هآرتس- اتصالات اسرائيل ومصر قد تبشر بتقدم نحو تسوية في غزة!

حجم الخط

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل 

 

قبل نهاية هذا الاسبوع حصل رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، على الثمار الاولى لجهد سياسي طويل جرى من وراء الكواليس. بينيت تمت دعوته للقيام بزيارة اولى للولايات المتحدة وهناك سيلتقي في يوم الخميس القادم مع الرئيس جو بايدن في البيت الابيض. واضافة الى ذلك تلقى دعوة، حتى الآن بدون تاريخ، لزيارة مصر في القريب لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي. والى جانب ظهور مقنع في مؤتمر صحفي عن الكورونا أول أمس واشارات مشجعة لنجاح عملية التطعيم الثالثة، فقد مر على بينيت اسبوع جيد نسبيا، بالتأكيد عند الاخذ في الحسبان الوباء المتفشي في الخارج.

دعوة بايدن كانت متوقعة. يوجد للادارة الديمقراطية جميع الاسباب لتأييد حكومة بينيت – لبيد التي تناضل من اجل بقائها في هذه الظروف الصعبة. الدعوة غير العادية هي دعوة السيسي، رغم أنه خلال سنوات تسربت بعض الانباء عن لقاءات سرية اجراها الرئيس المصري مع رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو. لقد كان السيسي ونتنياهوا حليفان، خاصة في عهد الرئيس ترامب. الامر الجديد هو قرار السيسي اعطاء طابع علني للقاء المتوقع مع بينيت. يبدو أن هذا يتعلق بجهوده من اجل التحبب للادارة الجديدة في واشنطن، التي خلافا لسابقتها هي حساسة للخروقات الشديدة للنظام في مصر في مجال حقوق الانسان.

المبعوث الذي نقل الدعوة هو الجنرال عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، الذي التقى هنا مع بينيت ومع وزير الدفاع، بني غانتس. في نفس الوقت زارت شخصية رفيعة في الجيش الاسرائيلي مصر، التي منع نشر أي تفاصيل عن هويتها. اللقاءات الكثيفة يمكن أن تفسر كم من الامور حدثت في هذا الاسبوع مثل التفاؤل النسبي حول احتمالية الدفع قدما بعملية تسوية مع حماس في قطاع غزة وعدم رد اسرائيل على اطلاق الصاروخ نحو سدروت واعلان هيئة محاربة الارهاب عن خفض مستوى التهديد الذي يواجهه الاسرائيليون الذين يزورون شبه جزيرة سيناء. التسهيلات على السياحة في سيناء هي امور حاسمة بالنسبة لمصر المتعطشة للعملة الصعبة. في الاسبوع الماضي تم استئناف الرحلات الجوية المكوكية للسياح من روسيا، التي تم وقفها بعد تفجير طائرة السياح الروسية من قبل فرع داعش في سيناء في 2015.

لقد تم تسجيل بعض خيبات الأمل في السابق، لكن يبدو في هذه الاثناء أنه تجري جهود دولية جدية لترسيخ وتثبيت وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في القطاع بعد انتهاء عملية حارس الاسوار في شهر أيار الماضي. أمس تم التوصل الى اتفاق في المحادثات بين الامم المتحدة وقطر، التي يمكن أن تضمن استئناف الدعم الشهري (100 دولار لكل عائلة) لمئة ألف عائلة محتاجة في القطاع بدءا من الشهر القادم. تحويل الاموال القطرية كان عالق منذ ثلاثة اشهر ازاء طلب اسرائيل وقف استخدام حقائب الاموال النقدية غير المراقبة.

في الوقت الحالي لم يتم بعد العثور على حل للبند الرئيسي الذي يشغل حماس، وهو المدفوعات من قطر لعشرات آلاف نشطاء التنظيم الذين يعتبرون موظفي دولة. في المقابل، ضبط النفس الاسرائيلي على اطلاق الصاروخ، رغم التصريحات الحازمة لبينيت (“نحن سنرد في المكان والزمان المناسب”)، يظهر كبادرة حسن نية تجاه الوسطاء المصريين. الصاروخ اطلق في يوم الاثنين من قبل ناشط في الجهاد الاسلامي ردا على قتل اربعة فلسطينيين في تبادل لاطلاق النار مع قوة اسرائيلية في جنين، قبل بضع ساعات من الاطلاق. حماس ابلغت الاسرائيليين، عبر المصريين، بأنها عثرت على هذا الناشط وقامت باعتقاله. بناء على طلب مصر قرر بينيت وغانتس ضبط النفس. الخطوات المصرية استهدفت كسب الوقت وتأجيل موعد التصعيد القادم.

