تحالفات عسكرية جديدة بين تركيا ودول الخليج

49543c8d-7769-40ae-9504-fb6414ac7d72
حجم الخط

تنامت في الفترة الأخيرة العلاقات الخليجية التركية بشكل متسارع، مما دفع إلى تكثيف الزيارات المتبادلة التي تحمل طابعاً عسكرياً بين دول مجلس التعاون الخليجي وأنقرة، لا سيما أن تلك الزيارات تضمنت توقيع عدد من الاتفاقيات في شتى المجالات في مقدمتها التعاون العسكري والطاقة.

 بحسب مسؤول تركي فإنه من المقرر أن تكون للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جولة خليجية في الأول من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تشمل قطر والسعودية والكويت، مشيراً إلى أن الزيارة تحمل طابعاً عسكرياً أكثر منه سياسياً على عكس الزيارات السابقة.

المحلل السياسي المقرب من الرئاسة التركية، محمد زاهد جول، قال :إن "زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى دول الخليج لا سيما السعودية وقطر تأتي ضمن تعزيز وزيادة التعاون بين الجانبين، خصوصاً في ظل التحالفات الدولية لمحاربة تنظيم "الدولة" في العراق وسوريا".

وفي ظل تصاعد حدة الصراع بين أنقرة وموسكو، أكد جول أن "زيارة أردوغان إلى قطر تأتي في إطار السعي لعقد اتفاقيات جديدة مع الجانب القطري بشأن زيادة التعاون، لا سيما في المجالين العسكري والطاقة بين البلدين"، إذ تعتبر موسكو وطهران المصدر الرئيسي لتصدير الطاقة إلى تركيا، الأمر الذي يدفع بها إلى البحث عن مصادر أخرى.

وبعد تنامي الدور الإيراني والروسي في سوريا والعراق وتحرشات طهران وموسكو بأنقرة، لا سيما في الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي التركي، تعمل أنقرة على تعزيز تحالفاتها الاستراتيجية الجديدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، أكبر مصدر للطاقة في العالم، التي قد تكون في المستقبل بديلاً عن تحالفات إيران-موسكو.

وفي ظل تداعيات إسقاط طائرات "إف - 16" التركية للطائرة الروسية قرب الحدود التركية السورية، بعد التحذيرات العديدة التي تلقتها موسكو في الآونة الأخيرة من أنقرة بأن ردها سيكون قوياً في حال تكرر انتهاك مجالها الجوي، وتجاهل موسكو تحذيرات أنقرة، يرى مراقبون بأن موسكو قد تعيد النظر في نشاطها في المنطقة.

حيث أسقط سلاح الجو التركي، صباح الثلاثاء، طائرة حربية روسية اخترقت أجواء البلاد وفق قواعد الاشتباك، حين كانت تقصف جبل التركمان في ريف اللاذقية المحرر.

أما بخصوص تركيا، التي كشفت في وقت سابق عن خططها الاستراتيجية الطموحة بشأن تصنيع السلاح والدفاعات الجوية وإطلاق أول مقاتلة تركية الصنع قبل 2020، فقد أكد جول أن "قمة الرياض المرتقبة بين الرئيس أردوغان والملك سلمان ستشهد توقيع عدد من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والتحالفات الجيدة بين البلدين، تتمثل بإقامة مصانع مشتركة للسلاح بين البلدين، فضلاً عن التعاون في مجالات الطاقة والنفط والغاز، بالإضافة إلى رسم مسارات والشروع بتنفيذ ما تمخضت عنه المقررات التي جمعت العاهل السعودي بالرئيس التركي خلال قمة العشرين".

وفي إطار التحالفات الدولية الأخيرة، وتصدر محاربة داعش في العراق وسوريا، سيكون الملف السوري حاضراً خلال جولة الرئيس أردوغان إلى قطر والسعودية، حيث سيناقش "الحل السياسي"، الذي تم الاتفاق عليه مؤخراً في فيينا، بحسب مسؤول تركي مقرب من الحكومة.

وبحسب موقع "الخليج أونلاين"،فإن "تركيا تعمل على إيجاد بديل لمصادر الطاقة لديها التي تزودها بها روسيا وإيران، وترى أن دول الخليج هي الوجهة المناسبة لها"، وأكد المسؤول أن "طهران وموسكو باتتا في المراحل الأخير تضغطان على أنقرة بشأن الملفات الإقليمية من خلال الطاقة، الأمر الذي دفع أنقرة إلى أن توسع تحالفاتها مع دول الخليج على حساب موسكو وطهران".

وانطلقت الشراكة التركية-الخليجية بشكل أوسع عبر توقيع مذكرة تفاهم على هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته الـ108 عام 2008، حيث تشكّل المذكرة قفزة حقيقية بطبيعة العلاقة بين تركيا والخليج، لا سيما أن واشنطن ترتبط بعلاقات قوية مع الطرفين، كما أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تحقيق تقارب أكثر مع الطرف الخليجي، وهو ما عبر عنه في مبادرة إسطنبول للتعاون (ICI).

وما يعزز حرص دول التعاون الخليجي على بناء علاقة أمنية واستراتيجية مع أنقرة، هو أن تركيا أحد اللاعبين الأساسيين في مبادرة إسطنبول، ومن ثم فإنها توازي "بوابة للحوار السياسي" البالغ الأهمية مع دول المتوسط والاتحاد الأوروبي، كما يمكن لدول الخليج الاستفادة من الوجود التركي في حلف الأطلسي لمواجهة التحديات المستقبلية التي قد تتعرض لها، في حين تعتبر تركيا تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع دول الخليج فرصة قوية لتعزيز دورها في المنطقة، في ظل تراجع وضعف النظم السياسية الرئيسية.

وبحسب مراقبين، فإن تطابق وجهات النظر بين دول الخليج وتركيا في معظم ملفات المنطقة وأكثرها حساسية، لا سيما الملفين السوري والعراقي، وزيادة التنسيق في المجالات العسكرية والأمنية وتكثيف الزيارات ومناقشة الوضع الإقليمي، فضلاً عن المشاريع التركية-الخليجية المشتركة في مجالات الطاقة، التي ستصبح بموجبها دول الخليج المصدر الأول للطاقة بالنسبة لتركيا، ستجعل منهما قوة إقليمية عظمى لا يمكن الاستهانة بها على المستوى القريب، وقادرة على فرض رأيها على الحلفاء على المستوى الإقليمي والدولي.