كشف قائد ذراع البرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي يوئيل ستريك، كواليس العدوان الأخير على قطاع غزة، ورفض الجيش لتنفيذ احتياج بري في القطاع، ردًا على سؤال حول الرأي السائد في "إسرائيل" عن تخوف جيش الاحتلال من استخدام القوات البرية وتنفيذ اجتياح بري في القطاع.
وذكر خلال مقابلة نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الجمعة: أن ذلك ليس صحيحًا، رغم الانتقادات الشديدة التي وُجهت في السنوات الماضية لهذه القوات وجهوزيتها، وخاصة من خلال تقارير مفوض شكاوى الجنود، يتسحاق بريك.
وقال ستريك "لم نوصِ باجتياحا بريا في حارس الأسوار لأن هذا كان غباء. ما هو المنطق في الدخول إلى القطاع خلال معركة تم التخطيط أن تستمر عدة أيام؟ وهذه كانت معركة في ظروف رائعة. وهم - المقاومة- لم ينجحوا بإلحاق اضرار بنا. ولأسفنا قُتل جندي بقذيفة مضادة للمدرعات. وقُتل مواطنون بقذائف صاروخية. لكن جرى اعتراض قذائف صاروخية بواسطة القبة الحديدية بنسبة 92%. وسيكون هذا غباء إذا أدخلنا قوة عسكرية إلى القطاع، وربما يسحب منك إنجازا لأن الأمور قد تتعقد اثناء احتكاك قريب مع العدو".
وتابع، إنه "لا يمكنك اجتياح أراضي عدو كي تثبت قدراتك أو كي ترفع المعنويات القومية. وتنفذ اجتياحا عندما تكون ملزما بذلك. وفي نهاية الأمر هناك السياق الإستراتيجي لأي معركة. والمقرر في ذلك هو الرغبة في تحقيق الأهداف الإستراتيجية. ويحظر أن ينشأ وضع نرهن فيه الإستراتيجية لصالح التكتيك. وسننفذ اجتياحا عندما يخدم ذلك أهداف الحرب".
وأضاف "لنفترض أن الدولة قررت أنه يجب القضاء على حماس في قطاع غزة بواسطة تدمير قوتها العسكرية. فهذا أمر لن يحدث من دون اجتياح. لكن عندما تتجه نحو معركة ردع، فإنك تركز على تجريد قدرات من العدو. وهذا ما فعلناه في العملية العسكرية الأخيرة ’حارس الأسوار’ في غزة" في أيار/مايو الماضي.
ونفى ستريك الاتهامات لجيش الاحتلال وكشف سبب عدم تنفيذ الجيش لاجتياح بري في غزة وقال "أنا أعرف غزة جيدا. ولا حاجة للمبالغة. فلا يوجد لواء في الجيش الإسرائيلي لا يفكك منطقة معينة إلى أشلاء إذا أنزلته فيها". رغم ذلك عبر ستريك عن ارتداع إسرائيلي. "السؤال هو بأي ثمن وبأي مدة. ومفهومنا كله مفاده: مدة قصيرة، ثمن منخفض نسبيا، إنجاز كبير بقدر الإمكان. والفكرة في ’تنوفا" (الخطة العسكرية المتعددة السنوات التي وضعها رئيس اركان الجيش الإسرائيلي افيف طكوخافي) هي بناء آلة حرب تسمح بذلك وتحقق إنجازات لا يمكن إنكارها. وبُني الاجتياح من أجل ذلك كلاعب مركز. وقد كان أداة فعالة جدا".
وقال، إن "السؤال هو ما الذي تريد تحقيقه. القضاء على رضوان (قوات الكوماندوز في حزب الله)؟ القضاء على النخبة (قوات كوماندوز في حماس)؟ ينبغي تنفيذ ذلك بشكل فتاك بحيث تجرد العدو من قدراته. ودعنا نرى حزب الله بعد أن يفقد ىلاف المقاتلين، مخزون الصواريخ، أنظمة إستراتيجية".
وتابع بالقول "الرواية التي تتعالى في وسائل الإعلام تدعي أنه لم تُنفذوا اجتياحا لأن بريك كان على حق، وأنتم تخافون من خسائر. لكن النقاش الدائر حول الاجتياح ليس مهنيا. وبُنيت قصة هنا على أساس نظرة أحادية الجانب. ومقولة أن بالإمكان الحسم بواسطة الاجتياح هو كلام سخيف. ليس صحيحا. سيحسم الحرب جميع الأمور معا. والمسألة هي متعددة الجوانب، وهذا ليس شعارا. وبحوزة الجيش الإسرائيلي صندوق أدوات: يستخدم مطرقة زنتها خمسة كيلوغرامات مرة، وكماشة مرة أخرى، ومفك صغير أحيانا. وهناك هدف إستراتيجي للمعركة. ويتم اختيار الأدوات وفقا لذلك".
وأشار إلى أنه "عندما تشن عملية عسكرية في غزة اليوم، عليك أن تفكر بتبعاته في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وفي لبنان وإيران. وعدونا لم يعد قوات كوماندوز للجيش السوري. وتعمل مقابلنا جيوش إرهابية. وبإمكانهم أن يعرقلوا أداء دولة إسرائيل بشكل خطير، بواسطة استهداف مكثف للجبهة الداخلية، لكن باستثناء النووي الإيراني لا يوجد هنا تهديد وجودي محتمل على الدولة".
وأفاد بأنه "في حرب يوم الغفران، قبل 48 عاما، كان السيف موضوعا على الرقبة. ومشاكلنا اليوم بحجم مختلف. وعندما نشن معركة ردع، يكون التركيز على تجريد من القدرات. وقسم كبير منها متعلق بالمعلومات الاستخباراتية، القدرة على رصد مكان تواجد العدو، فوق الأرض وتحتها، وقتله بوتيرة عالية".
وتابع ستريك إنه "ينبغي تنسيق التوقعات. ماذا سيحدث عندما يتقرر شن اجتياح داخل غزة؟ فالقضاء على حماس لن يكلف صفر إصابات. وإذا لم نكن مستعدين لدفع ثمن، لن يكون هناك إنجازات. ومطالب الجمهور منا لا تغضبني، لكنها تستوجب الإيضاح. وهناك صعوبة في تهيئة الرأي العام لمواجهة الواقع، وبضمن ذلك إمكانية إطلاق آلاف القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية".
وفيما يتعلق بعدم ثقة القيادة السياسية في دولة الاحتلال بقدرات القوات البرية، قال ستريك إنه "عندما يضع رئيس هيئة الأركان العامة بديل عملياتي أمام المستوى السياسي فإنه يتم بحثه جيدا. وفي العام 2018، عندما كنت قائد المنطقة الشمالية، نفذنا عملية ’درع شمالي’، الذي عثرنا خلالها ودمرنا ستة أنفاق حفرها حزب الله تحت الحدود مع لبنان. وأحضر رئيس أركان جيش الاحتلال غادي آيزنكوت، إلى اجتماع الحكومة رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية كي يطرح رأيا معاكسا حول الحاجة إلى العملية في الوقت نفسه".
يذكر أن جيش الاحتلال ادّعى خلال العدوان الأخير نيته شن عملية عسكرية برية على قطاع غزة، قبل أن يتبين أنها كانت "خطة لجر المقاومة إلى مناطق حدود غزة وقصفهم بالطائرات الحربية، وهو ما فشلت به قيادة الاحتلال". بحسب وسائل إعلام عبرية.