صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بشكل واضح خلال العام الحالي من استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال، حيث بلغت حالات الاعتقال بحق الأطفال (1000) حالة اعتقال، بينهم (73) طفل لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر، وفقًا لما نشر مركز فلسطين لدراسات الأسرى.
وقال مدير المركز، الباحث رياض الأشقر: "إنّ جنود الاحتلال يستهدفون الأطفال بشكل ممنهج وبتعليمات مباشرة من أعلى المستويات السياسية والأمنية لقادة الاحتلال، وذلك بهدف ردعهم عن المشاركة في مقاومة الاحتلال، وضياع فرصهم في التعليم، وتدمير مستقبلهم ومحاولة لخلق جيل ضعيف وخائف".
وأضاف الأشقر: "إنّ جميع الأطفال المعتقلين تعرضوا للتعذيب والتنكيل منذ اللحظة الأولى للاعتقال باقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، أو اختطافهم من الشوارع وعلى الحواجز، ويتعرضون لأشكال متعددة من التنكيل والإهانة بما فيها الضرب المبرح، والتهديد، واستخدام الكلاب البوليسية المتوحشة لإرهابهم".
وتابع: "إنّ الاحتلال لم يتوانى عن اعتقال أطفال جرحى بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجروح مختلفة بعضها خطرة، ونقلهم في ظروف صعبة، بل وصل الأمر للتحقيق معهم في المستشفيات، وابتزازاهم بتقديم اعترافات مقابل العلاج والرعاية الطبية، كذلك اعتقل الاحتلال اطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة".
وكشف الأشقر، أنّه نتيجة الاعتقالات المكثفة التي استهدفت الأطفال الفلسطينيين منذ بداية العام ارتفعت أعداد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الى 230 طفلًا، موزعين على أقسام الأشبال في سجون (مجدو وعوفر والدامون) اضافة الى وجود عدد في مراكز التوقيف والتحقيق يعانون من ظروف اعتقال قاسية جدًا وأوضاع متردية وغير إنسانية تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
من بين الأطفال هناك (3) أطفال يقبعون في الاعتقال الإداري المتجدد دون تهمه، بينما (102) منهم صدرت بحقهم أحكام مختلفة منها أحكام بالسجن لعشرات السنين، وآخرين لا زالوا موقوفين ينتظرون محاكمات .
ويخالف الاحتلال كل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديدًا اتفاقية حقوق الطفل، اليت شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال، ودعت إلى عدم اللجوء إلى اعتقالهم إلا كخيار أخير، وعدم استخدام أي شكل من أشكال التعذيب بحقهم ، إلا أنّ الاحتلال جعل من اعتقالهم خيارًا أوليًا وأعطى الضوء الأخضر لاستهدافهم بالقتل والاعتقال وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة من ضرب وشبح وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم.
وأوضح الأشقر، أنّ الأطفال الاسرى يقبعون في ظروف اعتقال قاسية، ويتعامل الاحتلال معهم كإرهابيين ويوجهون لهم الشتائم والتهديدات بشكل مستمر ، ويمارس بحقهم وسائل تعذيب قاسية، فيما تواصل إدارة سجون الاحتلال إجراءاتها العنيفة بحق الأطفال داخل السجون، وتحرمهم من أبسط مقومات الحياة.
ومن أبرزها: عمليات الاقتحام، والتفتيش لغرفهم وأقسامهم، بالإضافة إلى استمرار المعاملة السيئة من قبل السجانين، ومحاولة فرض تغييرات مصيرية على واقع الأسرى الأطفال، من خلال محاولتها حرمانهم من إشراف الأسرى الكبار علي شئون حياتهم.
كذلك استغل جائحة كورونا كأداة تنكيل بحقهم، وترهيبهم، وذلك بعدم توفير إجراءات الحماية الوقاية، كذلك تعريضهم للعزل بشكل مستمر بحجة الحجر، وحرمانهم من زيارة العائلة، والمحامين الأمر الذي تسبب لهم بأزمات متعددة، وضغوط كبيرة على كافة المستويات الحياتية، أبرزها نقص الملابس التي تفاقمت خلال العام بسبب وقف الزيارات لشهور طويلة.
وذكر الأشقر، أنّ الاحتلال شرَّع مؤخرًا الانتهاكات بحق الأطفال، حيث أدخلت سلطات الاحتلال تعديلات على الأمر العسكري رقم 1651، بهدف رفع الحماية عن الأطفال في الفئة العمرية بين 12 الى 14 عامًا، وبالتالي السماح برفع سقف اعتقالهم، حيث كان الحد الأقصى المفروض على هذه الفئة قبل التعديل لا يتجاوز ستة أشهر فعلية أو مع وقف التنفيذ، وبعد التعديل الجديد، لم يعد هناك حماية أو سقف زمني للعقوبة التي قد تفرض على الأطفال الذين تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية للاحتلال وقد تصل لعشرات السنين أو المؤبد.
ويعني التعديل الجديد عمليًا، فقدان الأطفال تحت 14 عامًا للحماية، وهذا يتناقض بشكل صريح مع المعايير والمبادئ الدولية التي تم إرسائها لحماية حقوق الأحداث، وهى بذلك تتعارض بشكل أساسي مع اتفاقية حقوق الطفل .
كما واصلت المحاكم العسكرية للاحتلال خلال العام الحالي فرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى الأطفال، وذلك ضمن سياسة مبرمجة ومعتمدة، الأمر الذي يشكل عبئًا على ذويهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأصبحت ساحات المحاكم الإسرائيلية وسيلة عقاب جديد على الأطفال وذويهم، وشكلت حالة من الابتزاز ونهب أموال ذويهم؛ و إثقال كاهلهم بالفاتورة المترتبة على اعتقال أبنائهم لمنعهم من المشاركة في فعاليات المقاومة، فلا يكاد يخلو حكم بالسجن الفعلي أو الإفراج بدون فرض غرامة مالية، ووصلت الغرامات المالية التي فرضت على الأطفال في محكمة عوفر خلال العام الحالي إلى (300 ألف شيكل) أي ما يعادل ( 90 ألف دولار) .
وفي الختام، طالب مركز فلسطين، المجتمع الدولي، بتحمّل مسؤولياته، تجاه أطفال فلسطين، وما يتعرضون له من جرائم فاقت كل الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدّ لعمليات الاعتقال التي تستهدفهم دون مبرر، ووقف ما يتعرضون له من معاناة متفاقمة بشكل يومي.