الأسرى في خطر

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

خرج الأسرى، اليوم، من الدائرة التقليدية، وذهبوا بعيدا عنها من خلال الخروج إلى الحرية عبر الأسرى الستة الذين خرجوا من سجن جلبوع رغم الإجراءات والتشديدات وتقنيات المراقبة، لم يعد الأسرى بحاجة (لمليون شوار وقوال) الإضراب عن الطعام غير مناسب فالجو السياسي الدولي والداخلي لا يحقق شروط النجاح!!!، لم يعد الأسرى في ذات الدائرة بانتظار إنجاز سياسي يحقق انفراجة لهم.
قضية الأسرى بعد الخروج إلى الحرية مختلفة تماما عما قبلها، صحيح انهم ما زالوا في خطر والخطر يتصاعد ولكنهم فرضوا أنفسهم على كل المكونات السياسية والاجتماعية بشكل متغير تماما. فالفرض بات يستدعي التعامل معهم بشكل مختلف تماما يخرج من نطاق وجود من تيسر أمام بوابة الصليب الأحمر لنصرتهم أو زيارة موسمية لأسرهم وغيرها من الفعاليات التي تحمل طابعا إنسانيا وليس عمقا سياسيا يقود إلى تحريرهم وإنهاء هذا الملف وهذه المعاناة.
المتغير المهم بعد الخروج إلى الحرية عنوانه ان الأسرى لم يعودوا ينتظرون انفراجا يأتيهم من خارج محيط السجون بل باتوا يلتقطون اللحظة ويحملون مسؤولية تحررهم بأياديهم هم، نعم، لقد ملوا عد سنوات اسرهم والألقاب التكريمية، فاختاروا ان يناضلوا حسب واقعهم وإمكانياتهم رغم ان الحركة الأسيرة لم تتوقف عن النضال خلف القضبان وتضرب أمثلة ونماذج، سواء منذ إضراب سجن نفحة أوائل الثمانينيات وإضراب الكرامة وما سبقها من نضالات وما تلاها، ووثيقة الأسرى لإنهاء الانقسام.
مطلوب من المستوى السياسي بكل مكوناته، من الرئاسة إلى الفصائل إلى مؤسسات المجتمع المدني، القيام بتحرك نوعي واضح المعالم قولا وفعلا، بحيث نستخلص العبر من إضراب الكرامة الأخير للأسرى ونخرج من نطاق ردات الفعل الفاترة بل نبحث عن فعل على المستويات كافة، وأن يكون خطاب المستوى السياسي واضحا لا مواربة فيه وكما قالوا، إننا لن نسمح باقتطاعات من المقاس على حساب الأسرى والشهداء. اليوم، الأمر متاح تماما بحيث نضع خطابنا بتصور واضح على طاولة كل الكون وأن نضغط نحن ولا نأخذ دور الإسناد للأسرى وكأننا فقط نرحب ونؤيد.
الأسرى، اليوم، يقولون: كفى مناكفة سياسية وفصائلية لا تغني ولا تسمن من جوع بل تضرب الحركة الأسيرة في خاصرتها، دعوكم من هذه المظاهر وارتقوا إلى مستوى فعل الحركة الأسيرة.
الإعلام الفلسطيني: نتوسل إليكم ألا تستحضروا شخوصا من الأرشيف بحكم ان هذا ناطق وهذا رئيس كذا، بالله عليم احسنوا خياراتكم ليكون خطابكم على مستوى الواقع المعاش، دعوكم من الشعر ومن الحديث عن تسلسل الرتب وأتونا بأشخاص قادرين ان يذهبوا صوب جوهر القضية.
المؤسسات والجمعيات: مطلوب منكم نقلة نوعية في الفعل، اذهبوا باتجاه مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ليس على شكل هبة بل كاستراتيجية شاملة نصرة للأسرى والأسيرات.
لم تعد الأمهات والأخوات، اليوم، قادرات على تكرار معاناة الزيارة إلى السجون وكل تفاصيل الزيارة من الصعود إلى الباص مرورا بلقاء الأسير لأنها باتت تكرارا لألم لا يطاق، اليوم، وجدت أسر الأسرى نفسها في حال مختلف، فهم يبلغون الكل الفلسطيني والعالم: انظروا هؤلاء الأبطال الذين كادوا ينسون وفقط يتذكرهم عائلاتهم، ها هم يدقون جدران الزنزانة والعزل الانفرادي ويتحملون مسؤولية قرارهم أمام بطش السجان.
اليوم، صدحت منابر المساجد بالتركيز على الأسرى وقضاياهم، والمهم وكيف استطاع الضعيف ان يخرج إلى الحرية، وظل السؤال يلح على لسان الخطباء: هل نحن أهل لهذه المرحلة وتبعاتها؟، وتوافق مع هذا أولئك الأطفال في المدارس الذين رسموا وكتبوا ليحكوا مع الأسرى ويبلسموا جراحهم، وخرجت إلى العلن دعوات الآباء والأمهات ان يحفظ الله أبناءهم الأسرى الذين يتعرضون للبطش من السجان في المعتقلات كافة.