هآرتس – لا يمكن القاء كل اللوم على الشرطة

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي 

 

” لا يمكن القاء كل اللوم على الشرطة. فهناك عوامل عدا عن الشرطة تتحمل المسؤولية عن الجريمة في الوسط العربي، مثل الضائقة التي يعاني منها العرب  “.

يوجد شيء ما غير منطقي في القاء كل اللوم عن العنف في المجتمع العربي على الشرطة؛ ايضا يوجد شيء ما مريح وجبان ومضلل في ذلك. اذا كانت الشرطة هي التي تتحمل كل ذلك فعندها المجتمع لا يتحمل أي وزر، سواء المجتمع اليهودي الذي كان يجب عليه أن يتحمل مشاعر الذنب الثقيلة التي يصعب حملها تجاه ما تبقى من اللاجئين الذين بقوا هنا والتي تعتبر الجريمة جزءا من ندبها، أو المجتمع العربي الذي يتحمل القليل من المسؤولية عن سلوك ابنائه. 

لكن من يحبون القانون والنظام يريدون فقط المزيد من رجال الشرطة وجنود حرس الحدود والوحدة الخاصة في الشرطة والوحدة السرية في الشرطة، وبالطبع الشباك. بكلمات اخرى، اعادة الحكم العسكري في شوارع الطيبة. عندها سيأتي الهدوء والرقابة على العرب ستكون مثلما كانت ذات يوم، اذا اصبح مدراء المدارس مرة اخرى عملاء للشباك فنحن سنحل المشكلة.

ليس بالصدفة أن اليمين بالذات هو الذي يقف على رأس جبهة القلق مما يحدث في المجتمع العربي. فها هي فرصة اخرى للاثقال عليهم واستخدام القوة ضدهم والاعتقال والتجسس والاصابة والقتل حتى، مثلما هي الحال في المناطق، بذريعة القلق على أمنهم. ولكن ليس أمن العرب هو الذي يقف نصب أعين من يدعون لذلك. اكثر من أي شيء آخر هم يريدون رسم العرب كما يشاؤون: متعطشون للدماء، حيوانات، يقتلون بعضهم البعض، وفي الغد ايضا سيقتلوننا. الرد على ذلك هو بالطبع استخدام القوة فقط.

“يجب على جميع الاجهزة المشاركة في علاج الموضوع من كل جوانبه”، وعد مصدر في حاشية رئيس الحكومة في واشنطن. مشاركة جميع الاجهزة تعني فقط القوة.  الطاقم الوزاري الذي في معظمه من اليهود، الذي سيعالج الموضوع، يشارك فيه ممثلون عن الشباك وحرس الحدود ووزارة الامن الداخلي. هم يعرفون كيفية التعامل مع العرب، وهم الوحيدون الذين يفهمون العرب. فهل سيضعفون الجريمة؟ ربما. هل سيحلون أي شيء؟ لا. بمناسبة الاحتفال بالقتيل المئة، الذي سيجري اليوم أو في الغد، ربما سنتذكر ما الذي يدور الحديث عنه، وما الذي مر على عرب اسرائيل وما الذي يعانون منه منذ ذلك الحين كي نعرف من أين تنبع هذه الجريمة. أو أن هذا لا يهم. فقط ليجلسوا بهدوء وتكفي الكراهية الذاتية، والقول بأننا غير مشاركين في ذلك. 

لكن أيدينا مشاركة في ذلك منذ مئة سنة بدون توقف. جريمة الاقليات هي دائما وليدة ضائقة. ولكن ضائقة العرب في اسرائيل، عرب 1948 كما يقولون وعرب اسرائيل كما نقول نحن، اكثر عمقا. هم سكان البلاد الاصليين الذين تم طردهم منها. هم الاغلبية التي اصبحت اقلية رغم انفها. بعضهم كانوا نخبة اصبح ابناءها حطابين وهم ليسوا مهاجرين. مثلا ما هي يافا، على سبيل المثال، التي لا يوجد فيها يوم بدون اطلاق نار؟ القلب النابض للشعب الفلسطيني، التي اصبحت جرح نازف. في 1946 كان يعيش فيها حوالي 60 ألف عربي و30 ألف يهودي. فقط حوالي 3 آلاف مسلم بقوا فيها بعد الحرب. الاغلبية العربية فقدت الى الأبد. ومن الذي بقي؟ اضعف الضعفاء الذين لم يتمكنوا من الهرب ومعهم حفنة من اللاجئين الداخليين. عروس البحر اصبحت انقاض ومساكن فقر ومخيم للاجئين. يافا عاشت منذ ذلك الحين في صدمة. لا يمكن تجاهل هذه الصدمة عندما نتحدث عن الجريمة في يافا. 

ولكن الصدمة لم تنته، بل هي مستمرة حتى الآن. من استطاع اندفع الى الامام بصورة مؤثرة، بالاساس في السنوات الاخيرة. انتبهوا للبيانات التي نشرها هنا في هذا الاسبوع عودة بشارات: 46 في المئة من الاطباء الجدد في دولة اليهود هم عرب. ايضا 50 في المئة من الصيادلة. ولكن الى جانبهم هناك من يبنون بيوتنا ويشقون شوارعنا، والعمال السود على جوانب الطرق ومعهم العاطلون ومن لا مستقبل لهم في الغيتوات العربية التي يصعب الانطلاق من داخلها. حاول أن تكون عربي وتحصل على شقة في رمات رفيف. حاول أن تكون سائق حافلة عربي على خط يهودي. حاول أن تسير في متنزه وأن تتحدث بلغتهم. حاول أن تطير الى ايلات. احيانا هذا ينتهي بشكل جيد واحيانا لا. ولكن الغيمة دائما تحلق فوق رؤوسهم، لا يوجد لهم تقريبا أي يوم بدون اهانة.

هذا يولد الاحباط والضائقة، وفي النهاية الجريمة. نحن اليهود غير مذنبين في كل شيء. وبالطبع يجب أن تكون هناك شرطة تحارب الجريمة. ولكن بربك، الشرطة ليست كل شيء. الامر أبعد من ذلك بكثير.