– مرة اخرى الحدود الشمالية بلا هدوء

حجم الخط

معاريف – بقلم: الون بن دافيد

تلقت الحدود الشمالية هذا الاسبوع تذكيرا آخر بان ما كان لن يكون. حدث خامس من اطلاق الصواريخ في مدى ثلاثة اشهر ورد اكثر حدة من اسرائيل هما مؤشر واضح لما كتب هنا قبل بضعة اسابيع: الحدود الشمالية تعود لتكون خط مواجهة.

في الجيش الاسرائيلي يفهمون بان شيئا ما جذريا تغير. وفي لبنان ايضا يفهمون. ولكن حسب الصور التي رأيناها من كريات شمونا ليس مؤكدا ان سكان الشمال استوعبوا التغيير. كان مقلقا مشاهدة الشريط المسجل عن سقوط الصواريخ في كريات شمونا ورؤية الناس الذين يواصلون السفر بعدم اكتراث في  وقت الصافرة. 15 سنة هدوء رائع كانت لنا في الشمال قد تكون اطفأت التحفز الذي تميز به ذات مرة سكان المنطقة، وهم ملزمون بان يفهموا بان الواقع تغير هذه السنة.                                                                                                                                                                                                                                                    

بعد النار رسم سلاح الجو قصفا جميلا على التلال الفارغة غربي بلدة الخيام. لم يستهدف هذا الهجوم اصابة اهداف حقيقية بل الاشارة الى الطرف الاخر بان عندنا ايضا تغير شيء ما. فهذه هي المرة الاولى التي تهاجم فيها طائرات قتالية اسرائيلية الاراضي اللبنانية منذ 2014، وكانت النية لنقل رسالة بان في المرة التالية التي يكون فيها اطلاق للنار – سيضرب سلاح الجو اهدافا حقيقية.

كما ان النار هذا الاسبوع نحو كريات شمونا، مثل احداث اطلاق النار الاربعة قبله لم يكن بمبادرة حزب الله او بتشجيعه. هذا الحدث لا يرتبط بالتغييرات في ايران ولم يقع بالهام منها. حزب الله لا يصادق على اطلاق النار من الفلسطينيين، ولكنه ايضا لا يضيق عليها ولا يفعل شيئا كي يمنع نارا اضافية. مريح لحزب الله أن يبقي الفلسطينيون حدود الشمال كساحة احتكاك نشطة.

الجيش اللبناني، الذي في ايام “حارس الاسوار” تبين كقوة ناجعة لتقليص الاحتكاك، مشغول الان بجمع الطعام لجنوده الجوعى. يمكن لاسرائيل أن تعلن حتى الغد بان دولة لبنان تتحمل المسؤولية باستثناء أن عنوان “دولة لبنان” فارغ من المضمون. فلا توجد في هذه اللحظة في لبنان دولة تؤدي مهامها، وعليه، فقد تقرر في اسرائيل ايضا عدم العمل في هذه اللحظة ضد اهداف لما كان الدولة اللبنانية.

بعد تردد تقرر ايضا عدم العمل هذه اللحظة ضد حزب الله والمخاطرة بالانزلاق الى مواجهة اوسع. ما كان سيسمح لحزب الله بصرف الانتباه اللبناني عن الازمة الداخلية الى مواجهة خارجية. لقد جاء الهجوم لاطلاق اشارة وخلق معضلة لدى حزب الله الذي يدعي بانه “درع لبنان”، في كيف سيرد عليه. الجواب قد نتلقاه في خطاب حسن نصرالله في منتهى السبت بمناسبة 15 سنة على انتهاء حرب لبنان الثانية.

اما مطلقو الصواريخ انفسهم، في كل الاحداث الخمسة الاخيرة  فهم ما يمكن ان نعرفهم كـ “عصب” من الفلسطينيين، وليس حتى منظمة. عصابات غير منظمة، تخرج من التجمعات الفلسطينية قرب صور، مسلحة بالصواريخ (والتي هي بضاعة استهلاكية اساسية في لبنان) وتطلق النار عندما يروق لها. لم تتوفر ايضا العلاقة بين احداث اطلاق النار وحماس في غزة، او  قائدها في الضفة،  صالح العاروري الذي يقضي معظم ايامه في بيروت.

