نحو تصويت نسوي كثيف يغيّر قواعد اللعبة السياسية في إسرائيل

اسرائيل
حجم الخط
قبل سنتين وقفت نساء على رأس ثلاث قوائم سياسية من اليسار والوسط في اسرائيل، شيلي يحيموفيتش وقفت على رأس «العمل»، ووقفت تسيبي ليفني على رأس «الحركة» وزهافا غلئون على رأس «ميرتس». توجهت هذه الاحزاب بصورة صريحة الى جمهور الناخبات، ولهذا سارعت الاحزاب الاخرى، التي تتفاخر بكونها وسطا (مثل «يوجد مستقبل» وحتى «اسرائيل بيتنا») الى عرض نسائها بصورة تظاهرية، ولتغمز لجمهور الناخبات. الآن بعد سنتين وضعت ليفني نفسها الى جانب اسحق هرتسوغ، خطوة واحدة الى الوراء، خلف قناع. ويحيموفيتش تم اقصاؤها من قبل حزبها لتجد نفسها خلف الستار.
حزب الوسط الاساسي منشغل بالتأكيد برجولة رئيسه واخفاء نسائه «المسترجلات جدا» كي لا يشوشن - لا سمح الله - على من يقف على رأس العائلة. كي لا يبدو كأنهن من يلبسن البنطالات (فقط ستاف شبير هي ذات الوجه الجميل بما يكفي من اجل ألا تشكل تهديدا، ولهذا فقد حظينا برؤية وجهها).
يظهر هرتسوغ في الصور في الانترنت وفي اللافتات الدعائية بوجه تشوبه الحُمرة وشعره منفوش مع شعر خفيف على لحيته يزين نظرته الجدية، ومن غير البدلة وربطة العنق المعتاد عليها ويشعر بها بالراحة، ومن غير النظارات. لكن ما العمل؟ البدلة وربطة العنق والنظارات تبث رسائل رمزية للطف، وليس للرجولة، مقاتل وقاتل، وأن المعسكر الصهيوني يريد ابراز حقيقة أن من يقف على رأسه هو رجل، على الأقل مثل نتنياهو ذي النظرة المصممة، والذي يقف على رأس حزب ذكوري نقي.
حتى ليمور لفنات، التي تعلمت التحدث بصوت ذكوري لكي تُسمع في مركز «الليكود»، استطاعوا التخلص منها. فمن يحتاج الى عضوات كنيست بوجود المرأة الصغيرة الى جانب الأب وهي تضحك دائما، المرأة المخلصة التي ترسل إليه باستمرار نظرات مشجعة وتوضح لكل خصومها (انظروا مونيك بن ميلخ) أنه ليس هناك مثل رجُلها، رئيس الحزب، رئيس الدولة، رجل رجل رجل. يده الاولى في دورية رئاسة الاركان والثانية في العالم الكبير لدى زعماء العالم.
عندما ينظر هرتسوغ ونتنياهو أحدهما في وجه الآخر فإنهما ينتظران من سيرمش أولا. ايضا باقي احزاب الوسط تخلصوا من النساء عندهم، واستلوا ملوكهم الذين يزعم كل واحد منهم أنه الورقة الرابحة. «يوجد مستقبل» يعرض يائير لابيد، فقط لابيد، وهو يقود سيارته الرجولية بطريقة رجولية، ويعرض انجازاته التي في معظمها شخصية، ويسمح لأتباعه الراضين بمدحه وتعظيمه والثناء عليه. افيغدور ليبرمان، باختصار، هو ليبرمان. بالعبرية والروسية، كما ترغبون، هو هجومي ومهدد، القتل في عينيه. ها هو يلبس الملابس العسكرية، وها هو يجلس مثل رجل على رأس طاولة عائلية احتفالية ويوضح لنا المرة تلو الاخرى أنه يجب قتل «المخربين». هذا كل شيء. لأن باينا كرشنباوم يجب