أشارت تقارير عسكرية اسرائيليةالى أن تغييرات كبيرة تجري في داخل الجيش من جهة الاستعداد للمواجهات القادمة، مع الأخذ بالحسبان التغييرات الحادة التي تحصل وحالة عدم الاستقرار التي تسود المنطقة.
ومن ضمن هذه التغييرات استبعاد قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران في أعقاب الاتفاق النووي، والتغييرات التي تعصف بالمنطقة، وبضمن ذلك ما يجري في الساحة السورية، والواقع الجديد الذي نشأ فيها، وبضمن ذلك نشر صواريخ "أس 400 فيها".
وبالنتيجة، بحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن"الجيش الإسرائيلي بدأ استعدادات لمواجهة تحديات من نوع مختلف، ومن المفترض أن تكون خطط الجيش الإسرائيلي المتعددة السنوات قادرة على تحقيق عملية تغيير عميقة في الجيش تضع في متناول يده قدرات جديدة ومتنوعة للسنوات الخمس القريبة".
ويضيف أن "هذه الخطط يجب أن تعده لإمكانية اندلاع مواجهات شديدة، قد تنفجر في مدى شهور معدودة، رغم أنه لا يوجد سبب منظور يشير إلى ذلك، كما يفترض أن "تواجه العنف المندلع منذ شهور في الضفة الغربية، وفي داخل الخط الأخضر في كل أسبوع تقريبا".
ويشير في هذا السياق إلى التنوع الكبير في نوعية التحديات، حيث أنه في حين يستعد الجيش لصدام محتمل وشديد مع حزب الله، المسلح بأكثر من 100 ألف صاروخ ويسعى لتركيب أجهزة توجيه دقيقة على بعض هذه الصواريخ، فإن الجيش يجد صعوبة في إيجاد حل دفاعي جيد ضد طالب ثانوي لم يتجاوز 16 عاما وطالبة جامعية لم تتجاوز 20 عاما، وصلا حاجزا، هذا الأسبوع، في الضفة الغربية وهما مسلحان بسكين وفأس.
ويضيف هرئيل أن "المستويات مختلفة، وأن خطط بناء القوة البعيدة المدى، وإلى جانب ذلك الجاهزية لتغييرات فجائية، تتداخل ببعضها البعض".
وأشار في هذا السياق إلى أن رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوط، عقد اجتماعا، قبل 3 أيام، لكبار الضباط، عرض فيه أسس الخطة، كما أجريت، يوم أمس الأول، مناورة فجائية في قيادة الجنوب العسكرية تحاكي سيناريو تصعيد في قطاع غزة وأبعاد ذلك المحتملة على الوضع على طول الحدود مع مصر.
وكان ضابط كبير في هيئة أركان الجيش قد صرح للصحافيين، يوم أمس الأول، أن "تطورات كثيرة فاجأت الجيش حصلت في المنطقة في الشهور الأخيرة، نتيجة للهزة التي اندلعت في العالم العربي في كانون الأول/ ديسمبر 2010".
وقال الضابط: "لم يعتقد أحد أننا سنرى في الساحة الخلفية صواريخ أس 400 المتطورة المضادة للطائرات" التي أعلنت روسيا، الأسبوع الماضي، أنها ستنشرها في شمالي سورية، في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية من قبل المقاتلات التركية.
وقال الضابط إن الظروف تغيرت بشكل حاد، حيث أنه يجب على الجيش أن يناسب نفسه لهذه الظروف، وأن يستعد لتطورات غير متوقعة أخرى، والأخذ بالحسبان التغييرات الكبيرة التي حصلت في المجتمع الإسرائيلي، وبضمنها مطلب سد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، والتسامح الذي يتقلص لدى غالبية المواطنين تجاه المصاريف غير الضرورية للجيش.
وضمن الخطة ذاتها، فإن الجيش ينوي الاحتفاظ بخمس غواصات "دولفين" من إنتاج ألمانيا. علما أن الغواصة السادسة سوف يتسلمها سلاح البحرية الإسرائيلي في العام 2019. ولكن بحسب الخطة، فإن الجيش سوف يتخلص من الغواصة الأولى، بعد 20 عاما من بدء استخدامها.
ولفت هرئيل إلى أن قرار التسلح بالغواصة السادسة، سبقه نقاش حاد في قيادة الأجهزة الأمنية، قبل 5 سنوات. وفي حينه فرض وزير الأمن، إيهود براك، ذلك على رئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، الذي لم يكن يرى أية ضرورة لها. وفي حينه كان تجري مناقشة شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وكانت وسائل إعلام أجنبية قد نسبت للغواصات الإسرائيلية إمكانية "توجيه ضربة ثانية" نووية تساهم في ردع إيران.
ويتابع هرئيل أن الجيش لم يقرر بعد ماذا سيفعل بالغواصة الأولى، ولكن من المرجح أن تجري دراسة إمكانية بيعها لدولة ثالثة. وهذا التغيير، بحسب الكاتب، يعكس تطورا في سلم الأولويات، والذي انعكس في وثيقة إستراتيجية الجيش التي نشرها آيزنكوط في الصيف الأخير. ورغم أن الجيش يواصل الاستعداد لمواجهات في "الدائرة الثالثة" مع دول بعيدة عن إسرائيل، ورغم أن هيئة أركان الجيش تدعي أن القدرات التي تم بناؤها أثناء الاستعداد لحملة عسكرية ضد إيران هي قدرات عامة يمكن استخدامها في سيناريوهات حرب أخرى، إلا أن التهديد الإيراني لم يعد على رأس سلم أولويات هيئة الأركان، حيث يسبقه، في السنوات القريبة على الأقل، مواجهة أبعاد عدم الاستقرار الإقليمي على الحدود وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ويتابع أن الخطة العسكرية، التي لم تعرض بعد على المجلس الوزاري المصغر، تحول موارد لمعالجة مختلف التهديدات التي يمكن أن تواجهها إسرائيل في السنوات القادمة، مثل: هجمات حرب إلكترونية (سايبر)، قصف مكثف بالصواريخ، واستهداف بنى تحتية إستراتيجية، وحوادث حدودية، وعمليات ضخمة لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره، وانتفاضة واسعة النطاق في الساحة الفلسطينية.
وبحسبه فإن الرد الذي يبحث عنه الجيش يعتمد أولا على "تطوير التنسيق والفعاليات المشتركة بين أذرعه وهيئاته المختلفة البرية والجوية والبحرية والاستخبارية والإلكترونية، ولكن ذلك يتطلب عملا كبيرا".