"أكثر ما يؤذيك هو الأقرب لقلبك"، عبارة تنطبق على حال غواصة أسترالية مرت بمواقف صعبة مع أسماك القرش حيث تعرضت خلالها للعض أكثر من مرة بفك الأسماك المفترسة، ورغم ذلك أصبحت المرأة الشجاعة الأكثر حبًا ودفاعًا عن الحيوان البحرى.
أصبحت الغواصة الأسترالية فاليرى تايلور، واحدة من أكثر المدافعين عن أسماك القرش شغفًا وشجاعة فى العالم، رغم أنها لم تهتم كثيرًا بالحيوانات المفترسة خلال سنوات شبابها، وتركت الغواصة الأسترالية الرائدة مدرستها فى سن الـ15 من أجل أن تصبح فنانة رسوم متحركة، وتقول إنها كانت ستختار العمل مع النمور إذا لم تكن قد تعرفت على أسماك القرش، وذلك حسب ما نشرته شبكة "CNN" الإخبارية.
وعلى مدار سنوات، تعرفت تايلور علي أسماك القرش جيدًا إلى درجة أنها ظهرت على غلاف مجلة National Geographic وذراعها فى فم سمكة قرش خلال عام 1982، وتعترف الغواصة الأسترالية بأن الشعور بالراحة تجاه الحيوانات المفترسة كان أمرًا تدريجيًا.
وقالت تايلور، البالغة من العمر 85 عامًا، لـ"CNN"، "يمكن أن تصادق سمكة قرش، تمامًا كما تصادق كلبًا، فإنك تمنحه مكافأة"، وأضافت "فى الأيام الخوالى، عندما كنت تطعن سمكة بالرمح، كثيرًا ما كانت تأتى سمكة قرش وتحاول اصطياد سمكتك، لذلك تعرفت عليهم إلى حد ما".
وبدأت علاقة تايلور بأسماك القرش فى الخمسينيات من القرن الماضى، عندما بدأت الصيد بالرمح مع والدها، وطُلب منها الانضمام إلى نادى صيد محلى، وبدأت المنافسة فى العديد من بطولات الصيد بالرمح خلال العشرينات من عمرها، متغلبة على العديد من نظرائها الذكور.
وفى إحدى هذه المسابقات، التقت بالرجل الذى أصبح فيما بعد زوجها، رون تايلور، الذى كان حينها أيضًا صائدًا منافسًا، بالإضافة إلى صانع أفلام تحت الماء، وتقول فاليرى، "تزوجت من رون، وبدأ فى تصوير عملى مع أسماك القرش وإطعامها واللعب معها".
وسرعان ما اكتشف الزوجان أن المسارح ومحطات التلفزيون ستدفع أموالًا جيدة مقابل هذه اللقطات، خاصة إذا ظهرت تايلور بشكل بارز، وأضافت "علمنا أننى إذا سبحت مع أسماك القرش بملابس السباحة، فسيكون البيع أفضل مما لو لم يكن هناك أى شخص فى الصورة".
وتابعت: "فى نهاية كل أسبوع، نحاول العثور على أسماك القرش وتصويرها.. لم يكونوا مهتمين بالحيوانات البحرية الأخرى، بل فقط بأسماك القرش، وكنا نحاول كسب لقمة العيش"، وأخيرًا، أصبحت حياة تايلور غير العادية هى موضوع فيلم وثائقى جديد من National Geographic Films، يعرف باسم "اللعب مع أسماك القرش"، الذى يتضمن لقطات رائعة تحت الماء رصدها زوجها.
وتتحدث تايلور عن ماضيها فى صيد الأسماك بالرمح فى فيلم "اللعب مع أسماك القرش" الذى أخرجته سالى أيتكين: "لقد قتلت سمكة قرش واحدة فقط.. وأتمنى لو لم أفعل"، وفى 1969، استحوذ الفيلم الوثائقى "Blue Water, White Death"، بالتعاون مع المخرج الأمريكى بيتر جيمبل، على اهتمام جميع أنحاء العالم بتايلور، حتى دخلت أخيرًا عالم هوليوود.
وتم التواصل مع الزوجين من قبل المنتجين ريتشارد دى زانوك، وديفيد براون، الذين سألوا عما إذا كانوا يعتقدون أن رواية بيتر بينشلى "Jaws"، التى تتمحور حول سمكة قرش تفترس منتجعًا صغيرًا، ستكون جيدة كفيلم.
وتقول تايلور: "بالطبع اعتقدنا أن الفيلم سيكون فكرة جيدة، لأنه يمكن حينها إيجاد العمل لأنفسنا، كما أن أفضل طريقة لكسب المال فى تلك الأيام، وربما حتى الوقت الحالى، هى العمل فى هوليوود"، وبعد أن اشترى المنتجون حقوق الكتاب، طلبوا من الزوجين رصد بعض لقطات أسماك القرش الحية للمشروع.
وبالفعل تم إصدار فيلم "Jaws" للمخرج ستيفن سبيلبرغ فى عام 1975، وحقق 472 مليون دولار فى شباك التذاكر، وتوضح تايلور أنه: "لا يمكن توجيه سمكة قرش أو سمكة لتفعل ما تريده أنت، بل ستفعل ما يحلو لها"، ورغم تعرضها للعض من قبل أسماك القرش أربع مرات على الأقل، تصر تايلور على أنها لم تشعر بالخوف أبدًا خلال أى من مواجهاتها مع الحيوانات المفترسة.
وتمزح تايلور: "إذا كنت ستتعرض للعض من قبل سمكة قرش، فتأكد من أنك تعمل فى هوليوود.. الجراحون رائعون"، وبالنسبة لتايلور، فإن أحد أكبر المفاهيم الخاطئة لدى البشر عن أسماك القرش هى أن جميعها خطيرة، وأوضحت: "من بين عدة مئات من الأنواع، هناك فقط حوالى ستة أو سبعة أنواع يحتمل أن تكون خطرة".
وأشارت دراسة نشرتها المجلة العلمية الأسبوعية البريطانية (نيتشر)، فى وقت سابق من هذا العام، إلى أن أعداد أسماك القرش قد انخفضت بأكثر من 70% بين عامى 1970 و2018، وتم الاستشهاد بالصيد الجائر باعتباره المصدر الرئيسى لانخفاض أعدادها، حيث يُقتل حوالى 273 مليون سمكة قرش كل عام.
وكانت تايلور صريحة للغاية بشأن تأثير الصيد الجائر، مشيرة إلى أن معظم أسماك القرش التى رصدتها هى وزوجها أمام الكاميرا لم تعد موجودة، وليس هناك شك فى أن الطلب المتزايد على حساء زعانف القرش، قد ساهم فى هذا الانخفاض.
ويذكر أن رون تايلور قد توفى بسبب سرطان الدم فى عام 2012 عن عمر يناهز 78 عامًا، وبينما ارتبطت تايلور بأسماك القرش لسنوات عديدة، فإنها تؤكد أن لديها تقاربًا مع معظم الكائنات الموجودة تحت الماء، لكنها وجدت دائمًا أن الناس ببساطة أكثر اهتمامًا بأسماك القرش، حتى الآن، لذا تقول: "إنه نوع من اللغز إلى حد ما، لأن هناك حيوانات برية أخرى مثيرة للاهتمام ورائعة".