دعوات غضب والناس في ذروة فرحها

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

نزل الناس الى الشوارع تعبيرا عن فرحتهم وسعادتهم بعملية النفق الذي حفره الصناديد الستة بأظافرهم وارادتهم ودأبهم ومعالقهم وصبرهم ثمانية أشهر، تتوج فرح الناس بتوزيع الحلوى في العديد من مدن الضفة والقطاع على السواء ، وهو تعبير واضح ومباشر انهم ابناء شعب واحد ووطن واحد يفرحهم الفرح الواحد ويقرحهم القرح الواحد ، عكس ما يشي به المطبخان الحاكمان هنا وهناك ، وتوابعهما من بقية الفصائل.

الفرح الشعبي الذي شهدناه في الشوارع ، قابله تخبط سياسي ، تمثل في دعوة القيادات الى تنظيم مسيرات غضب شعبي ” الجمعة”، فلماذا غضب والناس في ذروة فرحتها، بل كيف يمكن التوفيق بين الحالتين في الوقت ذاته . وإذا كان التخبط الاحتلالي مفهوما ومبررا ، فكيف نفسر تخبط قياداتنا؟

إنه الخوف ، الخوف من ان يفجر الغضب الجماهيري في وجه القيادات في حالة المس بالصناديد الستة ، قتلا او اعتقالا ، ذلك ان تهديد غزة كان ضبابيا ، لم يكن واضحا وضوح “سيف القدس” ، ولم يصدر عن صاحب السيف محمد الضيف ، الذي لاقته الجماهير بهتافها :”حط السيف بحد السيف، نحن رجال محمد ضيف”. بمعنى لن تقبل الجماهير بأقل من “سيف جلبوع” لحماية هؤلاء الابطال الذين اعادوا البسمة الى الشفاه والفرحة الى الشغاف.

في الضفة، لا يقل الخوف، من أن لا يعود الناس الى بيوتهم قبل ان يتم إلغاء التنسيق الامني مع الاحتلال مرة واحدة والى الابد ، فلم يعد بالامكان التوفيق بين من يحفر النفق ، وبين من يكلف بالبحث عنه، ناهيك ان الغابة جافة وفق نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي هادي عمرو، وقابلة للاشتعال في اي لحظة.

إن معرفة قيادتي “الجهاد” و”فتح” بعناصرها الستة ، وبالتحديد العارضة والزبيدي ، كفيلة بأن تذهبا معهم الى النهاية ، استئثار الاستشهاد على الاعتقال والعودة الى الجلبوع ، لا ولا حتى سجن اريحا، الذي شهد الاقتحام واعتقال سعدات ورفاقه– بالاضافة للشوبكي- رغم انهم محكومون وفق اتفاقية اوسلو ورغم خضوع السجن لحراسة اميركية- بريطانية ، وها هم اليوم يلامسون الموت في باستيلات اسرائيل.

اذن تخوف القيادات القائم على تخبطها، مرده ان التهديدات الصادرة عنها لم تصل، ولن تصل ما لم يكن هناك كلام واضح بوقف التنسيق الامني مصحوبا بسيف جلبوع، حينها ستجلس اسرائيل مع نفسها، وتغض النظر عن فرار ستة اشخاص من اصل خمسة آلاف، كان يمكن ان تشملهم اتفاقة التبادل المزمعة ، مع اقرار ذاتي بانتصار ارادة السجين على السجان و”الاسد الذي سجانه حمار”، في معركة ليس لأحد في العالم ان يدينها او يشجبها او يتوعد ابطالها بالعقاب، تماما كعملية “قنص القناص”، الذي فتح كوة في الجدار ليمد منها بندقيته ليقنص المتظاهرين المحشورين خلف هذا الجدار، لن يجد عاقلا واحدا في العالم يحتج او يدين قنص القناص، بمن في ذلك أمه وأبوه.