ثمة ذعر لا يمكن انكاره في صفوف «حملة الليكود الدعائية». لقد نزل رئيس الحكومة، أول من أمس، الى سوق «محنيه يهودا» سراً. في السابق كان أمر كهذا يعتبر احتفالا اعلاميا بالنسبة لبيبي و»الليكود»، حيث إن «محنيه يهودا» هو النواة الصلبة وقاعدة القواعد. بيبي ملك اسرائيل. الامر لم يعد كما كان، فاليوم يصلون الى هناك سراً، ويخافون الاتيان بوسائل الاعلام الحرة، ويتجولون بسرعة ويتصورون ويعطون الفرصة لميري ريغف لتصرخ قليلا، ويدفعون (نقدا!) بدل الاسبرسو ويهربون قبل أن تحدث أضرار. بعد ذلك، كالعادة، يلفقون قصة مفبركة للتغطية (بتوصية من جهاز الامن العام لم يقوموا بدعوة وسائل الإعلام)، وبعد نصف ساعة يتبين أن القصة كالعادة ليس لها أساس. الأساس أن بيبي كان في سوق «محنيه يهودا» وعاد بسلام. المرة الاخيرة التي كان فيها هناك كانت في الحملة الانتخابية في العام 2009. فنتنياهو يحب السوق قبل الانتخابات.
لكن هذه ليست فقط جولة في السوق. رجال موشيه كحلون يتحدثون عن ضغط كبير غير محتمل مورس لاظهار الدعم لنتنياهو. هناك ايضا نغمة تهديد في هذا الضغط، لكن كحلون غير منفعل حقا، فالتهديدات تسبب له تأثيرا معاكسا. لو أراد اظهار الدعم لنتنياهو لكان قبل الوعود التي مُنحت له بحقيبة المالية، ولكان تنافس داخل «الليكود». لكن كحلون طُرد من «الليكود» على يد نتنياهو، وأقسم ألا يعود الى هناك طالما بيبي هناك. الآن نتنياهو مستعد للتعهد له بالعجائب كالعادة، لكنه لم ينهر.
ليس فقط أنه لم ينهر، بل إن زخمه آخذ في التصاعد. فلقاءاته الجماهيرية بدأت تُذكر بلقاءات يائير لابيد الذي حرق الارض منذ اليوم الاول وجمع الآلاف. من وصل الى لقاءات كحلون في الاسابيع الاخيرة رأى مئات الاشخاص واحيانا أكثر من ألف، اغلبيتهم ليكوديون خاب أملهم. الاحد الماضي، في حولون جلب كحلون 1050 شخصا للاجتماع، وبقي 250 في الخارج. بعد بضعة ايام جاء نتنياهو الى لقاء في فرع «الليكود» في حولون وقد حضر اللقاء عشرات المشاركين فقط. «الليكود» لا ينظم لنتنياهو لقاءات مفتوحة لئلا يُهان، فهم يفضلون اللقاءات البيتية المتواضعة. من السهل جدا ملء شقة بدلا من قاعة أفراح. على الارض يتم التصويت بالأقدام وارضية «الليكود» تبدو الآن سيئة جدا. ما المدهش في ذلك؟ الارض لا يتم تمويلها، والفروع مُهملة واعضاء الكنيست والوزراء يُقصون من الحملة (ومن الميزانيات)، ويتم تجميعهم بسرعة فقط عندما يُراد منهم الدفاع عن نتنياهو في الاذاعة والتلفاز.
بنحاس عيدان، الرئيس القادر على كل شيء في لجنة العاملين في سلطة الطيران، عمل، أول من أمس، لنتنياهو مدرسة. بعد أن نجحت لجنة الصناعات الكيميائية في تركيع نتنياهو واجباره على الاعلان أنه سيتدخل في موضوع الاقالات (هكذا تم منع ظهور رئيس اللجنة في لقاء جماهيري ضد بيبي في تل ابيب في منتهى السبت)، وصلت الرسالة الفاخرة لـ»الليكود» التي ربطت فيها عمال الموانئ وسلطة البث بـ»مخربي حماس». نشر عيدان، أول من أمس، رسالة رسمية شديدة موجهة ضد نتنياهو تتضمن تهديدا بأن العاملين الليكوديين في اغلبيتهم لن يصوتوا لـ»الليكود». في أعقاب هذه الرسالة استُدعي بسرعة البرق الى مقابلة مصالحة مع نتنياهو. نتنياهو «تحمل المسؤولية» عن الرسالة التي تم بثها (رغم أن يعلون قال إنه «لم يعرف عنها»)، وقد اعتذر وطلب من عيدان انهاء المشكلة والاعلان أنه سيدعم «الليكود».
بعد وقت قصير صعد عيدان في بث مباشر في «راديو بدون توقف» وقال لآريه الدار ولي بأنه «ما زال لا يعرف» اذا كان سيصوت لـ»الليكود» أم لا. قبل كل شيء قال إنه يجب أن يهدأ. بالمناسبة، عيدان هو رقم 36 في قائمة «الليكود» للكنيست. اذا كان المرشحون في قائمة «الليكود» للكنيست ما زالوا يفكرون هل سيصوتون لها أم لا، فإن ذعر نتنياهو له ما يبرره. يمكن أنه حتى موعد الانتخابات سيهدأ عيدان. أما نتنياهو؟ يبدو أنه لن يهدأ.
الموضوع الاخير هو الاستطلاعات. هذه الانتخابات من شأنها أن تكون الاكثر مفاجأة وغير المتوقعة في تاريخنا. لقد تعودنا على حقيقة أن نحو ثمانية مقاعد تبرز في يوم الانتخابات وتذهب الى اتجاه مفاجئ (المتقاعدون في 2006، ليفني في 2009 ولابيد في 2013). حقيقة احصائية اخرى هي أنه في الحملات الاربع الانتخابية فقد بيبي عددا غير قليل من المقاعد في الاسبوع الاخير. صحيح أنه حتى اليوم تعطيه الاستطلاعات تأخرا بسيطا (بين مقعد الى مقعدين عن هرتسوغ)، لكن هناك ايضا استطلاعات اخرى معمقة ومُركزة أكثر. لقد شاهدت اثنين كهذه في الايام الاخيرة. أحدهما تم تحليله من واحد من أفضل المستطلعين في العالم وقد أعطى لنتنياهو 19 مقعدا في يوم الانتخابات. يبدو أن نتنياهو يعرف هذه الارقام ويخشى من أن يصطدم بها قريبا.
عن «معاريف»