أمريكا للرئيس عباس: تحسين مستوى "الحياة المعيشية" وليست "الحياة السياسية"

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي ضمن خطوطها العريضة بعد انتخابها، ان الشرق الأوسط (عدا إسرائيل) لا يمثل منطقة ضمن الاهتمامات التي تبحث حلولا لها، أو كيفية مواجهتها، ولولا حرب مايو 2021، والتي أربكت "الإدارة القادمة" بوزير خارجية يهودي، من "تطور غير محسوب"، لما وصل بلينكن الى المنطقة لأشهر أخرى.

وبدلا من أن تعيد حرب مايو للإدارة الأمريكية بعضا من "رشد ضل المسار"، ذهبت الى الطريق المعاكس للمتوقع السياسي، فأدارت ظهرها كليا للقضية الجوهرية، وكأنها وضعت "قواعد أمان" غير معلنة، بألا يذهب من ذهب الى فتح "مناطق اشتباك" ساخنة مقابل أشكال جديدة من "الترضية"، التي تمثل جدار حماية حصين من انحراف آخر يربكها، فوضعت أرجلها في "ماء بارد" بعدم تغيير حالة "الهدوء والتهدئة" في بقايا الوطن مع دولة الكيان.

ومع تلك "الثقة الآمنة"، بادرت الإدارة الأمريكية الى الإفصاح عن موقفها، بعدم إمكانية تقديم مبادرة سياسية في المدى المنظور، والذريعة أن الحكومة الإسرائيلية (حكومة الإرهاب السياسي) غير مستقرة، ولا تملك قدرة المضي قدما لذلك الخيار، مع فتح قناة تفاوض ثنائي.

الرسالة الأمريكية، لا تحمل كذبا فحسب، بل تضليلا صريحا جدا، من حيث مفهوم "استقرار الحكومة"، ومن باب الاستدلال لفضح تلك "المكذبة"، فقد قرر اسحق رابين رئيس حكومة الكيان التوقيع مع منظمة التحرير وزعيمها الخالد ياسر عرفات على اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) عام 1993، والذي رأته كل قوى اليمين واليمين المتطرف وقوى الإرهاب المنظم في إسرائيل، بأغلبية 61 بينهم نواب فلسطينيين في الكنيست.

الأمر ليس عدد النواب، بل أن غالبية حكومة الكيان القائمة هي جزء من "أعداء السلام" مع الفلسطيني، ولا تؤمن بوجوده كـ "شريك"، وتتجاهله بكل اللغات، بل وصلت الى حد السخرية الكاملة من الرئيس محمود عباس، وآخرها تصريحات الإرهابية إيليت شاكيد (الرجل القوي في الحكومة كما يلقبونها).

والمناورة الأخرى، التي تعمل لها إدارة بايدن بقيادة الوزير اليهودي بلينكن، بتمرير "مفاوضات ثنائية" لقطع الطريق على التمسك بعقد مؤتم دولي برعاية الرباعية الدولية، من جهة، وحصار أي خطوات رسمية فلسطينية نحو "فك الارتباط" مع دولة الكيان من جهة أخرى.

لم يعد هناك أي أسرار "غامضة" فيما تريد أمريكا، بحماية حكومة الإرهاب السياسي بقيادة "الثنائي ونصف"، أنها لا تبحث "حلا سياسيا للصراع" خلال زمن ما، ولكنها تعمل على حصار أي خرق لحالة "الهدوء العام"، في الضفة والقدس وقطاع غزة، وقطع الطريق على أي "دحرجة اشتباكية" بين الشعب الفلسطيني ودولة الكيان، من خلال تغذية حكم حماس في قطاع غزة بما تبحث عنه، مالا واقتصادا، وترهيب السلطة في الضفة والرئيس عباس أن مكانتها "قلقة جدا"، بل هناك من يمكنه أن يملئ الفراغ السياسي في حالة عدم "الانصياع"، وهو ينتظر "حلما" طال أمده وراثة وتوريثا.

موضوعيا وحتى ساعته، ورغم "همهمة" فتح والرئيس عباس، فالمشهد يبدو أنه يسير نحو "القبول" بالمعادلة الأمريكية، لعدم الذهاب لكسر "قواعد الاشتباك القائمة"...تهدئة مع قطاع غزة مدفوعة الأجر كاملا، وهدوء في الضفة مع بعض "تشويش ممكن" مقابل وعد بدفع الثمن.

شعار المرحلة الجديد والى زمن غير معلوم سيكون: "تحسين مستوى الحياة المعيشية" بديلا لـ "تحسين مستوى الحياة السياسية"...وسلاما لأهل "الجعجعة الثورية" جدا!

هل تحقق أمريكا هدفها أم يحدث ما ليس ضمن حسابات "الصندوق الأسود للبيت الأبيض"...تلك هي المسألة ...ذلك هو التحدي المنتظر؟!

ملاحظة: مشهد طابور عمال قطاع غزة أمام مقار الغرف التجارية انتظارا لتصريح عمل داخل الكيان، يكشف جوهر القادم الجديد..."المصاري" صارت جزء من أمل...وعذرا لك يا وطن!

تنويه خاص: دوما سيبقى نصر أكتوبر عام 1973 حاضرا...دروسه أغنى من مساره...وحكاوي "العبور الكبير" ستبقى حية في ذاكرة العربي حتى لو أصابها "عطب التطبيع"!