بعد فشل "إسرائيل" الجزئي في تنفيذ مخططات التهويد بالقدس؛ نتيجة الضغط الشعبي وتجميدها مؤخرًا مخطط مركز المدينة التهويدي، تعود من جديد لتبدأ بمشروع تهويدي لا يقل خطورة في الحرم الإبراهيمي في محاولة لطمس هويته الإسلامية، وإضفاء صبغة يهودية توراتية عليه رغم تكذيب التاريخ لذلك.
ويشمل المشروع التهويدي الذي أُعلن عنه أمس، ممرات وساحات ومصعداً لتسهيل اقتحام المستوطنين للمسجد الإبراهيمي في الخليل، ويهدف الاحتلال منه للاستيلاء على ما يقرب 300 متر مربع من ساحات المسجد ومرافقه، حيث تم تخصيص 2 مليون شيقل حتى الآن لتمويل المشروع التهويدي.
ويُنفذ المشروع التهويدي قسم الهندسة والإنشاءات بوزارة الدفاع "الإسرائيلية" وتحت إشراف ما تسمى بـ"الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال، ومن المتوقع أنّ يستمر حوالى ستة أشهر.
كما يشمل المشروع التهويدي إقامة ممر وطريق لتسهيل وصول المستوطنين مشاة وبسياراتهم إلى المسجد الإبراهيمي، إضافة إلى جانب إقامة مصعد لذات الغرض.
ورفضت محكمة الاحتلال في نيسان الماضي، طلباً فلسطينياً بتجميد بناء مصعد كهربائي في المسجد الإبراهيمي.
طمس حقائق تاريخية بتخليد المجرم جولدشتاين
الخبير في شؤون الاستيطان بالخليل، عبد الهادي حنتش، قال: "إنّه من المعروف أنَّ قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت بتقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، وخصصت جزء منه للمستوطنين؛ لتأدية الشعائر التلمودية داخل القسم الذي حجزته دولة الاحتلال بالزور والبهتان".
وأضاف حنتش في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": ""أعلنت سلطات الاحتلال فيما بعد أنَّ الحرم الإبراهيمي جزء لا يتجزأ من التراث اليهودي المزعوم"، مُؤكّدًا في ذات الوقت على عدم صحة هذا الحديث؛ لأنَّ سلطات الاحتلال تُحاول طمس الحقائق خاصةً في المناطق التاريخية.
وشدّد على أنَّ الحرم الإبراهيمي خالص للمسلمين ولا أحد ينافسهم على ذلك بناءً على الحقائق التاريخية الذي يُحاول الاحتلال تغييرها وطمسها.
وأشار إلى أنَّ دولة الاحتلال تُريد من خلال مشروعها التهويدي في الحرم الإبراهيمي تهويد المنطقة المحيطة بالحرم بشتى الوسائل؛ ولكن على عدة مراحل، مُنوّهاً إلى إصدار الاحتلال في مراحل سابقة أوامر شق طرق تربط ما بين مستعمرة كريات أربعة والحرم الإبراهيمي عبر الحارات التاريخية وخاصة حارة السلايمة.
وبيّن أنَّ مجزرة الحرم الإبراهيمي في العام 1994، تندرج ضمن خطة الاحتلال لتهويد منطقة الحرم، مُستدركًا: "الآن هناك عدة طرق لتهويد الحرم من خلال المشروع الاستيطاني الأخير وهو إقامة مصعد للمستوطنين، وإقامة طريق بالأقدام وطريق للسيارات؛ لتسهيل حركة المستوطنين".
وحذَّر من خطورة المخطط الذي يُنذر بأنَّ الاحتلال ماضٍ بتهويد الحرم الإبراهيمي بشكلٍ كامل، وليس جزئياً ما يُعطي الاحتلال سيطرة كاملة على الحرم.
وفي رده على سؤال حول انتقال المعركة من ساحات الأقصى للحرم الإبراهيمي في الخليل، قال حنتش: "إنَّ الأمر متوقع في كل لحظة؛ خاصةً أنَّ الحرم الإبراهيمي له مكانة خاصة لدى الفلسطينيين، الذين لم ينسوا شهدائهم الذي ارتقوا في الحرم الإبراهيمي على يد المجرم جلدشتاين".
ولفت إلى أنَّ دولة الاحتلال تؤسس معكسر لتخليد ذكرى المجرم جلتشتاين، الذي يقع بين مستوطنة كريات أربعة وخارسينا ولا يزال المعسكر موجود حتى اللحظة.
سحب البساط من بلدية الخليل لصالح كريات شمونا
أما عن خطورة المشروع المتمثلة بسجب صلاحية البناء والتخطيط من بلدية الخليل ومنحها للإدارة المدنية للاحتلال، أوضح حنتش، أنَّ "الاحتلال عندما أعطى مستعمرة كريات أربعة صفة بلدية خولها بالقيام بضم المناطق وخاصة البؤر الاستيطانية في قلب الخليل مثل تل ترميدة وغيرها من البؤر الاستيطانية بما فيها الحرم الإبراهيمي".
وأردف: "التخوف من سحب الاحتلال الصلاحيات الموجودة مع بلدية الخليل من خدمات للمواطن الفلسطيني وتحويلها لما يُسمى بكريات أربعة، وبالتحديد في منطقة البلدة القديمة "اتش 2" والتي يقع الحرم الإبراهيمي ضمنها".
كما حذّر من إضافة الاحتلال خلال الأيام القادمة مشاريع أخرى لربط الحرم الإبراهيمي بالبؤر الاستيطانية الأخرى مثل تل ترميدة.
تحرك رسمي وشعبي لإفشال المشروع
وبشأن احتمالية تجميد الاحتلال المشروع التهويدى في الخليل؛ نتيجة الضغط الشعبي، قال حنتش: "إنَّ هناك عدة منظمات صهيونية وخاصة ما تُسمى بمنظمة إحياء التراث اليهودي في الخليل، هم التي تقوم بوضع المخططات ويرسلونها للاحتلال الذي بدوره يوافق عليها، خاصة السوق التجاري القديم الذي هدد بينت ببناء المخطط داخله عنوة، رغم ملكية بلدية الخليل للسوق ".
واستدرك: "لا تزال بلدية الخليل تملك الأوراق الثبوتية التي تُثبت عدم صحة ادعاءات الاحتلال، ولكنّ نخشى تنفيذه عنوةً تحديداً للبلدية والقوانيين الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف بالحفاظ على المواطنين وحماية ممتلكاتهم الذين يقعون تحت الاحتلال".
وختم حنتش حديثه، بالقول: "يجب على الفلسطينيين الانتباه واليقظة لهذه المشاريع التهويدية ومقاومتها بكل الوسائل لإفشالها، وإلا سنكون أمام كارثة في جال عدم الدفاع عنها، ويجب على السلطة البدء برد فعل قوي يتجاوز الشجب والإدانات كما عهدناها سابقًا".