رأى محلل فلسطيني على احدى الفضائيات في قمة الثلاثة في القاهرة، انها جاءت لتأكيد مركزية القضية الفلسطينية وثوابت القاهرة وعمان ورام الله وعدم تنازلهم عن اي من تلك الثوابت. في حين رأى محلل فلسطيني آخر، ان القمة جاءت كما الصحوة على معركة “سيف القدس” التي حقق فيها محور المقاومة انتصارا كبيرا على اسرائيل، وان اصحاب القمة أدركوا ان بالامكان الانتصار على اسرائيل كما انتصرت طالبان على أميركا .
لا يستطيع أحد معرفة الدوافع الحقيقية لهذه القمة ولا ما دار في دهاليزها بدقة ، لكن معروف عن الانظمة الثلاثة انها تعمل سنوات طويلة سرا وعلنا في طحن الماء، ولها مواقف واضحة من اميركا حتى في الحقبة الاكثر سوادا التي قادها ترامب ضد فلسطين واقامة دولتها ومصادرة عاصمتها وتبديد حقوق لاجئيها .
قبل ايام عقدت قمة بغداد، لم تتم دعوة فلسطين لحضورها ، ولم يتضمن بيانها الختامي بندا واحدا عن اهميتها او مركزيتها. سيقول أحد اتباع نظام ما، انها اقتصرت على الدول المتاخمة للعراق ، ولكن مصر بشخص رئيسها حضر القمة دون ان تكون متاخمة، وفرنسا ايضا .
انتصار محور المقاومة ليس في وارد اقطاب القمة القاهرية ولا حتى القمة البغدادية ، فسوريا التي تعد رأس حربة محور المقاومة فعليا وموضوعيا ، لم تدع رغم انها من اهم الدول المتاخمة للعراق. اجتماع بينيت السري مع ملك الاردن، اجتماع مزمع مع السيسي، واجتماع الرئيس عباس العلني مع وزير الجيش الاسرائيلي بيني غانتس ، مؤشرات مؤكدة ان محور المقاومة يغرد في سرب آخر.
يرى البعض ان “التهدئة” بذاتها ولذاتها ، هي ما نشدته القمة الثلاثية ، بايعاز اميركي بعد ما منيت به في افغانستان ؛ لم تستطع اخراج رعاياها ورعايا حلفائها وعشرات الالاف من عملائها ، فهل ينطبق هذا على اسرائيل؟، بل هل يقتصر هذا عليها وحدها دون غيرها من حلفائها وعملائها في المنطقة ؟ .
ولكن مضيف القمة ، الرئيس المصري ، بحكم متاخمته لقطاع غزة ، فشلت كل جهوده في ان يعقد راية الصلح بين “حماس” والسلطة ، بل ان الامور بينهما تذهب ابعد مما كانت عليه قبل “سيف القدس” ، والسلطة وصلت الى ما وصفه نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي هادي عمرو من انها “غابة جافة” ويجب بالتالي مساعدتها مصريا واردنيا في تجنيبها كل شرارة ، واذا كانت الجماهير الفلسطينية والمصرية والاردنية تقبل بهذا الامر، فإنها بالتأكيد ترفضه اسرائيليا التي اعلنت عن تقديم قرض يناهز 500 مليون شيكل دون ان ترفع يدها عن زناد القتل والقنص والتعدي والمحاصرة . رفعت يدها أمس الاول، عن الاسيرة الحامل أنهار الديك، وسمحت لها ان تلد في بيتها ، ما لم تسمحه للاسيرة خالدة جرار ان تلقي نظرة الوداع لدقائق على فلذتها قبل دفنها .