قضت المحكمة الاسرائيلية في قضية حرق ثم قتل الفتى الشهيد محمد ابو خضير مطلع تموز 2014 اول امس الاثنين بتبرئة إثنين من القتلة الفاشيين، بذريعة انهم قاصرين، واما الثالث ففي الدقيقة الاخيرة قبل المحكمة، أفاد تقرير طبي إسرائيلي، انه يعاني من مرض نفسي. وهو ما يعني سلفا تبرئته أيضا.
ماذا يعني ذلك؟ وكيف يتم تبرئة القتلة الاسرائيليين في الوقت، الذي تسن فيه القوانين العنصرية لملاحقة الاطفال الفلسطينيين؟ لماذا لم يتم الافراج عن الطفل احمد مناصرة، ابن الثالثة عشر من عمره؟ ولماذا لم يفرج عن ما يزيد عن (300) طفل فلسطيني من سجون الاحتلال الاسرائيلي؟ وكيف تمنح حكومة نتنياهو الضوء الاخضر لجنودها وقطعان مستعمريها لقتل وإعدام الاطفال والفتيات والشيوخ والشباب دون معيار أخلاقي او سياسي؟
كل الاسئلة إجاباتها تصب تحت عنوان واحد، هو تجلي العنصرية بابشع صورها. وسقوط كل المعايير الاخلاقية القيمية والقانونية في دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. وتميط اللثام عن وجهها الوحشي السافر. التي تؤكدها محاكمة الطفل الشهيد ابو خضير، مع انها ليست الاولى، لكنها تعطي البرهان على، ان القتلة المجانين في اوساط الاسرائيليين الصهاينة، باتوا يمثلون السمة الغالبة، الامر الذي يشير إلى تسيد الجنون في المجتمع الصهيوني، مما يفرض على العالم كله وخاصة الولايات المتحدة، على التوقف امام المنحى الخطير، الذي تتجه له الدولة الاسرائيلية المارقة، للحؤول دون إرتكاب محرقة جديدة، يرتكبها الفاشيون الاسرائيليون الجدد بحق الشعب الفلسطيني.
القضاء الاسرائيلي، لم يكن يوما قضاءا نزيها، ولن يكون يوما عادلا. لان قضاءا ينبثق من رحم انظمة وقوانين دولة قائمة على التزوير والقهر والاستلاب لارادة وحرية وحقوق شعب آخر، لا يمكن، ان يكون قضاءا موضوعيا، حتى وان وجدت بعض الاضاءات المتناثرة هنا او هناك، لاضفاء صبغة "الموضوعية" على دوره وادائه، غير ان الحقيقة الساطعة، تعلمنا، ان القضاء في دولة الابرتهايد الاسرائيلية، هو قضاء عنصري. مما يعني ولوج إسرائيل محطة نوعية في مسيرتها الفاشية. وبالتالي على المجتمع الفلسطيني بكل مكوناته وخاصة جهات الاختصاص، اي العاملون في حقل القضاء والعدالة والقيادة السياسية، الاستعداد والجاهزية لمواجهة المرحلة القادمة بقوة للكشف عن زيف "الدولة الديمقراطية". لان التاريخ ومفكروه من مختلف المدارس الفكرية، أكدوا بما لا يدع مجالا للشك، ان دولة ما تحتل دولة أخرى، لا يمكن ان تكون ديمقراطية. فما بال العالم، الذي يقف امام دولة قامت على انقاض شعب آخر، ورغم ان القيادة والشعب المنكوب (الفلسطيني) يتنازل عن ثلاثة ارباع وطنه الام لصالح خيار السلام بشجاعة نادرة، إلآ ان الدولة الاستعمارية المصطنعة (إسرائيل)، المحتلة للجزء الرابع، ترفض خيار السلام، وتعمل على إستصال كل بادرة تسوية، فهل يمكن ان تكون دولة "ديمقراطية" او تؤمن بالحد الادنى من المعايير الديمقراطية والاخلاقية؟ الجواب متروك للعالم الحر، إن كان هناك هكذا عالم.
تبرئة قتلة ابو خضير، هي إعلان صريح وعلى الملأ، عن إفلاس سياسي وقانوني واخلاقي في دولة التطهير العرقي الاسرائيلي، وغرق في مستنقع العنصرية والفاشية، مما سيزيد من سفور وحشيتها، ويضع شعبنا امام سيناريوهات سوداء في ظل غياب اي ضابط او معيار قانوني ينسجم مع الشرائع الدولية للجم حكومة قطعان المستعمرين الصهاينة. فهل نقف ونفكر فعلا فيما ستؤول اليه الامور في المستقبل المنظور؟ وهل نحث الخطى لنطوي صفحة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب؟ وهل نعقد المجلس الوطني؟ وهل ندعم ونتنبنى الهبة الشعبية للرد على الهمجية الاسرائيلية؟ الكرة في مرمى كل الوطنيين.