اسرائيل قامت في هذا الاسبوع ببادرة حسن نية اخرى تجاه حماس. للمرة الاولى منذ سنة ونصف يسمح بدخول “رجال اعمال” (كثيرون منها فعليا هم عمال) الى اسرائيل. في هذه الاثناء عددهم هو 1350 شخص. في شهر كانون الثاني 2020، بعد اتفاق تهدئة سابق وعشية وباء الكورونا، ارتفع العدد الى 7500 تصريح. مع ذلك، يتوقع في الغد أن تظهر عقبة جديدة في غزة. فقد قررت حماس احياء الذكرى السنوية الـ 52 على احراق المسجد الاقصى باجراء مسيرات على طول الجدار.

نعم أو لا

في هذه الاثناء يبدو أن الرهان اليائس لبينيت على الملصق الاعلاني يؤتي ثماره بشكل جيد. رئيس الحكومة قرر في بداية الشهر المصادقة على اعطاء التطعيم الثالث ضد الكورونا لابناء 50 سنة فما فوق، وعدم انتظار قرار ادارة الادوية الامريكية.  حسب البيانات الاولية فان بينيت كان على حق. الفجوة في الاصابات، لا سيما الاصابة الشديدة، بين من اخذوا التطعيم ومن لم يأخذوه، واضحة جدا. تظهر ايضا بداية لمنحى كبح الاصابة في اوساط ابناء الستين فما فوق الذين في معظمهم انقضوا على الوجبة الثالثة. 

طاقم الخبراء في الجامعة العبرية نشر في هذا الاسبوع توقع اقل تشاؤم بقليل الذي بحسبه يمكن لاسرائيل أن تنجح في تجنب الوصول الى 2400 مصاب في حالة صعبة. المعطى الجديد الذي اعتبره جهاز الصحة كمنسوب لعدم كفاية المستشفيات (يتوقع أن تتدهور جودة الرعاية حتى في ظل وجود عدد اقل من المصابين). التغيير يرتبط كما يبدو ايضا بالسلوك الانساني. رغم أن القيود التي فرضتها الحكومة هي قيود جزئية ومتواضعة، إلا أن كبار السن يحذرون الآن اكثر في سلوكهم. في نفس الوقت سجلت زيادة بسيطة في عدد المطعمين في المرة الاولى بتأثير الحملة المكثفة التي تقوم بها الحكومة ووسائل الاعلام.

من تواصل وضع العقبات امام عملية التطعيم هي وزيرة التعليم، يفعات شاشا بيتون، التي وافقت على اعطاء اللقاح في المدارس ولكن ليس في وقت التعليم. يبدو أنها استخلصت هذا الحل من قائد السرب الخجول والقلق في كتاب “الفخ 22″، الذي سمح لرجاله بزيارته في مكتبه فقط عندما لم يكن موجود. منطق شاشا بيتون لم يكن مقنع اكثر من منطق الميجر، ووزارة الصحة وجدت طريقة قانونية للالتفاف على معارضتها.

قبل حوالي سنة، كرئيسة للجنة الكورونا، حصلت شاشا بيتون على دعم كبير من الجمهور عندما وضعت علامات استفهام قوية حول سياسة وزارة الصحة في حكومة نتنياهو. في ظل حكومة بينيت، الذي في هذه الاثناء يحاول بقدر استطاعته تجنب الاغلاق، فان معارضتها التلقائية لكل خطوة وقيد تثير علامات استفهام. هل رئيس الحكومة يمكنه الاعتماد على تقديراتها عندما سيناقش قريبا اقتراح تأجيل افتتاح السنة الدراسية حتى بعد الأعياد.

