قبل عملية هروب اسري (جلبوع) الستة عبر نفق الحرية وقبل تمكن قوات الاحتلال من القاء القبض عليهم احياء واعادتهم الي التحقيق في علمية كانت إسرائيل في حاجة اليها لترمم سمعة منظومتها الأمنية التي باتت مسخرة التقارير الإعلامية المكتوبة والمصورة ,الملاحظ ان معظم مدن الضفة الغربية تعيش حالة اشتباك يومي مع الاحتلال الإسرائيلي علي كافة نقاط التماس وكانت المقاومة الشعبية في معظم ارجاء الضفة قد اخذت صورة بانورامية عريضة لتجسد حقيقة وضارية لا يستهان بأحداثها لكنها تركزت في بيتا واحياء العاصمة القدس , بطن الهوي والشيخ جراح وجبل العالم وحاجز حوارة في نابلس وحاجز الجملة بجنين والخليل ومحيط كافة المستوطنات , كثير من المراقبين قالو اننا امام تغيير كبير في العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية وباتت المؤسستين الأمنية والعسكرية توصف الضفة الغربية "بالجبهة المتفجرة" حتي ان الخبراء الأمنيين اوصوا بان تتعامل الأجهزة الأمنية مع هذا المشهد بحذر شديد.
منذ فترة واسرائيل يساورها القلق الشديد من تنامي اعمال المقاومة الفلسطينية بأشكالها المسلحة والمقاومة الشعبية في الضفة الغربية في صورة انتفاضة تزداد وتيرتها يوما بعد اخر وبدت هذه المقاومة تشكل تحدي لأمن إسرائيل كما تدعي , اعتقد ان إسرائيل لا تريد الانتظار حتي تتفجر انتفاضة بالضفة تدفع فيها إسرائيل ثمن احتلالها العسكري ولعل النصف الثاني من هذا العام بدا يشهد تزايد في الهجمات الفلسطينية علي المستوطنين وجنود الاحتلال في محاور عدة , مؤخرا بدا ظهور فلسطيني مسلح لافت لفصائل المقاومة الوطنية اعتبرت إسرائيل هذا بمثابة جرس انزار يحتم عليها القيام بعمل عسكري ما بالضفة الغربية لكن اولوياتها كان تبريد جبهة غزة عبر السماح بإعادة اعمار غزة دون ربطها بحصولها علي اسراها وجثث قتلاها لدي المقاومة الفلسطينية. إسرائيل هيئت الأجواء علي الجبهة الجنوبية واختارت الوقت المناسب بالذات بعد خطاب الرئيس أبو مازن بالأمم المتحدة كرد عملي لدعوة الرئيس العالم بتوفير الحماية للفلسطينيين الذين يرزحون تحت الاحتلال العسكري الغاشم ولتقول للعالم ان الفلسطينيين هم من يهددوا إسرائيل بتكوينهم خلايا مسلحة تنطلق من الضفة لتهدد امن الإسرائيليين ولتقول انها هي من تتحكم في الشأن الأمني بالضفة الغربية وان السلطة الفلسطينية ليس لها أي سيادة امنية وسياسية علي الضفة الغربية ورسالة اختبار بالبعد الاخر لحركة حماس في غزة لتعرف إسرائيل ما اذا كانت التسهيلات التي قدمتها إسرائيل لها من أموال قطرية والموافقة علي إعادة اعمار قطاع غزة قد ضمن الا ترد المقاومة في غزة علي أي عمليات بالضفة الغربية وبالتالي تنجح إسرائيل في إرساء معادلة تفتيت الجبهات الفلسطينية التي توحدت أبان معركة سيف القدس مايو الماضي .
علي ما يبدوا ان إسرائيل الان في خضم عملية عسكرية تعتبرها قيصرية تتدحرج مع الأيام لإحباط تكون مزيد من خلايا فلسطينية مسلحة من جديد في مدن الضفة الغربية تعرقل نشاط الاحتلال هناك وتضرب مشروع اسرائيل الأمني والاستيطاني في مقتل وفي ذات الوقت تشكل تهديد عملي لوحدات جيش الاحتلال عند اقتحام المدن الفلسطينية لاعتقال نشطاء فلسطينيين يناهضوا المحتل الإسرائيلي تحت مسمي المطاردة الساخنة التي لا يسمح بها الفلسطينيين باي شكل من الاشكال. اعتقد ان إسرائيل الان في بداية عملياتها العسكرية التي خصصت لها قوات خاصة من وحدات مختلفة للوصول الي النشطاء والمسلحين الفلسطينيين , نتوقع ان تزداد حدة اقتحامات إسرائيل للمدن الفلسطينية بالأيام القادمة وخاصة جنين ومخيمها الذي يعتبر قلعة مسلحة تخشي إسرائيل الدخول اليها . بالأمس ارتكبت مجزرة في بلدة برقين في مدينة جنين وبلدة بدو غرب القدس واعدمت خمس شبان فلسطينيين تقول انهم إرهابيين كما وصفهم (افيف كوخافي) رئيس اركان جيش الاحتلال وادعي انهم كانوا يجهزوا لتنفيذ عمليات عسكرية داخل مدن إسرائيل , واليوم اقتحمت إسرائيل بقوات معززة نابلس لمرافقة مئات من المستوطنين ودارت اشتباكات كبيرة مع المقاومين الفلسطينيين الذين اطلقوا النار علي وحدات جيش الاحتلال مما اضطر قوات الاحتلال لإجلاء 12 حافلة للمستوطنين والخروج من محيط قبر يوسف بنابلس وفي كلتا العمليين لم تكن الأمور سهله امام الاحتلال الإسرائيلي فقد أوقع المقاومين جرحي في صفوف قواته الخاصة وخاصة وحدة (دفدفان) التي يقول عنها الاحتلال انها وحدة النخبة ,لذلك فانا اعتقد ان إسرائيل واجهت مقاومة شرسة خلال العملين ما يوفر لدينا مؤشرات ان أي عمليات اقتحام لمدن الضفة الغربية من الان فصاعدا ستكون مكلفة الثمن وهذا يجعلنا نتوقع ان تستخدم إسرائيل قوات كبيرة في اقتحام المدن الفلسطينيين لذات الأهداف في أي عمليات مستقبلية.
لا يبدوا ان إسرائيل ستتراجع عن هذه العملية العسكرية تحت أي ضغط إقليمي او دولي لأنها امام فرصة تحاول فيها ترميم منظومة الردع لأجهزتها الأمنية وقواتها التنفيذية العاملة في الضفة الغربية التي تآكلت خلال الفترة الأخيرة بفعل اشتداد المقاومة الشعبية وتعدد اشكالها، لا يبدوا ان إسرائيل يمكن ان تقبل بمزيد من الانتظار وتغاضي السلطة الفلسطينية عن التعامل بجدية مع الخلايا المسلحة التابعة لفصائل المقاومة، بل اعتقد انها أصبحت تتعرض وتطلق النار على أجهزة السلطة الأمنية في كثير من الأحيان. ما بات متوقعا مع كل هذه المعطيات ان تدفع اسرائيل بمزيد من التشكيلات الأمنية والعسكرية الي مناطق السلطة وقد تبكر اسرائيل في ضرب وتصفية الوجود المسلح للفصائل التي تعمل تحت امرة قيادة وطنية موحدة خوفا من تطور الفكرة وتسمح بولادة قيادة موحدة ومشتركة لكل اطر العمل المقاوم في الضفة الغربية.