بينما يستمر 15 حريقا على الأقل بالتهام المزيد من الغابات المحيطة بالسواحل الجنوبية الغربية لتركيا، فإن هجة كبرى حدثت ضمن مئات الآلاف من السياح الذين كانوا يشغلون قرابة 6 آلاف فندق ومرفق سياحي في تلك المناطق.
وقدرت مديريات السياحة المحلية أعداد المغادرين بقرابة 65 بالمئة حتى الآن، وبالذات من منطقتي بادروم وألانيا، اللتين شهدتا أعتى أمواج الحرائق، الأمر الذي يعني أن قطاع السياحة التركي قد تلقى ضربة للعام الثاني على التوالي بعد موجة وباء كورونا التي شلته خلال العام الماضي.
وزير الزراعة التركي بكير ياكديميرلي أعطى تصريحات متشائمة صباح الثلاثاء، إذ قال إن الحريق الكبير في منطقة مرماريس ما يزال مندلعا، وإن الطائرات الكشفية في الجبال المحيط بالمنطقة كشفت عن توسع نطاق الحريق هناك، مطالبا وحدات الجيش في ولايتي مرسين وأضنة بالتدخل السريع.
الوزير أضاف أن وزارته تتلقى إنذارات من مناطق غوندوغموش ومانفجات وسوتشولر القريبة من مدينة أسبرطة.
وقالت وزارة السياحة التركية عن طريق بيان أصدره مكتب الوزير محمد نوري إرسوي، إن 125 من أصل 132 حريقا قد تمت السيطرة عليه، وإن المحطات الحرارية التي بين الجبال والمنتجعات السياحية في معظم المناطق مؤمنة تماما حيث تمت مضاعفة التحصينات، مضيفة أن الوضع لا يمكن السيطرة عليه تماما قبل نزول درجات الحرارة عن 40 درجة مئوية وتوقف هبوب الرياح وزيادة الرطوبة عن 30 بالمئة، وهو أمر لن يتحقق قبل 10 أيام.
وردا على الانتقادات التي طالت وزارته ورئاسة الجمهورية، حيث قارن المواطنون الأتراك بين الطائرات الرئاسية الفاخرة وافتقار مؤسسات الدفاع المدني التركية لأجهزة متطورة، ذكر وزير الداخلية التركي سليمان صويلو خلال حضور تلفزيوني صباح الثلاثاء أن 16 طائرة و51 مروحية و850 رشاش مياه و5 آلاف فرد يشاركون في عمليات الإطفاء، عبر أكثر من ألف طلعة جوية و3 آلاف طن من المياه، مضيفا أن وزارته أخلت 8 مناطق سكنية كبرى بالكامل، وأن مجموع الذين غادروا بيوتهم تجاوزا 10 آلاف مواطن.
لكن المواطنين شككوا على مستوى واسع بالمعلومات التي تقدمها الوزارات التركية الثلاثة بشأن السيطرة على الحريق، مضيفين أن شريطا قرابة 150 كيلومترا من الحرائق المتقطعة يغطي كامل الغابات المحيطة بالسواحل الجنوبية الغربية، وأنها تتوسع بالتقادم نحو الشمال.
الخبير الاقتصادي التركي روبار تكين شرح في حديثه، تأثيرات الحرائق الراهنة على القطاع السياحي في تركيا، بالقول: "كانت السياحة في السنوات الطبيعية تقدم حوالي 35 مليار دولار للاقتصاد التركي، ومصدرا أولا للعملة الصعبة، وتشكل السواحل الجنوبية الغربية حصة الأسد منها بما لا يقل عن 15 مليار دولار. في العام الماضي وبسبب وباء كورونا، لم يحقق القطاع السياحي التركي نصف توقعاته، وكانت الحكومة تتوقع التعويض خلال هذا العام، لكن هذه الحرائق تعتبر ضربة لا تقل عما فعله كورونا".
ويضيف تكين: "كانت معدلات الأشغال في الشواطئ الجنوبية الغربية، وحسب إحصاءات رسمية، تقدر بحوالي 50 ألف حجز جديد يوميا، أي ما يزيد عن 6 ملايين سائح سنويا أغلبهم أوربيون. هذا العدد الذي لن تتمكن الوزارات التركية من تعويضه خلال السنوات القادمة، لأن مشاهد فرار السياح إلى الشواطئ من دون وجود فرق حماية مدنية ستبقى ذات تأثير لفترة طويلة".
المعلقون البيئيون في الصحافة ووسائل الإعلام التركية، كانوا قد ذكروا طوال الأيام الماضية أن التأثيرات البيئية لهذه الحرائق على القطاع السياحي التركي ستبقى لمدة طويلة.
وطالبت اتحادات الغرف السياحية في المناطق الجنوبية الغربية من البلاد الحكومة بتوضيح استراتيجيتها لتعويض خسائرهم، التي قالوا إنها تقدر بمليارات الليرات، مذكرين أن تأجيل تحصيل الضرائب كما وعد الرئيس رجب طيب أردوغان لا يكفي، لأن "الحرائق وتوسعها بهذا الشكل خلال أقل من أسبوع إخلال وظيفي من جانب الحكومة وليس من جانبهم".
المصدر : سكاي نيوز عربية