رغم الانخفاض الظاهر في جدول الوجبة الثانية فان التطعيم يبدو وكأنه الوسيلة الاساسية التي ستخدم اسرائيل في املها لتقليص ابعاد الازمة. ولكن الاعتماد المطلق عليها ايضا يقيد الحكومة بحيث انها تمتنع عن تغيير القاعدة التي بحسبها المطعمين (حتى الذين اخذوا الوجبتين في بداية السنة) معفيين من الحجر بعد الاختلاط مع مريض مؤكد، خوفا من أن يقلص الامر الدافعية للتطعيم. يصعب ايضا فهم لماذا لم تتخذ، حتى قبل بضعة اسابيع، خطوات اساسية مثل تقييد التجمعات العامة في اماكن مغلقة. وقد سبق وشخصت حفلات الزفاف الضخمة على أنها بؤرة عدوى اساسية منذ بداية الموجة الثانية من الوباء هنا في صيف السنة الماضية.

الدولة تواصل التمسك بنظام التحقيقات الوبائية، رغم أنه من الواضح للجميع أن اسهامها ضعيف عندما تكون الارقام عالية جدا. القيادة التي يشغلها الجيش الاسرائيلي تركز على التحقيق في اتصالات المرضى كبار السن وتتنازل عن جزء كبير من التحقيقات الاخرى. احدى الصعوبات التي تقف امامها هو أنه على الاقل حتى وقت متأخر، ايضا كبار السن تصرفوا وكأن الكورونا انتهت، لذلك فقد خالطوا عشرات الاشخاص في الايام التي سبقت تشخيصهم كمرضى. إن ملاحقة سلسلة العدوى هي الآن مثل محاولة افراغ البحر من المياه بواسطة ملعقة. هذا الامر اهميته مثل اهمية كميات جل الكحول الذي باعوه لنا في بداية الوباء قبل سنة ونصف. في حلمه يأمل بينيت بالتأكيد حدوث معجزة بريطانية. قبل شهر ويوم، أي في 19 تموز، اعلن رئيس الحكومة البريطانية، بوريس جونسون، عن “يوم الحرية” الذي فيه الغيت معظم قيود الكورونا في الدولة. جونسون تجاهل الاصابة المتفشية. معظم الخبراء في الدولة حذروا من حدوث كارثة وقالوا إن الاصابة ستقفز من 50 الف حالة الى 100 الف حالة في اليوم. فعليا، العكس هو ما حدث، عدد الحالات التي احصيت انخفضت الى النصف. منذ ذلك الحين فصاعدا ارتفع العدد قليلا الى 30 ألف في اليوم بالمتوسط. الاكثر اهمية هو أن عدد الوفيات ما زال منخفض نسبيا (100 حالة وفاة يوميا)، والعبء على المستشفيات معقول. لا احد يعرف أن يفسر بالضبط لماذا حدث ذلك وكم من الوقت سيستمر هذا الامر. وتقدم سلالة الدلتا في اسرائيل سارت على خطى البريطانيين مع تأخير حوالي شهر. بينيت يأمل اعادة تكرار ذلك، لكن الاحتمالات لا تبدو عالية. 

