رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن تصريح الرئيس جو بايدن، الذي "غسل فيه يديه من أفغانستان"، أنه أكبر عار في التاريخ من القائد الأعلى للقوات المسلحة في مثل هذه اللحظة من الانسحاب الأمريكي، وذلك قبل أن يلقي خطابه الأخير يوم الاثنين معلنا طي صفحة الوجود الأمريكي العسكري المباشر في تلك البلاد.
وبلا أدنى شك، فالصورة التي حدث فيها الانهيار – الخروج الأمريكي جسد صورة لانهزامية "ذاتية" لا سابق لها في تاريخ حروب الدول "العظمى، وتفوق صورة الهزيمة في فيتنام عام 1974، انهيار لن يزول من الذاكرة الإنسانية مهما حدثت تطورات أخرى، خاصة عندما تلتقطه "عيون مخرجي الفن السابع" لتخليده عبر أدوات القوة الناعمة.
الهروب الكبير هو الوصف الذي سيبقى دوما ملاصقا للحدث الأمريكي في أفغانستان، وسيكون يوم 15 أغسطس 2021 يوما من التاريخ للتاريخ السياسي، درسا ربما هو الأبلغ لكل من يبحث عن عون دون أهله، وشعبه، فالحكم بذاته ليس هدفا سوى للأنذال من بني الإنسانية، ورغم ان أمثال الحكام الأفغان، أدوات الأجنبي لن ينتهوا لاحقا، لكن العار سيكون ملاصقا لهم ولن يتمكنوا بعد ذلك من تمرير استدعاء "الأجنبي" بمبررات وذرائعية لحماية نذالتهم السياسية.
ولكن، ورغم الصورة التي ستبقى عالقة في الذهن الإنساني، والعار الملاصق للرئيس الأمريكي بايدن، لكن خطابه الأخير، أظهر بعضا من "حقائق" تبدو وكأنها كانت ممرا إجباريا لتبرير العار الكبير، فلجأ الى الاستعانة بلغة "اشتراكية" لتبرير هروبه التاريخي، وتدقيقا في مضمون الخطاب، أكد أنه لن يبقى متحملا خطيئة الاستمرار بعد عشرين عاما من الوجود، غير ذي فائدة.
أكد، بادين، أنه ليس من واجب أمريكا الاستمرار بعد أن عملت على بناء جيش ومؤسسات، ولكنها لن تبني دولة، وأكد بصواب كامل، ان قادة وجيش تلك الدولة هربوا واستسلموا ولم يقاتلوا ما اثار الدهشة، وأن الخسائر الأمريكية المالية التي فاقت 2 تريليون دولار لا توازي قيمة البقاء.
بايدن حاول أن يبدو الرئيس الأكثر جرأة وشجاعة في قرار سبق لغيره أن تحدث عنه، ولكنهم لم يطبقوه.
ودون التوقف عن مشهد الهزيمة، فالأهم هو التبريرات التي ساقها الرئيس الأمريكي لقراره "المذل" سينمائيا، فهو استحضر كل ما هو ضد الاستعمار ودوره ومهامه في دول أخرى، وكشف أن حماية مصالح أمريكا، لم تعد لها قيمة في ذلك البلد، ولم يعد يهتم كثيرا من يحكمه، فكلهم سواسية لأمريكا، والتي يمكنها ردع أي تجاوز على مصالحها.
خطاب بايدن، وحديثه عما قدمت أمريكا لحكام وبلد، دون أي نتيجة درس جديد من دروس التاريخ، أن الحماية الحقيقية ليست تلك القادمة من وراء الحدود، أي كانت قوتها في بداية الأمر، ولكن دوما ما سيبقى في الذاكرة نهايتها، وتلك رسالة يجب أن تبقى حاضرة في العقل الإنساني، ان لكل "وصاية" نهاية، وغالبها مغطى بالعار.
درس أفغانستان الحديث، أبلغ سياسيا بكثير من درس فيتنام حيث الهزيمة كانت بيد أهل البلاد وقواهم المسلحة وحزب من تراب البلد، فيما الدرس الكابولي، خروج بقرار بعدما اكتشف الراعي أن من حاول "استغلالهم" ضد الآخرين باتوا عبئا منهكا لهم، بل الاستمرار سيصبح خدمة للآخر، بعد عودة "الابن الضال" عبر مسارب نقيضة.
لن تتوقف قراءة الحدث الأمريكي الانهزامي الكبير لسنوات قادمة، ولن يزول أبدا من ذاكرة كل من يبحث حماية من غير شعبه.
ملاحظة: أن يحتفل هنية وغيره بـ "نصر إسلاموي" جديد بحكم طالبان، فهم أحرار خالص، ولكن أن ينطق باسم فلسطين وكأنها باتت "ملك طابو" لهم فذلك حرام سياسي خالص...خليك في "حماسك" وبس!
تنويه خاص: قصة المال القطري لغزة وحماس صارت زي حكاية إبريق الزيت...السلطة وقعت اتفاق بنوكها رفضته...الأمم المتحدة وقعت اتفاق السلطة رفضته...الناس بتصرخ جوعا والحكام مختلفين كيف تفوت...لو كان قرايباكم زي الناس زمان انحلت... يا عارنا منكم!