عن سلطة فلسطينية باتت جسراً للاحتلال

تنزيل (8).jpg
حجم الخط

بقلم مصطفى إبراهيم

 

 

 لن تكون هناك أي عملية سياسية ولا تفاوضية مع الفلسطينيين، وأن الهدف هو منح الفلسطينيين تسهيلات اقتصادية وبناء إجراءات الثقة وتقوية مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والحفاظ على الهدوء الأمني، هذا ما أكده وزير الامن الاسرائيلي بيني غانتس خلال لقاءه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن اللقاء كان أمنيا ونتائجه ستتضح قريبا، ومصلحة إسرائيل عدم انهيار السلطة.

والدول العربية وفي مقدمتها السلطة لا تزال تحلم وتعلق آمالًا على دولة الإحتلال وأمريكا للتشبث بما يسمى عملية سياسية وحل الدولتين، وسيقف الرئيس عباس خلال الأيام القادمة في الأمم المتحدة يلقي خطابه السنوي المعتاد والمكرر.

وسنجلس في العتمة، نسمع الخطاب ونتفرج  على أعمارنا وتاريخ معاناتنا وحياتنا تتغير للأسوأ، واستمرار الاحتلال والاستيطان وحصار غزة، وكأننا جردنا من إرادتنا وأسلحتنا وأحلامنا ولا نستطيع تغيير أماكننا وواقعنا.

الحقيقة المرة تقف أمامنا شاهدة على حالنا وأحوالنا وأن دولة الفصل العنصري والاحتلال العسكري ماضية في مشروعها الاستعماري الاستيطاني  وفق تخطيط استراتيجي وتتبنى شعارات سياسية، من حل الصراع وادارة الصراع وأخيرًا ما ذكره  رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت مصطلح “تقليص الصراع” بين اسرائيل والفلسطينيين ضمن ما يسمى السلام الاقتصادي، وهو ما يعني حسم الصراع.

دولة الاحتلال تعمل على استعادة اجراءات بناءً الثقة مع السلطة للحفاظ عليها كوكيل أمني يخدم مصالحها، باستمرار  الاستيطان واستكمال السيطرة على مناطق “جـ”، والضم الزاحف وهو جوهر مشروع رئيس وزراء دولة الاحتلال السياسي، ويعمل على ضم تلك المنطقة من خلال إجماع إسرائيلي حولها، وتحقيق امكانية الانفصال عن الفلسطينيين دون دولة وحق تقرير المصير.

عمليا سياسة بينيت والحكومة الاسرائيلية الجديدة مستمرة في تعميق الاستيطان، وتكثيف الوجود اليهودي على حساب الوجود الفلسطيني، والضم الزاحف لمناطق “جـ” والسيطرة عليها بهدوء، وتعمل باصرار  ومثابرة من اجل ذلك. وهناك اجماع صهيوني يميني على تعميق الاستيطان من خلال الاتفاقيات الثنائية التي وقعت قبل تشكيل حكومة بينت لابيد بين الاحزاب الصهيونية كما جاء في البند السياسي الذي أدرج في الاتفاقات الثنائية بين “يمينا” و”يش عتيد”و “تكفا حداشا” و”يسرائيل بيتينو” و”كحول لفان”، لاستمرار الاستيطان والسيطرة على مناطق “جـ” ومنع البناء الفلسطيني فيها.

هذه هي حقيقة سياسة بينت وما تسمى حكومة التغيير تجاه القضية الفلسطينية، وهو التنكر  لحقوق الفلسطينيين وعدم اقامة دولة فلسطينية، وملاحقة الوجود الفلسطيني في الضفة ومحاولة التخلص منه.

اسرائيل اكثر  وقاحة في  التعبير عن موقفها وسياستها وان لقاء غانتس عباس ليس سياسياً، وتقول ان الظروف غير ناصحة لعملية سياسية وذلك لا يعني الجمود، بل هي تحاول المشي وقوفا في المكان، وكما ذكر بينت أنه كان هناك دائما انقسام، إما التقدم نحو دولة فلسطينية أو عدم القيام بأي شي، أعتقد أنه في العديد من المجالات يمكن العمل على تقليل المشكلة حتى لو لم يتم حلها في الوقت الحالي”. ما يعني الحفاظ على العملية السياسية لكن بدون افق ووهم سينتظره الفلسطينيين طويلاً، كما انتظروا وعود الادارات الامريكية السابقة وسينتظرون الادارة الحالية والقادمة.

اذا كانت هذه السياسة التي تتبعها حكومة يقال عنها هشة وضعيفة وتجمع تناقضات سياسية واجتماعية، وتمكنت من مواجهة التناقص الاساسي وهو الاحتلال وتشكيل اجماع على عدم وضعه على الاجندة السياسية الاسرائيلية.

الحقيقة القائمة أن أي حكومة من حكومات دولة الاحتلال تعمل في سياق وخطط وسياسات لتحقيق اهدافها  الاستراتيجية، وإن كانت هناك ابعاد شخصية للقادة وسواء كان نتنياهو او بينت، إلا أن هناك اجماع صهيوني على تنفيذ تلك الاهداف. وما يحري في الضفة من تعميق الاستيطان ومحاولة السيطرة على مناطق “جـ” بالضم الزاحف وغير المعلن، أيضاً اتخذت دولة الاحتلال قرارها بفصل الضفة وغزة منذ بداية تسعينات القرن الماضي وفرضت حصارا بالتدريج،  وازدادت وتيرته واساليب فرضه عبر السنوات الماضية والذي بلغ ذروته منذ منتصف العام ٢٠٠٧ وما تعانيه غزة من عدوان متعدد الاشكال وحصار وعقوبات جماعية وابتزاز.

دولة الاحتلال تتنكر  لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومستمرة في فرض العقوبات الجماعية وتشديد الحصار، وكل ما تقدمه من تسهيلات بما فيها المنحة القطرية، هو مجرد وهم، وهو ضمن استراتيجية وانكار حقيقة الاحتلال الذي ازاحته مركبات دولة الاحتلال عن جدول اعمالها.

لا يمكن تجاهل الاحتلال وسياساته العنصرية، وما يعانيه الفلسطينيون، لكنهم بانقسامهم وأنفسهم يسهلوا مهمة دولة الاحتلال للقيام بذلك.