مهمة اخرى

شخصيات اسرائيلية رفيعة اجتمعت مؤخرا مع شخصيات امريكية تولد لديها الانطباع بأن ادارة بايدن تركز كل الجهود في ثلاث مهمات اساسية. جميعها تبدأ بحرف “سي”، شاينا، كلايميت وكوفيد. حظ افغانستان السيء، التي انسحبت منها الولايات المتحدة في هذا الاسبوع، هي لا تظهر في هذه القائمة القصيرة. اسرائيل ستحاول بدون نجاح كما يبدو، أن تدفع الى هذه القائمة مهمة اخرى وهي ايران. بايدن قرر فك العقدة المستعصية بمرة واحدة وأن يستكمل اخلاء القوات الامريكية من افغانستان، حتى قبل الذكرى السنوية العشرين للهجمات الارهابية في 11 ايلول. النتيجة هي انهيار سريع للحكم وهرب الجيش الافغاني من العاصمة كابول بصورة ناقضت التقديرات المسبقة للمخابرات الامريكية، ووضعت الادارة في واشنطن في اكبر حالة حرج واجهتها في الاشهر السبعة لحكمها. ولكن الرئيس يواصل تصميمه على القول إن ما فعله هو الصحيح. الولايات المتحدة انهت ارسال جنود وراء البحر باسم الحفاظ على الديمقراطية ومنع الارهاب الاسلامي المتطرف، بمساعدة الدول التي تجد صعوبة في القتال من اجل نفسها. الاغلبية الحاسمة من الناخبين تؤيد قرار بايدن رغم الانتقاد الذي اسمعه سلفه دونالد ترامب الذي وضع فعليا نقطة البدء في الانسحاب في الاتفاق الذي وقعه مع طالبان قبل سنة ونصف. مشاهد الانسحاب القاسية، حيث افغان بائسين يتعلقون بعجلات طائرة المسافرين الامريكيين ويسقطون الى حتفهم، سيتم تذكرها لفترة طويلة. الكثيرون يجدون في ذلك صدى لانسحاب امريكي مشابه من جنوب فيتنام في منتصف السبعينيات. الاسرائيليون الذين شاركوا في انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في 2000 وجدوا صعوبة هم ايضا في تجاهل التشابه بين المشهدين. موجات الارتداد للانسحاب والانهيار يشعر بها في ارجاء العالم، بدءا بالصين التي اقترح محللون في وسائل الاعلام الرسمية فيها في هذا الاسبوع على تايوان أن تنتبه لما يحدث في كابول، وحتى الى حكام دول الشرق الاوسط الذين يخافون من أن تتخلى عنهم امريكا وتتركهم لوحدهم.

لقد شاهدت دراما افغانستان ايضا عن قرب جارتها من الغرب ايران. في الاسابيع القادمة سيعود مشروع النووي الايراني الى مركز الاهتمام العالمي ازاء المحاولات المتوقعة لاستئناف المفاوضات بين طهران والدول العظمى، بعد تولي الرئيس الصقوري ابراهيم رئيسي. التهديد الايراني سيناقش بشكل موسع في اللقاء بين بايدن وبينيت، رغم أن الاخير يعرف أن القرار الامريكي بخصوص هل سيوقع على اتفاق جديد مرتبط بالاساس بالاستعداد الايراني وليس بتحفظات اسرائيل. تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي نشر في هذا الاسبوع أكد على ادعاء اسرائيل بأن ايران سرعت مؤخرا الجهود لتخصيب اليورانيوم بمستوى اعلى هو 60 في المئة، الذي يقترب من مستوى التخصيب العسكري (90 في المئة). 

اسرائيل امتنعت حتى الآن عن الرد على هجمات لايران وحزب الله، التي حدثت في بداية هذا الشهر، هجوم الطائرات المسيرة على سفينة بملكية جزئية اسرائيلية في الخليج واطلاق 19 صاروخ من لبنان نحو هضبة الجولان. في الحالتين، الجانب الثاني في الواقع رد على نشاطات سابقة لاسرائيل، لكن الحكومة اكتفت بخطاب متشدد لم تتم ترجمته الى افعال. في القريب ستقف اسرائيل امام تحد آخر لايران، الذي بالتأكيد نوقش في المحادثات الاخيرة مع مصر. ايران ترسل عبر قناة السويس ناقلة نفط اولى الى لبنان، الغارقة في ازمة عميقة، بذريعة أن هذا خطوة انسانية. سيسجل هنا انجاز لحزب الله وسيفتح محور جديد وغير مراقب بين ايران ولبنان. اسرائيل ومصر بالتأكيد مترددتان حول كيفية التصرف. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، سبق وهدد بالرد على أي عدوان على الناقلات.

بينيت يكثر من الحديث عن حرب لبنان الثانية في 2006 كتجربة نقشت في ذاكرته وشكلت رؤيته بشأن قضايا استراتيجية. احد الدروس البارزة من الفشل النسبي لحكومة اولمرت في تلك الحرب يتعلق بعدم النضج والعمق للكابنت الجديد، بعد الجلطة الدماغية التي اصيب بها اريئيل شارون. يجب الأمل بأن الكابنت الحالي سيقوم الآن بعملية تعلم سريعة للمسائل الاستراتيجية التي تقف على جدول الاعمال. لأنه ما زالت قائمة امكانية كامنة للتدهور السريع في عدد من الساحات.