدا.

"القرار الثوري" للرئيس سعيد بوضع حد لمسار "خطف" ثورة الياسمين، يمثل مفاجأة لم تكن ضمن حسابات أي من قوى المشهد التونسي، وخاصة التيار الإسلاموي، نهضة ونواب برزوا صدفة، ومعه حليفه الرئيسي حزب قلب تونس "المنبثق من النظام السابق، خاصة وأن سعيد لا يحمل تاريخا سياسيا، وليس ضمن دائرة "المصابين" بحلم السلطة والحكم، وكان انتخابه أساسا هو المفاجأة الأهم.

ويبدو، ان بيدر حسابات حركة النهضة الإسلاموية ورئيسها "المتخابث" راشد الغنوشي، في تطويق مكانة الرئيس التونسي المنتخب، وكأنه "شاهد ملك" لحكمها، خاصة بعدما اختار الغنوشي أن يكون رئيسا للبرلمان، وبدأ يمارس وكأنه "الرئيس الفعلي"، وصاحب القرار الأول في البلاد، دون أي اعتبار لوجود الرئيس الجديد، وحاول ان يضعه "أيقونة في قرطاج".

سلوك كشف عن "فوقية سياسية" نادرة لم تراع لا مكانة الرئيس المنتخب، ولا حضوره الذي يحتاجه أمام الذين اختاروه رئيسا، ما اثار وبشكل سريع حركة توتر عند أستاذ القانون الدستوري الذي وصل الى "قصر قرطاج" بأصوات ملايين بحثوا تغييرا وليس تشويها.

ولأن "الغرور السياسي" كان منهجا في مسار حركة النهضة ورئيسها الغنوشي(سمة الجماعة الإخوانية)، وصل الى حد الاستخفاف الكامل بمكانة رئيس الدولة، وتحريض موظف بدرجة وزير أول أن يقوم بتعيين من يريد دون أي قيمة لرأي الرئيس، في مخالفات صارخة لدستور الدولة، مستندا الى أغلبية عمودها الفقري حزب متهم رئيسه بالفساد وتبيض الأموال (نبيل القروي)، واعتقادا أن الرئيس لا حول له ولا قوة سوى الرضوخ لمشيئة "المرشد الخاص"، لذا كانت مفاجأة سعيد اضعافا مضاعفة.

ومع ساعات قرار تصويب الطريق، استل الغنوشي طريقه لإبراز عضلاته ودعا الى مظاهرات رفض شعبية لقرار التغيير، وحاول جاهدا استخدام أدواته القديمة، فخانه "الذكاء" ليكتشف أن "التذاكي" سقط ويبدو لغير رجعة، بعدما تبين أن القرارات "الثورية" ليس "نزوة سياسية" من شخص مرتبك.

ولعل السلاح السري الهام، الذي استند اليه الرئيس سعيد في حصار "الحركة الإسلاموية" وتعريتها شعبيا ووطنيا، لم يكن ملف الإرهاب الذي لديه كل ما يرسل بعضا منها الى السجن، بل كان محاربة الفساد وتهريب الأموال وتبيضها، وذلك هو الذكاء الفطري – القانوني.

سلاح الفساد لكشف النهضة والغنوشي وتطويقهم، كان هو ما أدى الى حركة ارتباك غير محسوبة من القيادة الإسلاموية، بل أن الغنوشي هرب من دعوة التظاهر الى منطقة أخرى، وسريعا فتح باب الحقيقة أمام جزء من التنظيم الرافض لفردية الغنوشي، وسلوكه السياسي الضار، حالة تمرد فوري لم تكن متوقعة بسرعتها، ما كسر شوكة "التنمر الغنوشي" والجماعة الإخوانية في تونس وخارجها.

محاربة الفساد ذلك السلاح، الذي سيكون أقوى أثرا من أي قوة عسكرية – أمنية، ويوازي بقوته الثورة الشعبية لتصحيح تأخر، وكاد أن يذهب بتونس الى غير ما أراد مطلقي شرارة التغيير عام 2011، وربما يصبح التغيير الجديد هو بداية ثورة الياسمين الحقيقية، ونموذجا سياسيا لمكافحة الفساد والفاسدين.

وكي لا تستمر خدعة الأغلبية، فالنهضة لم تكن أغلبية برلمانية، فقد خسرت كثيرا جدا منذ 2011 بعدما كشفها الشعب التونسي، ولكنها لجأت لنسج تحالف مشبوه، سارع في التغيير الأخير.

النتيجة المباشرة لذلك السلاح السري، غاب كثيرا في ملاحقة الجماعات الإسلاموية، رغم ان سجلها يمتلئ بالفساد، ولذا قد تعيد تونس لذلك السلاح قيمته الحقيقة لكشف مخاطر استخدام الدين في السياسة ولتمرير "مبيقات اجتماعية" تسترت خلف "نقاب".

قرار الرئيس التونسي الجديد باستخدام سلاح محاربة الفساد سيكون نموذجا لبناء الجديد، وسيسقط أكاذيب ملاحقة الإسلاموية السياسية، ورفض وجودها، وأن الشراكة في النظام يجب أن يكون وفقا لاحترام القانون وليس استخدامه وفقا لهوى خاص.

ملاحظة: أن يتهم نتنياهو أمريكا بأنها ستقوم بتسريب أخبار عن خطط إسرائيل ضد إيران للإعلام، تكشف أن الجنون وصل الى حد يستحق عليه أفضل الجوائز..نتنياهو لم يفقد المنصب فحسب بل فقد كل شيء سوى انه كاذب وفاسد!

تنويه خاص: شكله الضغط الأمريكي الأوروبي بوقف المال عن السلطة في رام الله بعد قضية بنات بات يثمر "كلاما"...صاروا مش ملحقين اعتذارات...الدونية لست حلا يا أنتم!