ان شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي ملزمة الان في ان تفعل ما لم تفعله في الاحداث السابقة، وتستوضح الهوية التفصيلية لمطلقي النار كي يتلقوا علاجا تفصيليا ايضا. ليس الزماما ان تكون هذه معالجة صاخبة من الجو، ولكن من يطلق النار على اسرائيل ملزم بان يدفع الثمن على ذلك.

          الصور التي تقشعر لها الابدان لاطفال كيبوتس دان وهم مستلقون على الارض في اثناء الصافرة هذا الاسبوع كانت تذكيرا آخر على اننا ملزمون بان نسرع ايضا المعالجة للجبهة الداخلية الشمالية التي اهملت لسنوات طويلة. تتضمن ميزانية الدولة الجديدة منذ الان مخصصا اوليا بمبلغ 150 مليون شيكل لبدء اعمال التحصين في بلدات الخط، ولكن الواقع يتطلب تخصيصا اوسع. في ميزانية الدفاع يوجد ايضا مبلغ اولي لتحسين العائق مما سيسمح باغلاق الثغرات في الصور في لمطلة والبدء باقامة عائق بجوار البلدات التي من السهل جدا عزلها في هجوم بري.

          على هذه السياقات ان تتسارع ليس بسبب الخوف من نار فلسطينية اضافية بل كاعداد للتصدي للعدو الحقيقي – حزب الله.

          خطأ ايراني جسيم

يحاول كل العالم ان يخمن اذا كانت وجهة الرئيس الجديد لايران هي الحرب. فالحرس الثوري لم ينتظر تسلم ابراهيم رئيسي المنصب وصعب منذ الان هجماته بينما ارتكب خطأ جسيما في الهجوم التاك على سفينة ميرسر ستريت والذي قتل فيه مواطن بريطاني ومواطن روماني.

سارعت اسرائيل للافادة من هذا الخطأ في الساحة الدبلوماسية، وتبدو النتائج في هذه اللحظة طيبة: بريطانيا، بدعم من الولايات المتحدة، تعد لعملية رد عسكرية ضد ايران. يحتمل ان يرفع الامريكيون ايضا مشروع قرار في مجلس الامن لشجب ايران. رغم الخطأ الذي ارتكبوه، واصل الحرس الثوري هجمات القرصنة وسيطر  لبضع ساعات على سفينة اخرى مما يشجع الاسرة الدولية على العمل ضده.

من الصعب اليوم على المرء ان يتوقع كم بعيدا مستعد رئيسي لان يسير في احتكاكه مع العالم، ولكن هو ايضا لن يسارع الى تفعيل حزب الله ضد اسرائيل. حزب الله هو سلاح يوم الدين الايراني. والوحش العسكري الذي بناه الايرانيون في لبنان  يستهدف غايتين: ردع اسرائيل من مهاجمة ايران، واذا هاجمنا – فحزب الله سيكون العقاب. يعرف رئيسي وكذا نصرالله بان حزب اله هو مخزن مع رصاصة واحدة. اذا ما ساروا نحو مواجهة مع اسرائيل، فستكون هذه أليمة جدا لنا ولكنها لحزب الله ستكون على ما يبدو المواجهة الاخيرة.

وعليه فان حزب الله يواصل اخذ الحذر الزائد كي لا يصل الى هذه المواجهة دون حاجة، واسرائيل هي الاخرى تتصرف تصرفا حساسا يستهدف منع التدهور في المنزلق. يتذكر الطرفان بان معظم الحروب التي دارت في منطقتنا نشبت دون أن يكون اي من الطرفين معنيا بها. وقد اجاد في تحليل هذه الدينامية من هو اليوم رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات عميت ساعر في بحثه الختامي في كلية الامن القومي. كبار رجالات الجيش يعرفون جدا هذا التحليل وجدير بهم أن يحفظوا السطر الاخيرة فيه: اذا كان هذا مرة اخرى – فسيكون مختلفا.