منذ أن توقفت حرب الحدث الأخير في مايو 2021، والمشهد الفلسطيني في شقي بقايا الوطن يذهب سريعا الى حركة انحدارية، تلحق تشويها فريدا بالبعد الوطني للقضية الفلسطينية، مقابل "تعظيم" الشأن الاجتماعي" بكل أبعاده، وتعزيز مبدأ "تحسين مستوى المعيشة"، وكأنه الترجمة العملية لاتفاق وكالة "الأونروا" مع الولايات المتحدة، لتفريغ مضمونها وانتقال دورها ومهامها لتصبح وكأنها جهاز أمني تابع، مستغلة أيضا الإفقار العام للشعب الفلسطيني.
موضوعيا، حققت دولة الاحتلال غالبية أهدافها فيما بعد وقف الحرب، بامتصاص كل ما أنتجته تلك الأيام مكاسبا وربحا سياسيا خالصا، ولم يبق من آثارها العملية، سوى ما هو تطور إيجابي غير عربي، وتحديدا في أمريكا، حيث تتواصل حركة تعرية دولة الكيان وعنصريتها، وتركيز الضوء على جرائم حربها ضد الفلسطيني، دون ذلك يمكن اعتبار تطورات الأشهر الثلاثة الأخيرة، كـ "نكبة سياسية جديدة" للشعب الفلسطيني.
كيف انتقل الحدث من مواجهة لفرض معادلة سياسية الى جهود متلاحقة، بل وتهديدات غير منتهية من أجل معادلة "تهدئة مقابل طعام"، وهي جوهر المعادلة الإسرائيلية، التي عملت على ترسيخها فورا، مستغلة دور السلطة في رام الله ومواقفها من حكم حماس، لتواصل عقابها ضد قطاع غزة، بل ووفقا لكلام بعض ممن بها، أن الأمر سيزداد عقابا، مع قادم الأيام، بما يمنح دولة العدو القومي، فرصة استخدام معادلتها بـ "مرونة عالية" لفرض جوهر سياستها على حماس وقطاع غزة وحكم سلطة يبحث تسحين حالته على حساب حال الناس.
موضوعيا، أصبح المواطن الغزي ينتظر يوميا "نشرة" منسق سلطات الاحتلال الخاصة بالقوائم المسموح لها الدخول أو المنع الى القطاع، ومساحة الصيد التي يحق لأصحاب البحر الذهاب اليها، وكم عدد التصاريح التي منحت لتجار ورجال أعمال ومرضى ومواطنين من مغادرة قطاع غزة نحو الضفة وداخل الكيان.
قائمة باتت الخبر الأهم، تفوق كثيرا نشرة الطقس التي يترقبها أهل البلاد، وتلك بذاتها تكفي لتلخيص المشهد وانتقاله من حال سياسي الى حال إنساني، ويزداد الأمر كارثية، عندما تقوم دولة الاحتلال وإعلامها يوميا بتغذية بعض وسائل إعلام، عربية وفلسطينية، لتبث أخبارا لتعزيز موقفها، أن الفصائل تهدد بالعودة الى المواجهات، الصاروخية أو مسيرات الإرباك، ما لم تفتح "صناديق الإغاثة" الى القطاع، والأغرب ان المصادر ذاتها "ممولة قطريا وحزب الله"، هي من تتولى نشر تلك التسريبات الإسرائيلية، لترسخ مقولتها "تهدئة مقابل أكل".
ربما تجد، من يخرج ليرفض تلك الحقيقة ويبحث عن "ذرائع" لا تنتهي للهروب من الحقيقة السياسية القائمة، وأن جوهر الأمر أصبح "شؤون اجتماعية"، ليس في قطاع غزة وحدها، بل في الضفة الغربية أيضا، ولعل الكشف عن عدد عمالها الذاهبين للعمل داخل الكيان والأكثر مرارة في مستوطنات الضفة، كان أحد أبرز الأحداث مؤخرا، حتى أن عملية جنين الأخيرة واستشهاد 4 من أبنائها، مرت تحت قصف كلامي وتهديدي فريد، من المقاطعة الى المسلسل الفصائلي بكل مسمياته.
وكي لا يقال ما العمل، والناس تعيش حركة افقار نادرة منذ أن انتصرت أمريكا والكيان بمساعدة مخلصة ومتقنة من قطر بصناعة "النكبة الثالثة – نكبة الانقسام"، 2006 وما تلاها، فالأمر يستحق "حركة غضب شعبية حقيقية" وليس حركة غضب بياناتية، ضد المحتلين، وفرض جبهة مواجهة تكسر بلادة الحكم في بقايا الوطن.
انطلاق ثورة غضب شعبية شاملة ستفرض معادلة إجبارية على سلطتي الحكم ومعهما الحاكم المحتل العام، دون ذلك ستبقى دولة الكيان تمارس هوايتها من خلال "سياسة الببرونة" عبر معادلتها "هدوء مقابل طعام" في شقي رحايا بقايا الوطن!
ملاحظة: وأخيرا نقرأ أن دولة خالية من "كورونا"...الأهم أنها طلعت كوريا الشمالية ..معقول اغلاقها الشامل سبب..ممكن، بس عهيك بتطلع الصين بريئة من دم نشر الفايروس لأن كوريا ما عندها باب للعالم غيرها..يا بختك يا كيم!
تنويه خاص: تخيلوا أن حكومة لبنان معلقة من عرقوب الفتفتة الطائفية..بلد تعيش نكبات بلا عدد وقادتها في انحطاط بلا عدد..وينك يا لبنان!