خيار الرئيس عباس بعد لقاء غانتس...تعزيز الارتباط مع إسرائيل أكثر!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 وكأنه أمر أمريكي مباشر، ان يذهب وزير جيش دولة الكيان الى رام الله ليلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "علنا"، بعد أن راجت أنباء عن لقاء سري بينهما تحت رعاية الملك عبد الله في آخر زيارة لعباس الى الأردن، خاصة وأن "الثنائي" بينيت – لابيد أعلنا مرارا أنه لن تكون هناك لقاءات سياسية مع السلطة.

اللقاء "السياسي – الأمني"، هو الأول بعد غياب لقاءات التفاوض بين السلطة والكيان منذ العام 2014 تقريبا، يمثل رسالة "طمأنة" الى الرئيس عباس، بعدما راجت في مراكز أبحاث ومعاهد دراسات عبرية تقارير عن ضعف السلطة، بعد الغاء الانتخابات وأحداث القدس واغتيال بنات، ونفخ في سور تحركات ضد الرئيس والسلطة جرت في رام الله والخليل، وبدأت تتحدث ليس عن ضعف السلطة فحسب، بل عن "اليوم التالي" لعباس.

ورغم أهمية ذلك، فالجوهري الذي يمكن متابعته عن اللقاء، أنه أكد على "ضرورة تعزيز الارتباط" بين سلطة الاحتلال وأداتها الأمنية – المدنية، والسلطة الفلسطينية بأجهزتها المدنية – الأمنية، في غياب لكل بعد سياسي، ما يعزز موقف "الثنائي" الرافض لعلاقة سياسية مع الرئيس عباس الى أن تأت "سلطة ديمقراطية".

اللقاء، يمثل استمرارا للمناورة الإسرائيلية التي تستغل حالة الإرباك السياسي – الهلع السياسي الذي أصاب قيادة السلطة، بعد "الحدث المايوي"، حيث وجدت ذاتها في موقع مشاهد أمام حركة تفاعل شعبية هي الأوسع منذ الانقسام على فعل ضد دولة الكيان، رغم ان نتائج الحدث الإيجابية تم حصارها بأسرع مما اعتقد كل متابع، لكن تل أبيب وأجهزتها الأمنية تواصل استخدامها لترهيب السلطة وكذا فتح، من أن حالتها "هشة"، ودون "سند الأمن الإسرائيلي"، فهي زائلة.

ولذا بدأ واضحا، ان مسار اللقاء أكد بلا أدنى شك، بحث كيفية "تعزيز الارتباط" بديلا لخيار "فك الارتباط"، الذي كان جوهر قرارات المؤسسات الرسمية الفلسطينية منذ عام 2015، وبذلك يعلن الرئيس عباس رسميا "تجميد" أي خطوة من شأنها أن تفك مسار "العلاقة مع دولة الكيان وأجهزة سلطاتها الاحتلالية، وبذلك انتهى زمن الحديث عن حالة الاستبدال للوضع القائم، والتفكير العملي للانتقال من "مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة"، التي كانت منتظرة وطنيا ردا على جرائم إسرائيل السياسية – الميدانية.

استباق اللقاء لاجتماع تنفيذية منظمة التحرير، (التي تعيش غيبوبة سياسية منذ زمن)، يؤكد أن المنتج القادم سيكون "شرعنة" الخيار العباسي الجديد بالارتباط أكثر الى حين جديد في مستقبل القادم.

موضوعيا، المشهد الفلسطيني بعد لقاء غانتس هو ما أرادته دولة الكيان، ارتباط أمني – اقتصادي مع السلطة، وإدارة الواقع في قطاع غزة ليبقى الحكم الحمساوي في دائرة الانقسام تعزيزا لبعد انفصالي، ولم تعد حماس تبحث مزيدا من التبريرات لتعزيز "سلطتها" بعد اللقاء، بل أنها ستعمل على منحه "شرعية إرباكية" عبر قواعد اشتباك محسوبة جدا مع قوات الاحتلال على السياج الفاصل.

اللقاء هو "الهدية السياسية" الأهم لحكومة بينيت، وربما يشكل لها سندا في مواجهة خصومها داخل الكيان، وهو "الثغرة الكبرى" في جسد الكيانية الاستقلالية الفلسطينية، التي ابتعدت كثيرا لأن تصبح واقعا سياسيا ضن حالة مواجهة وليس انصياع غريب، قد تترك بصماتها على مسار "العدالة الدولية" التي تنتظر قادة إسرائيل في المحكمة الجنائية عن جرائم حرب تضاعفت عما كانت.

غانتس أكد الثمن الإسرائيلي المدفوع "مال مقابل دعم – مال مقابل هدوء" ووداعا لكل ما هو سياسي للقضية الفلسطينية...

ويبقى السؤال الذي يبدو أنه أصبح ساذجا، هل هناك من خطة عمل للتغيير، بلا تردد لا حل ولا تغيير مع سلطتي الأمر الواقع...والحل القادم لن يكون وطينا فلسطينيا بل سيكون "توافقا غير فلسطيني؟"!

ملاحظة: استمرار أمن حماس اعتقال كل من يخرج عن "صندوقه الخاص" تعرية لموقف المواجهة..وتأكيد أنها باتت جزء من آلية معادلة مصاري مقابل هدوء!

تنويه خاص: من يستمع لحديث المسافرين من قطاع غزة عبر معبر رفح، يدرك أن الضرورة تفرض ليس استمرار فتحه فحسب، بل التفكير بمزيد من تقديم خدمات أفضل، فأهل القطاع يستحقون!