نسيانها. هذه الكوشية قامت بنصيبها وتستطيع بيقين أن تذهب. حتى موشيه كحلون في الدعاية الانتخابية هو رجل، رجل: لديه ألقاب اكاديمية، وايضا هرب من المدرسة الثانوية. كما أنه قام بالاصلاحات التي تتعلق بالهاتف المحمول وأمضى أيامه في البحر الابيض، هذا وذاك. فقط وفقط هو وليس غيره. ايضا عن النجومية المفردة غير المشكوك فيها لنفتالي بينيت وآريه درعي وايلي يشاي ليس هناك ما يُقال. ها هم لا يتفاخرون اطلاقا بتأييد المساواة، هم يدعمون القوة الذكورية.
قبل ثلاث سنوات ثارت البلاد في أعقاب اكتشاف أن هناك في إسرائيل اقصاء للنساء. اتضح أن رجالا حريديين لا يسمحون للنساء بالجلوس في مقدمة الحافلات، يمنعونهن من الغناء، يمحونهن من اللافتات، يُجبرونهن على المشي في ارصفة منفردة ويقيمون لهن بنوكا وصناديق مرضى خاصة. قمنا كرجل واحد وصرخنا وأظهرنا امتعاضنا من اقصاء النساء في اوساط الحريديين. كم نحن طيبون ومتنورون.
ها هي الانباء، ونبدأ من البداية: اقصاء النساء وصل الى كل زاوية، انتشر كمرض الصرع. انتخابات 2015 تُدار بقوى الهرمون الذكوري، والمنافسة على أمر واحد: من مِن رؤساء الاحزاب الرجال هو الاكثر رجولية من غيره. من كان أكثر رجولية يا أخي. من هو الاكثر قتالية وأكثر تهديدا وتخويفا، بروح نبوءة ناكس نوردو حول الرجال العبريين الجدد ذوي النظرات الحادة والاكتاف العريضة. بدون نساء، وإن وجدت فلتكن صغيرة. في هذا المنظر المظلم هناك أمران استثنائيان مشجعان: وجوه نساء حزب «بفضلهن» الحريديات من جهة، ووجوه نساء «ميرتس» اليساريات من جهة اخرى. النساء الحريديات الشجاعات يُعلن بصورة مباشرة لم نسمع مثلها أنه انتهى حكم الرجال في اسرائيل، وأن ألم النساء لن يتم إسكاته ثانية، وأنه لن يتم تجاهل ضائقتهن. من الآن هن موجودات هنا وسيأخذن مصيرهن بأيديهن، ومن الجهة الاخرى عضوات الكنيست من «ميرتس» يظهرن على شاشة التلفاز بالفعل كمواطنات متساويات الحقوق في ديمقراطية ليبرالية ويوجهن نظراتهن الهادئة الى ناخبيهن بدون أن يتظاهرن كثعالب قتالية مسفوعة اللون.
اذا أرادت نساء اسرائيل محاربة اقصائهن وإسماع صوتهن واظهار وجوههن وتأمين مكانهن كمواطنات متساويات الحقوق يمكننا القيام بذلك. إن نصف البطاقات التي يتم وضعها في الصناديق هي لنا، اذا أعطينا اصواتنا للحزبين اللذين يحترماننا ويتحدثان عنا ويمثلاننا ويهتمان باحتياجاتنا فإن أي حملة انتخابية مستقبلية لا يمكنها ان تقصينا في المستقبل. اذا كان نصف اصوات النساء، أي ربع اصوات الجمهور، سيُدخل ممثلات «بفضلهن» الحريديات، ونصف اصوات النساء سيُدخل الى الكنيست ممثلات «ميرتس» فستتغير قواعد اللعبة السياسية في اسرائيل مرة والى الأبد، مصيرنا في أيدينا.

عن «هآرتس» 

* رئيسة المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان.