هل تدفع غزة ثمنا جديدا لعلاقة فصائل مع إيران؟!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 لم يكن اهتمام إيران، سلطة وإعلام، بحضور حماس والجهاد والجبهة الشعبية (لم تهتم كثيرا بالقيادة العامة)، خيارا نحو فلسطين كما تحاول التعبير، بل جاء كحالة استخدامية للتطورات الأخيرة بينها وأمريكا ودولة الكيان، ليس ما يتعلق بما يعرف بـ "حرب السفن" في بحر عمان والخليج العربي فقط، بل وأيضا كجزء من المناورات المكثفة جدا فيما يتعلق بمفاوضات النووي الإيراني.

السلطات الإيرانية، تعلم القيمة الوجدانية للقضية الفلسطينية عند شعوب الأمة العربية وغالبية قوى التحرر العالمية، ولذا تعتقد أن تلك أقصر السبل لتمرير كثيرا من سياساتها عبر الغطاء الفلسطيني، رغم انها موضوعيا تلعب دورا تدميرا في الوحدة الفلسطينية، والكيان القائم، بل أنها مارست كل أبعاد التقسيم من خلال احتفاليتها الأخيرة.

"الأهداف الإيرانية" من العلاقة مع فصائل فلسطينية محددة، رسالة قاطعة أن جوهر تفكيرها ليس القضية الوطنية ولا المواجهة الشاملة مع دولة العدو، بل عملية استخدام سياسي في "صراعها الخاص" دفاعا عن تحسين مواقعها، وكذلك مصالحها في المنطقة، كما تستخدم الحوثيين والقوى الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان، رغم أن الفصائل الفلسطينية ليست بذات الطائفة، لكن إيران لا تملك خيارا غير ذلك.

من حيث المبدأ، من حق الفصائل فتح قنوات وعلاقات مع الدول والأطراف فيما يخدم جوهر الصراع مع العدو القومي، دون أن يكون هناك استخدام تأثيري ضار في البعدين الداخلي الوطني والعلاقات الإقليمية والدولية، وهو ما يمكن أن يمثل ضررا مباشرا للقضية الفلسطينية عامة ولقطاع غزة خاصة.

لعل الخطيئة السريعة التي وقعت فيها الفصائل التي حضرت حفلة "التنصيب"، أنها أعلنت عن ذاتها كجزء من "محور" مع إيران، وتلك مسألة لن تمر مرورا عابرا في المحيط، ورغم جاذبية تعبير "محور المقاومة"، لكنه لن يكون جاذبا للخير السياسي في فلسطين، ودون بحث حقيقة التعبير وواقعيته فما كان ليس عملا صائبا ابدا، خاصة في ظل التطورات الأخيرة.

ولولا وجود حماس في ذلك المشهد، لاعتبرت مشاركة الفصائل الأخرى، تعبيرا عن حالة خاصة، ولكن مشاركة حماس الحفل والإعلان أنها جزء من محور إيراني، يختلف عن غيرها، ليس بحكم بعدها التنظيمي وحضورها الشعبي، فهي منذ زمن لها تلك العلاقة، ولكن كونها سلطة حاكمة في قطاع غزة، فذلك "اصطفاف" مختلف، ليس بصفتها فصيل بل كونها سلطة، وكأنها تعلن أن قطاع غزة في خدمة المخطط الإيراني.

ومن هنا، قد نشهد عملية تعطيل مبرمجة ومنظمة نحو تقديم الدعم لقطاع غزة، ماليا واقتصاديا، وكل ما يتعلق بعملية فك الحصار والإعمار، وما حدث في الأيام الأخيرة سواء ما يتصل بالمنحة القطرية أو ادخال المواد الى القطاع، وتأجيل سفر وفد رجال الأعمال من غزة الى مصر، بعضا من مؤشرات عما سيكون.

موقف حماس مع إيران، سيكون له ثمن مباشر في قطاع غزة، ولن تكون الأيام القادمة "مشرقة" لأهله، وربما سيكون العقاب لذلك الإعلان أكثر قساوة وإيلاما مما كان قبل معركة مايو الأخيرة، التي فقدت تقريبا كثيرا من مكاسبها، بل جزء منها أصبح ضررا وطنيا أكثر.

تستطيع حماس أن تبرر كثيرا إعلانها بأنها جزء من محور مع إيران، وقد ترضي بعض الشعب الفلسطيني، ولكن الواقع لن يقف كثيرا عند تبرير ذاتي، وخاصة من الدول العربية المتصادمة سياسيا مع إيران، ولا يجب اعتبار الأحكام السعودية على معتقلي حماس "قضاء وقدر" بل "قضاء وسياسية"، وهي رسالة أولية لا أكثر.

حماس دون غيرها، عليها أن تعيد توضيح ذاتها سياسيا، وأن تحدد خياراتها، وأنها لن تكون جزء من محور يمس الأمن القومي العربي، ولن تسمح استخدامها، وكل ما كان يرتبط فقط بالصراع مع عدونا القومي في دولة الكيان، دون ذلك حماس عروبية الانتماء، ولن تكون فارسية الهوى أبدا.

توضيح علاقة حماس بإيران ليس اعتذارا بل ضرورة سياسية، لو أريد ألا تدفع القضية الوطنية عامة وقطاع غزة خاصة ثمنا فوق الثمن المدفوع، وكل هروب من ذلك يساوي كارثة مضافة!

ملاحظة: لبعض طبالي "الزفة السياسية" المهللين بحضور مدير المخابرات الأمريكية، تذكروا أن أزمتكم أعمق من حلها عبر من لا يعمل سوى لإغراق بقايا الكيانية الفلسطينية والرسمية التمثيلية...متنوس قول الأجداد..ما بيجي منهم ما يفرح القلب!

تنويه خاص: تمرير قضية تفجير منتجع سياسي، والاكتفاء ببعض كلمات من هذا الطرف وذاك، وسط استخفاف حمساوي كامل مؤشر مش مبشر...دون غضب حقيقي فالظلامية قادمة ولا عزاء للمرتعشين!