الرضا الذي ساد في الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، في ضوء المكان الهامشي نسبيا الذي كرس في لقاء قمة بايدن بينيت للمسألة الفلسطينية من شأنه أن يتبين كسابق لأوانه بل وربما كمتسرع.
فالولايات المتحدة وإن كانت لا تبادر في هذه المرحلة، على الأقل حتى إقرار الميزانية في الكنيست في تشرين الثاني القريب القادم – لخطوة سياسية مع الفلسطينيين، كما أنها لن تضع على الطاولة – في هذه المرحلة – مبادرة من جانبها، لكن إلى جانب مسائل مثل إيران، العراق، غزة، القبة الحديدية أو التأشيرات، فإن الموضوع الفلسطيني كان متواجداً في الغرفة البيضوية.
ولعله لم يكن هذه المرة "الفيل الذي في الغرفة"، ولكنه بالتأكيد كان ظل ذاك "الفيل".
طلب بايدن من بينيت الامتناع عن خطوات من طرف واحد في المستوطنات.
تمسك بينيت بصيغة النمو الطبيعي. وحسب إسرائيل بينيت، فإن المنطقة المبنية في المستوطنات وإن كانت تبلغ اليوم 87 ألف دونم وتقع في 1.52 في المئة فقط من إجمال مناطق الضفة ولكن مبدئيا – البناء، وفقا للنمو الطبيعي لسكان يهود يبلغ عددهم نصف مليون نسمة، سيمتد في كل مجال حكم المستوطنات – 537 ألف دونم (9.38 في المئة من أراضي الضفة) وسيضم بضعة آلاف وحدات السكن كل سنة.
يختلف الأميركيون مع هذا التفسير الإسرائيلي الموسع لـ"النمو الطبيعي" وهم مستعدون لأن "يبتلعوا" بصعوبة بناء داخل الجدار، وأقل بكثير من بضعة آلاف.
السؤال "كم بالضبط سيبنى وأين؟" سيتم استيضاحه في المحادثات بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، في هذه المرحلة من خلف الكواليس. هذا هو الاتفاق. سيحاول بينيت الحصول على أكبر قدر ممكن. ستضغط الولايات المتحدة إلى أقل قدر ممكن. إذا لم تكن تفاهمات، فإن الخلاف، الذي يمتنع الطرفان حاليا عن تعريفه، سيخرج إلى النور.
طرحت المسألة الفلسطينية وقصة البناء اليهودي أيضا في السياق المقدسي. تحدث بايدن عن العائلات العربية التي تسكن في بيوت اليهود في شمعون الصديق، الشيخ جراح، على خط التماس في القدس، طلب الامتناع عن حل غير نزيه. أجابه بينيت بأن الموضوع هو الآن في يد الحسم القضائي. كما أن موضوع القنصلية في شرقي القدس طرح في اللقاء، وبقيت الخلافات بين الطرفين على حالها. ومع ذلك يمكن لبينيت أن يكون راضيا عن أنه حاليا لا توجد خطة من جانب إدارة بايدن في الموضوع الفلسطيني، وأن رأس الأميركيين ينصب في معظمه إن لم يكن كله في شؤون خارجية أخرى، وبالطبع أيضا في شأن الكورونا.
الخلاف مع الأميركيين بالنسبة لحل الدولتين، وإن بقي على حاله، بينيت يعارض إقامة دولة فلسطينية وبايدن وإدارته يعتقدان أن هذا هو الحل الوحيد – ولكن في هذه اللحظة يتفقان على ألا يتفقا.
تدل التجربة في "حارتنا" على أنه عندما تقفز "المسيرة السلمية" في زيارة إلى المنطقة، فإن أعراضها هي بشكل عام "مسيرة دموية" وإرهاب. يترجم الفلسطينيون "السلام" إلى انسحابات. ويترجم الإرهاب "السلام" إلى ضعف. والنتيجة هي عمليات. والمثال الأبرز بالطبع هو "مسيرة أوسلو" الدامية. وكذا "فك الارتباط" عن غزة، ولكن في الطريق، على مدى السنين كانت لنا أحداث "سلمية" مشابهة أخرى.
ينبغي إذن الأمل في أن يكون مقررو السياسة وأصحاب القرار في إدارة بايدن يعرفون تاريخ وفرة "السلام"، كما ينبغي الأمل أيضا في أن الجانب الإسرائيلي سيكون من يذكرهم، بحساسية أو بتصميم، كم هو رفيع الفرق في الشرق الأوسط بين مسيرة السلام ومسيرة الإرهاب.
عن "إسرائيل اليوم"