تغيير قواعد الاشتباك مع "الطغمة الإرهابية" بات "أم الخيارات"!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 كل الرهانات التي انتظرتها بعض الأطراف الفلسطينية بعد سقوط "الثنائي" نتنياهو وترامب، وبالتالي اعتقادهم انتهاء مرحلة الصفقة الأمريكية، ذهبت مع ريح مواقف "البديلين"، بايدن وبينيت، بل ربما أن "البديل الإسرائيلي" هو أكثر رداءة سياسية من الساقط نتنياهو.

لم يعد الأمر يحتاج الى المزيد من "الانتظار على قارعة الطريق السياسي"، عل الإدارتين في واشنطن وتل أبيب تنظران بعين الرضا للطرف الفلسطيني الرسمي، بل أن السلوك الرسمي الفلسطيني هو المستهجن، خاصة بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة والإشارات التي تحدث عنها، ومنها "إنذار العام" لفك الارتباط مع دولة العدو وسلطات الاحتلال.

وجاء خطاب بينيت في الأمم المتحدة ليعلن، دون أي التباس" ان القضية الفلسطينية خارج "نطاقه العقلي"، ولم يتطرق طوال تلك الخطبة الفارغة الى لفظ كلمة فلسطين، ما أثار سخرية كلية من الإعلام العبري وبعض مكونات سياسية إسرائيلية أسمهوها مباراة (25 إيران صفر فلسطين)، فيما الإدارة الأمريكية أصدرت ما يمنح "الطغمة الإرهابية الحاكمة" في تل أبيب سندا وغطاءا بعد إعلانها عدم وجود "حل سياسي" للقضية الفلسطينية والصراع في المنطقة في القريب.

وترافقت سياسة دولة الكيان بحملات تصعيد بكل الأشكال في الضفة الغربية والقدس، لفرض بعض "حقائق" تتوافق مع "رؤية الطغمة الإرهابية" السياسية، بتغييب "المقابل الفلسطيني"، ما يعني عدم البحث عن طريق نهاية الصراع، وخيار التغييب العام للطرف الفلسطيني، سابقة أولى منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) 1993، ف استخفاف مطلق لم يجرؤ عليه الإرهابي نتنياهو وقبله مجرم الحرب شارون.

رؤية الطغمة الإرهابية، ترتكز على "تعزيز الانقسام" و"سلطة حماس" في قطاع غزة، بكل السبل الممكنة، كي تواصل خيارها لـ "صناعة البديل التاريخي"، مقابل شن حرب متعددة الرؤوس على السلطة والمنظمة والوضع الميداني في الضفة الغربية، باعتبارها "أرض المعركة" بين مشروعين، المشروع الوطني الفلسطيني مع المشروع التوراتي التهويدي.

منذ خطاب الرئيس عباس، و"إنذار العام"، بكل ما أحدثه من "ضجيج"، لم يتم الذهاب الى رسم ملامح فك الارتباط، او تغيير قواعد الاشتباك السياسي – الميداني مع دولة الإرهاب وأجهزة الاحتلال، رغم أن كل ما جاء بعد الخطاب يستدعي فورا الذهاب الى رسم تلك الملامح، والتي لم تعد خيارا من خيارات، بل هي "أم الخيارات الوطنية" كي يتم محاصرة الخيار الاحتلالي وذيوله التي قد تتسرب من بين "أنفاق الانتظار".

وتقدم الطغمة الإرهابية كل "مبررات" خريطة التغيير العام، في ظرف مناسب جدا لتعديل المسار التقليدي في المواجهة التي غابت كثير من عناصرها، والاكتفاء باستخدام جزئيات منها، وهو ما لم ينتج أي آثار فارضة على دولة الإرهاب في تل ابيب.

تغيير قواعد الاشتباك السياسي – الميداني، لا يحتاج التفكير والتنقيب، فما يحدث يوميا من "إهانة سياسية" للممثل الشرعي ولشخص الرئيس عباس وصلت الى أن يراه سفير دولة الكيان، شخصا غير مقبول من 80% من شعبه، وطالبه بالرحيل، تفرض "إلزاما" كسر صندوق الرهان الأسود، ونهاية لكل الحالة الانتظارية، والبدء في شن حالة هجومية، خاصة وأن الطغمة الإرهابية الحاكمة تمثل أقلية سياسية بالمعني العملي، ودون دعم الإسلامويين من جماعة منصور عباس لن تبقى ساعة، ما يدخل الكيان في أزمة سياسية خانقة.

الى جانب عناصر فك الارتباط التي أقرتها المؤسسات الرسمية، من تعليق الاعتراف المتبادل والبدء بفرض دولة فلسطين بديلا، وتطوير آلية العلاقات الوطنية الداخلية وصناعة القرار، الى محاصر الحضور الاحتلالي داخل الضفة والقدس بطرق مستحدثة، الى الكف كليا عن أي تنسيق أمني مع سلطات الاحتلال، وحصر أشكال التنسيق المدني فيما هو ضرورة بالحد الأدنىـ وتصعيد حركة المقاطعة بشكل شمولي، واعتبار المتجاوزين جزء من أدوات خدمة المحتلين، وفتح كل مسارات الاتصال مع القوى داخل الكيان الرافضة لاستمرار احتلال الأرض الفلسطينية.

العودة لتفعيل "المؤسسة الوطنية" هو مفتاح "أم الخيارات"، وبات الإقلاع عن مبدأ "التسكين السياسي" نقطة الإقلاع نحو مرحلة فرض قواعد اشتباك جديدة، تعيد الاعتبار للوطنية الفلسطينية، التي أصيبت بـ حالة "جذاميه سياسية" طوال السنوات الماضية.

خطاب الرئيس عباس و"إنذار العام" قد يزول فعله بأسرع مما تعتقد المؤسسة الرسمية، ما لم تبدأ حركة الانطلاق لرسم قواعد العمل العام لمواجهة "التهويدية المستحدثة".

ملاحظة: جيد أن تبدأ حركة حماس اعتبار أن أمريكا وإسرائيل لا تريدان "حل سياسي"..خطوة نحو "جديد سياسي"..ولكن هل "التحديث" وعيا أم خيارا بديلا..الأمر رهن بسلوكها نحو الممثل الشرعي وليس غيره!